Site icon IMLebanon

سوق السندات المعقدة الملتوية لا تخدم أحدا

FinancialTimes
ستيفن فولي

ارتفعت أسهم شركة فيرايزون أمس ـ أو أنها هبطت. أيا كان ما جرى، فإن المهم في الأمر هو أن من السهل علينا متابعة الموضوع. مجموعة الاتصالات الأمريكية لديها نوع واحد من الأسهم التي يتسارع سعرها على طول الجزء السفلي من شاشات القنوات الأخبارية الاقتصادية، أو تظهر بشكل مفاجئ عندما تحوم في مواضيع FT.com. يا ليت الأمر بهذه البساطة في متابعة سوق السندات.

الشركات تصدر عددا مذهلا من السندات المختلفة، بحيث من المستحيل تركيز الضوء نفسه على سوق الدخل الثابت كما في الأسهم.

في الماضي، على الرغم من تذمر مستثمري السندات، إلا أن العتمة حول الموضوع لم تكن مهمة للشركات نهائيا. لكن السوق تغيرت وأصبح ذلك مهما الآن.

هناك 7.7 تريليون دولار من سندات الشركات الصادرة في الولايات المتحدة وحدها، تقوم بتمويل الاستثمار في الأعمال والنمو الاقتصادي (وكذلك، في الآونة الأخيرة، إعادة شراء الأسهم التي تملأ أسواق الأسهم). إصلاح الخلل في السوق أمر حيوي. حان الوقت لإعادة التفكير جذريا في كيفية إصدار الشركات للسندات.

فيرايزون التي تحمل الرقم القياسي لمعظم الأموال التي جمعت في يوم واحد في سوق السندات، لديها أكثر من 70 نوعا من السندات في العالم. عندما باعت 49 مليار دولار من السندات في العام الماضي فعلت ذلك في ثماني شرائح، كل شريحة منها تمثل نوعا مختلفا من السندات، تدفع معدل فائدة مختلفا وتستحق في تاريخ مختلف.

في السوق الأسبوع الماضي، جمعت الشركة 6.5 مليار دولار أخرى من خلال سندات تستحق بعد سبع سنوات و10 سنوات و20 سنة. مع أن فيرايزون تعد واحدة من أكثر جهات الإصدار تحفظا.

جنرال إلكتريك، التي تعد أسهمها من بين الأكثر تداولا على نطاق واسع في الولايات المتحدة، لديها أكثر من 900 نوع من السندات الصادرة. ولدى المصارف ما هو أكثر حتى من ذلك: كان لدى سيتي جروب 1865 نوعا منفصلا عندما أحصاها باركليز في نيسان (أبريل).

النتيجة الحتمية هي أن التداول في أي نوع واحد من السندات يعد ضعيفا جدا، خاصة تلك التي بيعت قبل أكثر من سنة.

في أحسن الأحوال، ليس من السهل العثور على مستثمر آخر يريد أن يشتري بالضبط نوع السندات التي تريد أن تبيعها. إذا كانت نهاية التسهيل الكمي تمثل بداية ارتفاع أسعار الفائدة، الأمر الذي يضر بأسعار السندات، عندئذ ستبرد علاقة الحب المستمرة منذ 30 عاما بين المستثمرين والدخل الثابت، ويمكن أن تصبح السوق غير قابلة للتنبؤ، بل وخطرة في الواقع. وتشعر الأجهزة المنظمة بالقلق إزاء المخاطر النظامية المحتملة في حال هبوط الأسعار الحاد في أسواق السندات غير السائلة التي تؤدي إلى خسائر كبيرة للمستثمرين.

المطلوب هو أن تصبح سندات الشركات موحدة ومعيارية بحيث يكون هناك عدد أقل منها يتم تداوله على نحو أكثر تواترا. ذلك هو المبدأ الذي اعتمده أكبر مصدر للسندات في العالم – وزارة الخزانة الأمريكية، التي تبيع في المزاد العلني سندات جديدة بناء على جدول زمني صارم، التي تعد سنداتها لأجل 10 سنوات من الناحية العملية مؤشرا لسوق الدخل الثابت. سوق المشتقات المالية، التي غالبا ما توصف بأنها الغرب المتوحش للأسواق المالية، هي أيضا منظمة للغاية في أجزاء.

يجب على الشركات زيادة حجم كل إصدار من السندات الفردية لتعزيز السيولة في السوق الثانوية. ويجب عليها أن تعتمد مواعيد مشتركة لدفع الفوائد. ويجب عليها أن تصدر السندات استنادا إلى جدول زمني منتظم، ربما كل ثلاثة أشهر لأكبر الشركات المصدرة، حتى يتسنى لجميع السندات أن تستحق في المواعيد نفسها. وكلما كان من السهل على المستثمرين إجراء مقارنات لقياس الأرقام المتماثلة في الآجال نفسها لسنوات مختلفة، زاد استعدادهم للتداول.

ربما يسأل أمناء الخزانة في الشركات عن الفائدة التي تعود عليهم من ذلك. في الوقت الحالي يمدون أيديهم إلى السوق بشكل انتهازي، محاولين اختيار الوقت المناسب للإمساك بأقل تكاليف الاقتراض الممكنة. لكن الفائدة المقابلة التي ستعود عليهم هي أن السندات القياسية التي تعد قابلة للتداول بسهولة أكثر من قبل المستثمرين من المرجح أن تجذب المزيد من الطلب، الذي في حد ذاته من شأنه أن يخفض تكاليف الاقتراض للشركات. الحد من التعقيد يجب أن يخفض أيضا البحث وتكاليف الإدارة للمقترض ومستثمري السندات على حد سواء.
هناك بعض الاستعجال. قامت بنوك وول ستريت بشكل تقليدي بشراء سندات غير مرغوب فيها وبقيت عليها حتى يظهر أحد المشترين، لكن التعقل الذي جاء بعد الأزمة المالية – الكثير منه تم فرضه من قبل الأجهزة التنظيمية – يعني أنهم لا يلعبون هذا الدور بالقدر نفسه. لقد تقلص مخزون المصارف الأمريكية من سندات الشركات إلى مستويات عام 2002، على الرغم من أن السوق تضاعفت في الحجم منذ ذلك الحين.
بعضهم يحن إلى تلك الأيام التي كانت فيها السندات من اختصاص مستثمري “الشراء من أجل الاقتناء”، الذين يريدون الحصول على دخل سنوي، وبالنسبة لهم تعد سوق السيولة الثانوية غير مهمة.
لكن لا نستطيع تجاهل الصناديق المشتركة للدخل الثابت، وصناديق السندات المدرجة في البورصة، وغيرها من اللاعبين الجدد في السوق. ولا يريد أمناء الخزانة في الشركات أن تختفي هذه المصادر المحتملة من التمويل.

إن تحسين سيولة سوق السندات الآن هو البند رقم واحد على أجندة صناعة إدارة الأصول. هناك كثير من الأمل والرجاء في منصات التداول الإلكترونية. ومن المفترض أن تعمل هذه على تحسين شفافية الأسعار، لكنها لا تستطيع فعل الكثير بالنسبة للسيولة، فهي لا تستطيع أن تخلق الطلب من العدم.
في النهاية، لا بد أن تتغير سوق سندات الشركات، وليس فقط الطريقة التي يتم بها تداولها.