IMLebanon

المستثمرون يواجهون تداعيات نهاية سياسة المال السهل

FinancialTimes
مايكل ماكينزي

كل حفلة كبيرة مصيرها النهاية، وفي أواخر الأسبوع الماضي اتخذ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خطوة كبيرة بإشارته إلى أن الأوقات الجيدة للمستثمرين باتت محدودة.

على مدى ست سنوات ظلت الأسواق تعتمد على إبقاء الاحتياطي الفيدرالي سياسة “طبق الحلوى” لديه تفيض بأسعار الفائدة المنخفضة للغاية وشراء السندات، بغية تعزيز الروح المغامرة النشطة وإشعال الاقتصاد.

الآن طبق الحلوى أخذ في النضوب. ليس هذا فحسب، بل يمكن أيضا أن يتم أخذه بعيدا بعدما ألمح البنك المركزي الأسبوع الماضي رسميا إلى وقت انتهاء التسهيل الكمي وأشار إلى كيف أن تحسن سوق العمل يبشر بتشديد سياسة أسعار الفائدة في العام المقبل.

وكل ذلك يثير احتمال حدوث تقلبات متزايدة في السوق في الوقت الذي يركز فيه المستثمرون أكثر على العوامل الأساسية للأسهم والسندات والدولار الأمريكي، خصوصا أن السيولة من البنك المركزي لم تعد الآن تدعم جميع أسعار الأصول.

ويقول ديفيد إدر، الاستراتيجي في سي آر تي كابيتال،”يجب على الأسواق أن تقف على قدميها”. ويرى تاد ريفيل، كبير إداريي الاستثمار في تي سي دبليو، أن أسواق رأس المال ظلت تدار لفترة طويلة في ظل اعتقاد بأن البنك المركزي سوف يقدم دائما حاجزا وقائيا.

ويضيف: “هذه وسيلة خطيرة جدا للاستثمار على المدى الطويل”، مشيرا إلى أن أسعار الأصول تواجه فترة إعادة تسعير الآن بعدما انتهى عصر التسهيل الكمي.

لقد ساعدت بالتأكيد عمليات الشراء الواسعة النطاق لسندات الخزانة وسندات القروض العقارية، التي استهدفت تنشيط الاقتصاد، في رفع أسعار أصول الأسهم والائتمان والعقارات. وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وحده بنسبة 230 في المائة، بما في ذلك إعادة استثمار الأرباح، منذ آذار (مارس) 2009، في حين تبقى علاوة المخاطر على السندات الخطرة منخفضة جدا.

لكن من حيث الاقتصاد، فقد اختلطت الصورة. وهذا يعكس كيف انتهت مشتريات الاحتياطي الفيدرالي الواسعة من السندات في الوقت الذي فاضت فيه الاحتياطيات لدى المصارف، التي لم تستخدم بالضرورة المال لتمويل القروض والاستثمارات في مختلف قطاعات الاقتصاد، وبالتالي تحفيز الطلب وإثارة التضخم.

وفي الوقت الذي ينتهي فيه عصر التسهيلات الكمية، فإن آفاق الاقتصاد تظل غير واضحة. وتعكس أجزاء مختلفة من السوق اختلافا كبيرا في الرأي بين المستثمرين. ففي حين لا تزال أسواق الأسهم والسندات الخطرة عند مستويات غنية وتنتظر الدعم في شكل نمو أقوى، تبقى عوائد سندات الخزانة الأمريكية منخفضة – ما يشير إلى وعورة مسيرة الاقتصاد ويجعله يبدو ضعيفا على خلفية تباطؤ النشاط العالمي.

ويقول إدر: “لقد قمنا بتشغيل مسار التسهيل الكمي وقد تشعر الغرائز النشطة أن الأمل والسيولة التي يقدمها بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف تقل”. ويضيف: “رغم جميع جهود بنك الاحتياطي الفيدرالي، لم يصل الاقتصاد إلى سرعة الانطلاق، وبالتأكيد انخفاض مستوى عوائد سندات الخزانة يعكس الشكوك بشأن التوقعات”.

