أوضح تقرير صادر عن شركة “كوليرز انترناشيونال” إلى وجود فجوة حالياً في القدرة على تحمّل التكاليف ضمن قطاع الإسكان في إمارة دبي. وكشف التقرير عن غياب التطابق بين مستويات الطلب والعرض بشكل مناسب على عقارات الطبقة المتوسطة.
من جابنه، صرح المدير الإقليمي في شركة “كوليرز انترناشيونال” إيان ألـبرت “عندما نتحـدّث عن المساكن ذات الأسعار المعقولة في دبي، فإننا لا نقصد هنا مساكن ذوي الدخل المحدود، بل التي يمكن لأسرة ما تحمّـل تكاليفها بما يتــناسب مع مستويات الدخل.
ويعني هذا في سوق دبي تلك العقارات الخاصة بالطبقة المتوسطة التي تناسب شريحة الشباب من العائلات العاملة أو المهنــيّــين. ونتيجة للنمو الأخير في أسعــار الإيجارات والبيع في دبي، أصبح هذا القطاع من السوق متاحاً فقط في مدن مجاورة مثـل الشارقة وعجمان، حيث تتوفر خيارات أكثر لهذه الفئة.
ولا يُشكّـل هذا مجرد فرصة ضائعة للمطوّرين العقاريين في دبي، الذين يجب أن يطمحوا نحو اغتنام هذه السوق الهائلة من خلال بناء مجمّعات سكنية بأسعار معقولة تلبي احتياجات تلك الفئة، لكنها أيضاً تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد، حيث تنخفض مستويات الإنتاجية عندما تعاني نسبة كبيرة من القوى العاملة بسبب قطع مسافات طويلة وصولاً لأماكن عملهم أو للعودة إلى منازلهم”.
وكشفت الدراسة أن 50% من العائلات في دبي تتقاضى رواتب شهرية تتراوح ما بين 9,000 – 15,000 درهم إماراتي. ووفقاً للمعايير المقبولة دولياً لما يمكن لعائلة ما أن “تتحمّل” لإنفاقه على السكن كل شهر، فإن الدفعات المُخصّصة للإيجار أو للقرض العقاري تُحدّد بحوالي 32,000 – 54,000 سنوياً.
وبالرغم من حجم السوق، أشارت دراسة “كوليرز انترناشيونال” إلى أن السوق لا تفتقر إلى المساكن بمستوى الأسعار هذه فحسب، بل تفتقر إلى المساكن المناسبة، حيث تضطرّ العائلات في سياق هذا الدخل المحدّد للسكن في شقق ستوديو أو غرفة نوم واحدة بمناطق انترناشيونال سيتي، وديرة، والقصيص، والنهدة.
ويضيف آلبرت: “بالرغم من تباطؤ معدل النمو في سوق الـمبيعات، إلا أن متوسط الوحدات السكنية بغرفتين أو ثلاث غرف نوم في دبي ما زال بعيداً كل البعد عن إمكانيات العديد من العائلات العاملة. وفي حين لم يعد التملّــك خياراً متاحاً، تضطرّ هذه العائلات للتوجه إلى سوق الإيجارات، حيث لا تزال الأسعار فيه مرتفعة أيضاً. ويشكّل هذا المناخ تحدياً كبيراً لإمارة دبي، خاصة أن تكاليف العيش وتأسيس عائلة أصبح أمراً لا يمكن تحمّله لعائلة متواضعة؛ ففي أحسن الحالات ستبحث هذه العائلات عن السكن والمدراس في إمارة مجاورة، وفي أسوأ الظروف سيبحثون عن بلدان أكثر جاذبية وملاءمة في منطقة الخليج العربي، أو حتى في مناطق أخرى أبعد من ذلك”.
ويُبيّن التقرير بالتفصيل المكاسب الحقيقية والكبيرة التي يمكن اغتنامها من خلال تطوير مجمّعات مناسبة ومعقولة كجزء من بناء اقتصاد مجزّأ، حيث تساهم فيه كل فئة للدخل في تحقيق التنمية الشاملة، والارتقاء بالسوق العقارية فيه. كما يؤكّد التقرير أنه متى ما تم تطوير هذا الجانب بفعالية، يمكن للمساكن ذات الأسعار المعقولة أن تحقّق عوائد عالية ومجزية للمستثمرين؛ فالارتفاعات الكبيرة في الإيجارات في عدد من المواقع ذات الأسعار المعقولة بإمارة دبي، وأيضاً في المرافق المجتمعية مثل الرعاية الصحية والخدمات الترفيهية، يمكنها زيادة العوائد الإجمالية للمطوّرين ضمن مشروع سكني للطبقة المتوسطة.
ويختتم آلبرت قائلاً: “إن الحصول على مساكن ذات أسعار معقولة ليست مُشكلة تواجهها دبي فقط؛ فكل مدينة ضخمة في العالم تواجه تحديات مماثلة. إنها سوق تزخر بإمكانيات هائلة، ولكن لتحقيقها، من الضروري أن يتم تزويد المطورين بإمكانية الحصول على أراضي تمتاز بموقع جيّد وخدمات مناسبة. عندها فقط، سوف نرى سياسة خاصة بتطوير مساكن الطبقة المتوسطة، وما تجنيه ثمارها في دبي”.