أعلنت نقابة عمال ومستخدمي مؤسسة «كهرباء لبنان» الاضراب لمدة ثلاثة ايام، اعتباراً من اليوم حتى بعد غد السبت، وذلك بعد اجتماعات عدة عقدتها مع مجلس إدارة المؤسسة ووزير الطاقة والمياه، فشلت فيها بالتوصل إلى تلبية مطلبها بترفيع الفئات السادسة والخامسة في الملاك قبل تثبيت عدد من العمال المياومين السابقين فيه؛ كما أعلنت النقابة عن مؤتمر صحافي تعقده اليوم، سيتناول بحسب مصدر في النقابة «الهجمة» التي يشنها «الكل» عليها، ويفضح بعض المعطيات المستورة.
جاءت الردود على دعوة النقابة سريعاً، فأصدر مديرو المؤسسة ورئيسَي مصلحة الديوان ولجنة الاستلام فيها بياناً لم يكتفِ بالطعن بالصفة التمثيلية للنقابة والتشكيك في «الأهداف الحقيقية» للإضراب وتوقيته، بل شهر أحد الأسلحة الكلاسيكية في وجه التحركات العمالية، وهي المادة63 من قانون عقود العمل الجماعية، داعياً مستخدمي المؤسسة لأن يتابعوا أعمالهم «على نحو طبيعي»؛ كما أعلن مستخدمو دائرة جونية استقالتهم الجماعية من النقابة، وأوعزت نقابة كهرباء قاديشا إلى منتسبيها تجاهل دعوة النقابة والتزام قرارات الإدارة، وسط حديث عن «انقسام حاد» في صفوف المستخدمين حول دعوة النقابة للاضراب.
تقول النقابة إنها تمتلك ما يكفي من الحجج لتبرير تحرّكها التصعيدي، ولا سيما في ظل المعلومات عن قرب التوصل الى «حل سياسي» لازمة العمّال المياومين، اذ تفيد المعلومات ان مجلس الخدمة المدنية سيدعو في هذا الاسبوع اللجنة المعنية لوضع الاسس لاجراء المباراة المحصورة بالمياومين وتعيين نحو 897 منهم في الفئات الرابعة وما دون.
في هذا السياق، قال مصدر من لجنة المياومين إن تطبيق مطلب نقابة «الكهرباء» يعني عملياً «حرمان حوالي 400 مياوم حمَلة الشهادات من حقهم الدخول إلى الفئة الرابعة من الملاك»، وأن المدير العام للمؤسسة كمال حايك أبلغ النقابة أن المراكز هذه مخصصة للمياومين السابقين!
مصادر معنية قالت ان هناك شكوكا حول توقيت تحرّك النقابة واهدافه، ولا سيما ان مجلس النقابة يخضع للزعامة السياسية نفسها التي تخضع لها لجنة المياومين، اي حركة امل، وبالتالي قد يكون هناك نيّة لانهاء احتلال المبنى المركزي لمؤسسة الكهرباء المتواصل من 3 اشهر، ولكن من دون تخفيف الضغوط من اجل تحقيق مكاسب لا تمت بصلة الى العمال والمستخدمين، «يُعتقد انها تتصل بالسعي الى اخذ حصة من عقود توريد الوقود الى معامل انتاج الكهرباء من خلال ادخال شركة ثالثة الى جانب شركة النفط الكويتية وسونطراك الجزائرية».
ترى هذه المصادر أن طلب النقابة إجراء الترفيع قبل تطبيق قانون تثبيت المياومين يعني عملياً «طلب إيقاف القانون (الرقم 287) الصادر عن المجلس النيابي، وأيضاً إجراءات تطبيقه في مجلس الخدمة المدنية»، مؤكدة أن ذلك غير ممكن عملياً، ومستغربةً عدم رفع النقابة طلبها هذا في نيسان الماضي، حين صدر القانون المذكور، أو حتى في آب الماضي حين أصدرت المؤسسة المذكرة ذات الصلة.
وشن مديرو المؤسسة ورئيسَا مصلحة الديوان ولجنة الاستلام فيها في بيان هجوما على النقابة، مشيرين إلى ان الدعوة إلى الإضراب «صدرت عن بعض أعضاء مجلس النقابة المنتهية ولاية نصف أعضائه»، مشيرين إلى أن النقابة «لم تدعُ إلى انتخاب أعضاء جدد وفقا لنظام إنشائها»، وأن الدعوة للإضراب صادرة عن «جهة ليست ذات صفة»، الا ان بيان المديرين استخدم التهديد «المرفوض» بالاقتصاص من الداعين للاضراب لكونهم يرتكبون «مخالفة» للمادة63 من قانون عقود العمل الجماعية، التي تنص على أنه «يكون غير شرعي كل توقف عن العمل من قبل الأجراء قبل مرحلة الوساطة وأثناءها وأثناء مرحلة التحكيم، وأن التوقف غير الشرعي عن العمل من قبل الأجراء يفقدهم كل حق في قبض أجورهم عن مدة التوقف عن العمل». المعروف ان هذه المادة تُستخدم عادة لتقييد النضال العمالي، وللحدّ من قدرة النقابات واللجان العمالية على ممارسة الضغوط من اجل تحقيق المطالب.
استغرب المديرون في بيانهم التوقيت الذي اختارته النقابة لرفع مطلبها، في ظرف «لا يمكن تحقيقه إلا بعد انهاء احتلال مباني المؤسسة»، وفيما تسعى الأخيرة لتأمين المداخيل من خلال إصدار فواتير التوتر المتوسط والمنخفض من معمل الذوق الحراري. وفي ظل هذه الاجواء، سُربت معلومات عن استقالة مستخدمي دائرة جونية من النقابة، رداً على ما وصفوه بالدعوة «المشبوهة»! وقال مستخدمو دائرة جونية في رسالة استقالتهم «مرت حوالى 3 أشهر على إقفال مؤسستنا، ولم نلمس منكم أية مواقف جدية ومشرفة، سوى بعض البيانات الخجولة وغير القابلة للتنفيذ».