مع تسلم الحكومة لمطالب خاطفي العسكريين التي نقلها الموفد القطري أحمد الخطيب، فإن رحلة الألف الميل في هذه القضية قد بدأت، بالنظر إلى تعقيدات هذا الملف الكثيرة التي لا توحي بكثير تفاؤل بإمكانية الوصول إلى خاتمة سعيدة في وقت قريب، على أهمية الخطوة التي تحققت من خلال تسيلم «النصرة» و«داعش» لائحة تتضمن شروطهما للإفراج عن العسكريين، مع إقرار أوساط سياسية متابعة للملف بأن جانباً من هذه الشروط يمكن وصفه بأنه تعجيزي لا يبدو أن الاستجابة له ستكون أمراً متيسراً، وإن كانت المفاوضات التي ستجري ستخضع للأخذ والرد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الخاطفين عمدوا إلى رفع سقف مطالبهم من خلال الشروط التي تقدموا بها، بهدف الضغط على الحكومة للتجاوب مع القسم الأكبر من هذه الشروط التي تتضمن أسماء لكبار الموقوفين المتهمين بعدد من الجرائم الإرهابية التي حصلت في لبنان ومنهم عمر الأطرش وعماد جمعة.
وتقول في هذا السياق مصادر وزارية في خلية الأزمة الخاصة بالعسكريين لـ«اللواء»، إن الحكومة ستدرس بتأنٍ كبير الشروط التي حملها الموفد القطري من الخاطفين وستأخذ وقتها في بحث هذا الموضوع من جميع جوانبه، لأن أي قرار بهذا الشأن يتطلب موافقة الوزراء الـ24، مع الإشارة هنا إلى أن الآراء الحكومية بالنسبة لقضية العسكريين، وتحديداً في ما يتصل بقضية المفاوضات ليست على نفس الموجة، ما يشير إلى أن الأمور لن تكون بالسهولة التي يتصورها البعض، مبدية استغرابها لخطوة «النصرة» التي كشفت عن مطالبها أمام الرأي العام، في وقت ينبغي أن تكون هذه المطالب سرية لضمان نجاح عملية التفاوض.
وتشدد المصادر على أن مطالبة الخاطفين بإطلاق سراح سجينات في السجون السورية، يشكل عامل تعقيد إضافياً، في ظل التطورات الأخيرة التي حصلت، مع أن عملية إطلاق سراح مخطوفي أعزاز وراهبات معلولا شهدت في جانب منها الإفراج عن سجينات من السجون السورية، إلا أن الموقف السوري هذه المرة قد لا يكون متجاوباً مع أي طلب لبناني في هذا الصدد، مؤكدة على أن الأولوية لدى الحكومة كانت وما زالت السعي إلى الإفراج عن العسكريين وإن تتطلب الكثير من الوقت، لأن المفاوضات ستكون شاقة وصعبة مع جهات إرهابية لا تقف مطالبها عند حدود معينة، وهذا ما على أهالي العسكريين تفهمه وأخذه بعين الاعتبار، وبالتالي عليهم ألا يتوقعوا أن الإفراج عن أبنائهم سيكون سريعاً، لأن مسألة التفاوض لا زالت في بداياتها.
واستناداً إلى معلومات المصادر الوزارية، فإن ملف العسكريين سيحط رحاله على طاولة الحكومة في الجلسة التي تعقدها الخميس المقبل بعد تسلمها مطالب الخاطفين، حيث ستجري مناقشة موسعة وإن كانت أولية لهذه المطالب، سيما وأن الوزراء سيدلون بدلوهم في هذا الموضوع، على أن يصار في الجلسات اللاحقة للحكومة، بعد الوقوف على الملفات القضائية للموقوفين التي يطالب الخاطفون بإطلاق سراحهم، إلى بلورة موقف مشترك للرد به على مطالب «النصرة» و«داعش».
ولا تستبعد المصادر أن تطلب الحكومة تدخل «حزب الله» لدى النظام السوري لأخذ موافقته على الإفراج عن عدد من السجينات السوريات، في حال أفضت عملية التفاوض إلى قبول الجانب اللبناني بمطالب الخاطفين إطلاق سراح عدد من السجينات في سجون النظام السوري، لكنها في المقابل، دعت إلى عدم استباق الأمور وانتظار الموقف الرسمي من مطالب الخاطفين لكي يُبنى على الشيء مقتضاه وبما يمكن الحكومة من التفاوض من موقع قوة وليس من موقع ضعف، لأن في ذلك مصلحة لها لضمان الإفراج عن الخاطفين.
وفي الإطار عينه، أعربت أوساط قريبة من أهالي العسكريين عن تفاؤلها بالتطورات الأخيرة التي حصلت في ما يتعلق بقضية العسكريين، داعية الحكومة إلى اتخاذ كل ما يساعد على الإفراج عن العسكريين وإن كان الثمن مرتفعاً، لأنه ما عاد ممكناً بقاء الوضع على ما هو عليه وأن يبقى الأهالي يعيشون ظروفاً إنسانية لا يمكن تحملها، حيث أن حياة أبنائهم مهددة في كل لحظة، ما يحتم على الحكومة اتخاذ القرار المناسب في إزالة هذا الحمل الجاثم على صدور الأهالي منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر.