Site icon IMLebanon

شفافية الصناديق السيادية بالخليج تحت الضوء

GulfCurrencies
محمد أفزاز

تباينت آراء عدد من الخبراء بشأن دعوات الالتزام بقواعد الإفصاح المالي والشفافية من قبل الصناديق السيادية وبخاصة الخليجية منها. فبينما أكد البعض حتمية ذلك لما له من دور في الرفع من مستوى كفاءتها وأدائها، عبر آخرون عن خشيتهم من أن تشكل هذه الدعوات مطية لخدمة أجندات سياسية للدول الكبرى.

يأتي ذلك في وقت كشف تقرير حديث لمجموعة “جيو إيكونوميكا” -شركة أبحاث مستقلة تتخذ من جنيف السويسرية مقرا لها- أن غالبية صناديق الثروة السيادية الكبرى في العالم تفتقر إلى الشفافية والحوكمة، خاصة الخليجية منها.

وفي هذا الصدد أكد الخبير الاقتصادي قاسم محمد قاسم أن عددا من المسؤولين بالصناديق السيادية في دول الخليج ودول أخرى عبر العالم لا يزالون مقتنعين بأنه لا حاجة للتقيد بقواعد الإفصاح المالي والشفافية ما دامت هذه الصناديق غير مرتبطة بهيئة عامة للمساهمين تستوجب ذلك، مثلما هو الأمر بالنسبة للشركات المساهمة المدرجة بالأسواق المالية.

وقال للجزيرة نت إنه رغم أن مبادئ الإفصاح والشفافية تكتسي أهمية بالغة في مجالات الاستثمار والمالية، فإن عددا من القائمين على الصناديق السيادية لا يبدو أنهم حريصون على الالتزام بها.

ورجح أن يكون هذا الأمر مرده بالأساس إلى كون بعض الاستثمارات التي تنفذها هذه الصناديق تأخذ طابعا سياسيا في إطار دعم ومساعدة البلدان.

وعبر عن قناعته بأنه حتى إذا كانت هذه الاستثمارات ذات جدوى سياسية فإنه يتوجب الإفصاح عنها وإدراجها ضمن باب المساعدات الإنسانية والدعم التنموي للبلدان ذات الاحتياج.

ولفت إلى أن قضايا الإفصاح المالي أضحت أمرا مهما بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وزادت درجة أهميتها في أعقاب الأزمة المالية العالمية التي تفجرت في 2008 لعلاقة ذلك بجهود محاربة الفساد وتبييض الأموال وتجذير ثقافة الحوكمة بالمؤسسات، مؤكدا على الدور الذي قد تكون لعبته هبات الربيع العربي في تكريس الوعي بضرورة الرفع من مستوى الشفافية أمام الشعوب.

وفي هذا السياق بدا قاسم محمد قاسم مقتنعا بأن الالتزام بقواعد الإفصاح والشفافية سيصبح قناعة لدى المسؤولين عن الصناديق السيادية الخليجية وغير الخليجية في غضون ثلاث إلى خمس سنوات.
خلفيات سياسية
أما الخبير الاقتصادي نجيب عبد الله الشامسي فشكك في الخلفيات التي تقف وراء إصدار عدد من المؤسسات تقارير تقيم الأوضاع المالية والاقتصادية لدول العالم النامي وبخاصة الدول التي تتوفر على فوائض مالية وصناديق سيادية.

وأكد للجزيرة نت أن الكثير من هذه التقارير تخدم أجندات سياسية للدول الصناعية الكبرى ضمن ما وصفه بالابتزاز السياسي والضغط الاقتصادي على الدول التي تتطلع لكي تصبح منافسة في المستقبل.

وقال إن عددا من المؤسسات التي ترفع شعارات الحوكمة والشفافية في وجه الصناديق السيادية والبنوك المركزية للدول التي لا تنتمي للاقتصاديات الكبرى هي نفسها تخدم أهدافا غير شفافة.

واتهم بعضا منها بالسعي نحو امتلاك بيانات وإحصاءات عن استثمارات الدول السيادية ومحاولة تسريبها لدول أخرى.

ورأى أنه يبقى من حق الدول الخليجية ذات الفوائض المالية ودول أخرى مشابهة لها أن تحافظ على سرية أرصدتها المالية واستثماراتها الخارجية، باعتبار ذلك حقا سياديا لها يخدم أهداف التخطيط لمستقبل أجيالها.
رفع الكفاءة
من جهته شدد المحلل المالي نضال الخولي على ضرورة الالتزام بمبادئ الإفصاح والشفافية في أي عمل ذي طبيعة مالية واستثمارية.

وأكد في حديثه للجزيرة نت ضعف مستوى تبني هذه المبادئ في العديد من الصناديق السيادية عبر العالم بما فيها الصناديق الخليجية.

ورأى أن الإفصاح الدقيق والكشف المفصل عن نوعية الصفقات والاستثمارات شيء غير مطلوب للحماية من المنافسين، بيد أن هناك حدا أدنى لابد من الالتزام به لمصلحة عمل هذه الصناديق نفسها ومستقبل أدائها.

وذهب إلى أنه لا مبرر للخوف من وقوع تسريبات للبيانات والإحصاءات لجهة أخرى بما يهدد مصالح الصناديق السيادية، لأن الدول الكبرى على علم بهذه البيانات بالنظر إلى أن هذه الصناديق تضع جزءا من استثماراتها في هذه الدول.

واستدرك الخولي بالقول إنه ربما يتوجب التحفظ عن كشف البيانات عندما يتعلق الأمر بالتكتم على الصفقات إلى حين توقيعها خشية دخول منافسين على الخط.

وعبر عن قناعته بأن الصناديق السيادية الخليجية أضحت تتجه نحو تعزيز مبادئ الشفافية والحوكمة لما لهذا الأمر من دور فعال في الرفع من مستويات الكفاءة والأداء للمسيرين والمؤسسات على حد سواء.

جدير بالذكر أن مؤسسة إس دبليو أف (SWF Institute) أعلنت مؤخرا أن حجم الأصول التي تديرها الصناديق السيادية الخليجية بلغت نحو 2.2 تريليون دولار.