وانتشرت أخبار نهاية المشتريات الكبيرة من السندات بصورة جيدة، مع انخفاض مطرد في الشراء منذ كانون الثاني (يناير)، ما يجعل الأسواق مركزة على الموعد الذي سيقوم فيه البنك المركزي في النهاية برفع سعر الفائدة الأساسي لليلة واحدة، والذي استقر قرب الصفر منذ كانون الأول (ديسمبر) لعام 2008.

ألان راسكين، الخبير الاستراتيجي في دويتشه بانك، يقول إن التقلب سوف يبين طول المدة التي سيبقى فيها سعر الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي عالقا قريبا من الصفر. ويضيف: “إن أداء الأسواق سيكون متوقفا على ما إذا كان رفع سعر الفائدة سيحدث بسرعة نسبيا بعد انتهاء التسهيل الكمي، أو سيأتي بعد فترة طويلة من الزمن. إذا اعتبرنا أن تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يحدث إلا بعد عام آخر على الأقل، سوف يتم احتواء تقلبات السوق”.

وبالنسبة للوقت الحاضر فقد تم إخماد احتمال حدوث ارتفاع في أسعار الفائدة في النصف الأول من عام 2015، مع تسعير سوق السندات بارتفاع متواضع في نهاية العام المقبل. ويأتي هذا بعد موجة مذهلة من التقلب في منتصف تشرين الأول (أكتوبر)، وهو أمر يعكس تصفية كبيرة لرهانات قائمة على رفع أسعار الفائدة خلال فترة تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات مقبلة.

وأي انتعاش في النشاط الاقتصادي وبوادر حول تحول التضخم إلى أعلى سيؤديان إلى جولة جديدة من الرهانات حول ارتفاع أسعار الفائدة عام 2015. وفي الأسبوع الماضي دفع بيان السياسة المتفائل من لاحتياطي الفيدرالي الأسواق قليلا في هذا الاتجاه. لكن المستثمرين لا يزالون ينتظرون ليروا ما إذا كان يوجد لدى الاقتصاد ساقان أصلا في غياب التسهيل الكمي، بينما الانتعاش في الأسهم والسندات الخطرة منذ منتصف تشرين الأول (أكتوبر) يعتبر دلالة على مراهنة المستثمرين على بقاء رفع الفائدة خارج النقاش لبعض الوقت.

وعلاوة على ذلك، فإن الرسالة من العائد الذي تبلغ نسبته 2.3 في المائة على سندات الخزانة لأجل 10 أعوام هي أن أي دورة مقبلة لارتفاع معدل الفائدة قد تكون محدودة من حيث الحجم مقارنة بفترات سابقة، وبالتالي يمكن الحد من التداعيات في الأسواق.

ريك ريدر، كبير إداريي الاستثمار في الدخل الثابت في بلاك روك، يقول: “يشجعنا أن نرى بنك الاحتياطي الفيدرالي بدأ الاعتراف بأن الوقت قد حان لشيء يشبه المزيد من الأسعار العادية، لكن في حين أننا نعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي يمكنه أن يبتعد عن الصفر الآن، فإن وتيرة التطبيع، والوجهة النهائية لأسعار الفائدة، من المرجح أن تكون أبطأ وأقل مما كانت عليه في الدورات المرتفعة الماضية”.

بالمقابل، فإن انخفاض أسعار الطاقة وتراجع التضخم، جنبا إلى جنب مع مكاسب متواضعة في الأجور، يمكن أن يعمل على إبقاء عائدات السندات طويلة الأجل عند مستويات منخفضة ويقلل من احتمال ارتفاع الفائدة خلال عام 2015.

ورغم كل المخاوف حول تطلع الاحتياطي الفيدرالي الآن إلى إنهاء سياسة أسعار الفائدة القريبة من الصفر، فإن رد فعل سلبيا من السوق يمكن أن يجبر صانعي السياسات على التراجع. ويقول ريفيل: “يحاول مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض التجاوزات في أسواق الائتمان، وإذا كان رد الفعل سلبيا جدا، فمن المرجح أن يبقي أسعار الفائدة منخفضة لمدة أطول، وهي سياسة في حد ذاتها تحمل مخاطر كبيرة”.