IMLebanon

كارثة قانون الإيجارات في لبنان

HousingMarket

ينعقد المجلس النيابي هذا الأسبوع ، في جلسة تشريعيّة، والوطن عرضة لمخاطر شتى تكاد تكون مقررة لمصيره كياناً وطنياَ ومجتمعاَ أهلياَ، وفي وقت يعاني فيه من الأزمات على أكثر من صعيد ، وبعضها ذو طبيعة كارثية، لأنه يهدد السلم الأهلي والأمن الاجتماعي للمواطنين. ويشكل قانون الإيجارات الأسود والإصرار على نفاذه بعد أقل من شهرين، احد أبرز تلك الأزمات.
ان القانون الأسود وبالنظر الى كونه لا يعالج أزمة السكن بقدر ما يزيد من تفاقمها، ولأنه ينظم أوسع عملية تهجير وتشريد لعشرات الألوف من المواطنين سنوياً، ويلغي حقوقاَ مكتسبة شكلت منذ عشرات السنين ضماناً للمستأجر وعائلته، ولأنه يتجاوز مبادئ الدستور والعدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون، فقد جرى الطعن به مرة من قبل رئيس الجمهورية السابق ومرتين من قبل النواب أمام المجلس الدستوري، الذي أصدر قراراً ألغى بموجبه مواد عديدة مخالفة للدستور، وضمّن قراره جملة توصيات في صيغة خارطة طريق حول حق السكن وقوته الدستورية استناداً الى الشرعة العالمية لحقوق الإنسان، والشروط التي يجب توافرها لضمان حصول جميع المواطنين على المسكن اللائق.
رغم ذلك، ما زال البعض يصرّ على نفاذ القانون، مما يشكل تجاهلاً لقرار المجلس الدستوري، واعتداءً على المجلس النيابي الذي يعود له وحده تقرير النفاذ أو عدمه، خاصة أمام ارتباك القضاء الذي جعل الاستنساب سبيلاً للتعامل مع قانون معطلا مواد أساسية منه، ومقررا مصير حوالي مليون مواطن ، في وقت نشر فيه وزير العدل نص مطالعة هيئة التشريع والاستشارات في وزارته، من أجل تبديد البلبلة السائدة والحد من المضاعفات السلبية على الاستقرار الاجتماعي، جراء السجال الدائر حول نفاذ القانون. وقد اتت المطالعة لتؤكد عدم إمكانية تطبيق القانون من المادة الثالتة الى المادة السابعة والثلاثين، في ما خص عقود الإيجارات العادية، مقابل تجاهل عقود ما كان يسمى أبنية فخمة هي مشمولة بالقانون الاستثنائي منذ اربعين عاماً بعد إلغاء القوانين الخاصة بها.
ان الإبقاء على القانون في وضعه الحالي، وعدم مبادرة المجلس النيابي الى سحب القانون من التداول، يشكلان مولّداً للنزاعات والتوتر بين المالكين والمستأجرين، ومصدر خوف وقلق اجتماعي لدى عائلات المستأجرين، من دون أن يكون لديهم أية أجوبة حول سكنهم وحقهم به وإمكانية حصولهم عليه ، كيف وأين ومتى، فيما هم مهددون بالتشرد والتهجير، في موازاة قضاء عاجزعن تحديد توجه موحّد للتعامل مع مسلسل من عشرات آلاف الدعاوى التي ستلقى بوجهه، الأمر الذي سينجم عنه أحكام متعارضة ومتناقضة لا تؤمن المساواة بين المواطنين، مما يعرض سمعة وهيبة القضاء والقضاة الى امتحان عسير هما بغنى عنه.
على ذلك، ومنعاً من الكارثة الوطنية والاجتماعية والإنسانية، وقطعاً للطريق أمام ردود أفعال لا يمكن التكهن بطبيعتها ومخاطرها السلبية، تصدر عن مواطنين معرضين لفقدان المسكن الذي يؤوي عائلاتهم بموجب القانون، أو بموجب أحكام جائرة وغير مبررة يمكن ان تصدر عن القضاء، فإن المجلس النيابي مطالب جدّياً، في جلسته التشريعية القادمة، واستناداً الى مسؤولياته الوطنية والدستورية والقانونية، للمبادرة الى استعادة القانون المبتور، وسحبه من سوق السجال والابتزاز والتهويل، والتحريض الرخيص الذي يمارس بحق المستأجرين من قبل بعض الناطقين باسم المالكين، والمباشرة بدرس وإقرار خطط سكنية، تستند الى توصيات المجلس الدستوري المتعلقة بحق السكن وشروط تأمينه للمواطنين، ومن ضمنها إقرار قانون عادل ومتوازن للإيجارات القديمة يحفظ الحقوق المكتسبة للمستأجر في السكن والتعويضات ويرفع الغبن عن المالك، الى جانب تعديل قانون التعاقد الحر وجعل مدة العقد خمس سنوات قابلة للتجديد وفق نسب زيادات محددة.