IMLebanon

مع التقشف الألماني واقتراب اقتصاد اليورو من الانكماش…الشركات تخلت عن كنز السيولة

FinancialTimes
جون بلندر

هل يقترب عصر كنز السيولة في الشركات من نهايته؟ بالتأكيد نهاية ذلك أمر مأمول بشدة. إذا قررت الشركات الأمريكية تقليص السيولة لزيادة استثمار رأس المال، وبالتالي قيادة انتعاش أكثر قوة، يمكن الشعور بالفائدة في جميع أنحاء العالم. والاقتصاد العالمي سيستفيد بالمثل، إذا كان بخلاء الشركات من اليابان والصين يساعدون في تقليل جبال آسيا من المدخرات الفائضة.

إذا أردنا أن تكون هناك حركة في هذا الاتجاه، فإن نقطة البداية المحتملة هي الولايات المتحدة. وفقا لدراسة جديدة لأمناء صناديق الشركات المساهمة أجرتها جمعية المحترفين الماليين، بدأت الشركات الأمريكية بالفعل بتقليص الأرصدة النقدية للمرة الأولى منذ الركود. هذا ينسجم مع الأدلة الموجودة في الحسابات القومية. وتظهر بيانات مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن قطاع الشركات غير المالية الأمريكية انتقل من كونه مصدرا صافيا لإقراض بقية الاقتصاد ـ بحدود ما قيمته 500 مليار دولار تقريبا في ذروة عام 2009 ـ إلى كونه مقترضا صافيا متواضعا في النصف الأول من هذا العام.

والعائق هو أن هذه الثقة لا تظهر في الاستثمار الثابت الخاص غير السكني الذي يرجح الاقتصاديون في الاحتياطي الفيدرالي أنه ارتفع بمعدل سنوي يبلغ فقط نحو 4 في المائة في عامي 2012 و2013. وصافي الاستثمار بعد الاستهلاك كنسبة مئوية من رأس المال يبقى خافتا، ويحوم بالقرب من 1.5 في المائة سنويا.

من الناحية العملية يتم تحويل الحيوية والنشاط في قطاع الشركات إلى إعادة شراء الأسهم. ومثل هذه الهندسة المالية تخفض عدد الأسهم المصدرة وتعزز ربحية السهم بشكل مصطنع. وبالنسبة للتنفيذيين الذين ترتبط مكافآتهم وحزم حوافزهم بربحية الأسهم، هذا يحقق العجائب على الأجر الشامل. أما بالنسبة للمساهمين فقد يكون مسألة أخرى.

ولأن قيم الأسهم مرتفعة تاريخيا، من غير المرجح لهذا أن يشكل تخصيصا فعالا لرأس المال. ويعكس ذلك فراغا في الملكية. وفي الشهور الـ 12 المقبلة سنكتشف كيف سيكون مقدار الضرر الناشئ عن هذا بالنسبة للاقتصاد الحقيقي، إذا استمرت الشركات المدرجة في البورصة في الاستثمار بفتور في المعدات.

في اليابان، أيضا، ضعف حوكمة الشركات يلعب دورا في كنز السيولة لديها. ومع الحد الأدنى من المساءلة أمام المساهمين، تتشبث الشركات بشكل طبيعي بالسيولة. وشكلت البيئة الانكماشية أيضا رادعا أمام زيادة ما هو أصلا مستوى عال من استثمار الشركات نسبة إلى الولايات المتحدة. وعلى المستوى الإقليمي أدخلت حكومة شينزو آبي إصلاحات إدارية تهدف إلى تشجيع الشركات على رفع نسب المدفوعات. إلا أن الجانب الاقتصادي الكلي من الإصلاحات سيفوق بكثير الإصلاح الإداري بسبب وجود خطأ في تشخيص المشاكل الاقتصادية في اليابان.

في المحور الأساسي، تهديد الانكماش في اليابان ناتج من نقص في الاستهلاك. فائض مدخرات قطاع الشركات – التدفق النقدي الذي يفوق بكثير الاستثمار – يعد جزءا من ذلك. الشركات ببساطة تأخذ الكثير من الدخل القومي. ومع ذلك، تمثل تأثير انخفاض قيمة الين في نقل الدخل من قطاع الأسر إلى قطاع الشركات. ولمنع ضريبة الاستهلاك العالي من إضعاف الطلب المحلي، خفضت الحكومة أيضا ضريبة الشركات ووزعت الحوافز الاستثمارية على الأعمال، في حين تقوم برفع الإنفاق العام. مرة أخرى التدفقات تسير بطريقة خاطئة.

آفاق التغيير في الصين قد تكون أفضل. في الجهود الرامية إلى التحول من معدل استثمار لا يقل كثيرا عن 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى أنموذج اقتصادي أكثر توجها نحو الاستهلاك، سيتم تشجيع الشركات الصينية المملوكة للدولة على دفع الكثير من أموالها. إلا أن السؤال المثير للاهتمام هنا هو ما إذا كان الأثر الإيجابي لتقليل كنز النقد، على الصعيد العالمي، سيقابله ادخار مفرط في منطقة اليورو.

ميزان الحساب الجاري الإيجابي في منطقة اليورو يبلغ الآن 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وبما أن الفائض يمثل ما هو زائد من الادخار على الاستثمار، فإن منطقة اليورو تقوم بامتصاص الطلب من الاقتصاد العالمي. ونتيجة للتقشف المالي الذي تقوده ألمانيا بات اقتصاد منطقة اليورو على حافة الانكماش.

وفي حين يعكف البنك المركزي الأوروبي على شراء الأصول في محاولة منه لتخفيف السياسة النقدية، يظل من غير الواضح ما إذا كان يستطيع فعل ذلك على نطاق كاف وفي الوقت المناسب بما يكفي لمنع سيكولوجية الانكماش من أن تحل في الأنفس.

مع تصاعد التوترات المالية والخلافات بين البلدان الدائنة والمدينة حول أي تحرك محتمل من جانب البنك المركزي الأوروبي لإحداث التسهيل الكمي، تظهر منطقة اليورو وكأنها وصلت إلى لحظة حاسمة. لقد فشلت السياسة الحالية. الأمر يحتاج إلى نهج جديد للتغلب على المشكلة.