ديفيد أوكلي
الخوف في الأسواق آخذ في الارتفاع. مؤشر فيكس، والمعروف أيضاً باسم مقياس الخوف، الذي يكشف حقيقة تقلب الأسعار في المستقبل، ارتفع إلى أعلى مستوى منذ ثمانية أشهر الأسبوع الماضي، وفي الوقت الذي تصاعدت فيه المخاوف حول النمو الاقتصادي، وحول الكيفية التي ستتكيف الأسواق في عالم ليس فيه تحفيز من البنوك المركزية.
للوهلة الأولى، يبدو هذا مزعجاً لمديري الأصول. التقلب يخلق عدم اليقين، والذي يمكن أن يؤدي إلى حلقة مفرغة من تهافت المستثمرين على البيع خشية هبوط الأسعار، والذي بدوره يشعل المزيد من عدم اليقين ومزيد من عمليات البيع خشية هبوط الأسعار.
وقد شاهدنا ذلك في منتصف عام 2013 ثم في بداية هذا العام في الأسواق الناشئة، مع توجه المستثمرين إلى “عاصفة الانسحاب التدريجي” بسبب المخاوف بشأن نهاية التيسير الكمي.
عند تدقيق النظر، تبين أن ارتفاع التقلب قد يكون أمرا جيدا بالنسبة لأعمال الاستثمار. طالما أنه لا يصل إلى مستويات متطرفة، فإنه يفتح المزيد من الفرص لمديري الصناديق النشطة.
النقطة الأولى التي يجب تقديمها هي أن التقلب كان منخفضا للغاية على مدى العامين الماضيين. وقد كان مؤشر فيكس، الذي يقيس ضمنيا أو يتوقع حدوث تقلبات خلال الـ 30 يوما المقبلة بناء على تحركات مؤشر ستاندارد آند بورز 500، عند متوسط سعر يومي يبلغ 14 نقطة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2012.
وهو أقل من المتوسط طويل الأجل على مدى العشر أو 20 سنة الماضية الذي بلغ نحو 20 نقطة، وهي نقطة أعلى مستوى بلغها مؤشر فيكس منذ ثمانية أشهر الأسبوع الماضي، وإن كان لا يزال يدور حول نطاق المتوسط على المدى الطويل.
يمكن للمستويات المنخفضة من التقلبات أن تجعل من الصعب كسب المال، كما يقول بعض مديري الأصول، كما توفر الأسواق الثابتة في السعر فرص ربحية أقل وأضيق للشراء عند أقل سعر والبيع عند أعلى سعر.
هذا قد يفسر لماذا رحب بعض المستثمرين باضطرابات الأسبوع الماضي، حيث ضربت أزمة إيبولا أسهم شركات الطيران، في حين أثارت البيانات الضعيفة في أوروبا علامات استفهام حول النمو، وأشارت محاضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى زيادة الحذر بشأن رفع أسعار الفائدة.
انخفاض أسهم شركات الطيران مثل إيزي جيت وIAG، الشركة الأم لشركة الخطوط الجوية البريطانية وآيبيريا، يمكن أن يقدم فرصة للشراء. بعض المستثمرين يعتقدون أن السوق تبالغ في رد فعلها إزاء المخاوف من أن الناس سوف تتوقف عن السفر لأنهم يخشون الإصابة.
المزيد من التقلب يخلق أيضاً احتمالات في كل من الأسهم والدخل الثابت لكسب ما يسمى محفزات الأداء باستخدام الخيارات والمشتقات. هذا هو المكان الذي استحدث فيه مدير صندوق منصبه في هذه الأسواق الصناعية، على رأس مقتنياته الكامنة في الأسهم النقدية أو السندات النقدية لتحفيز أو دفع أداء الصندوق.
وفي الأسهم، ربما يعني هذا بيع عقود خيار الشراء أو وضع الخيار على الأسهم، ما يؤدي إلى الرهان على أن الحصة لا ترتفع أو تنخفض فوق أو تحت سعر معين، وهو سعر معروف باسم سعر التنفيذ.
في سوق متقلبة، يمكن للمدير كسب الكثير من المال بما أن التقلبات الأكثر حدة تقدم فرصة لكسب علاوات أعلى. إذا كانت أسعار السوق ثابتة، عندها سيكون من الصعب جداً زيادة العوائد من خلال هذه حوافز الخيار والمشتقات هذه.
وفي مجال الدخل الثابت، فإن المراهنات على ارتفاع التقلب يمكن الدخول فيها في أسواق التأمين على تقلبات أسعار الفائدة، من خلال عقود التأمين على السندات، أو استخدام خيارات العملات الأجنبية، باستخدام أوامر البيع والشراء بطريقة مماثلة لما يباشره مستثمر الأسهم.
مرة أخرى، السوق الثابتة توفر مجالاً أقل للرهانات الفائزة.
بطبيعة الحال، إدارة الأصول هي لعبة صفرية، يربح فيه طرف على حساب خسارة الطرف الآخر. بعض مديري الصناديق سيتخذون الخيارات الصحيحة يتبنون استراتيجيات فائزة، في حين أن آخرين سيتخذون خيارات خاطئة ويتبنون استراتيجيات خاسرة.
هذا يبرز بالتأكيد الجوانب الإيجابية الكامنة للمستثمرين الأذكياء في سوق ربما يتبين أنها ليست حميدة إلى حد كبير وأنها أقل قابلية للتنبؤ، حالما يُسحب الدعم المقدم من البنوك المركزية.
مايكل دوجلاس، حين لعب دور المستثمر المغامر جودون جيكو في فيلم “وول ستريت” في 1997، اشتهر بعبارة “الجشع أمر جيد”.
ربما كان يجدر به أن يقول “الخوف أمر جيد”. رغم أنه يغلب على ارتفاع المخاوف والتقلب أن يسيرا جنبا إلى جنب مع ارتفاع المخاطر، فإن بعض مديري الأصول سيرحبون بهذا في سبيل اصطياد عوائد دسمة.