أحيت الطائفة الشيعية في مناطق مختلفة من لبنان ذكرى عاشوراء، وسط تدابير أمنية مشددة، تميزت بتكفل قوى أمنية “ذاتية” تتبع حزب الله وحركة أمل، بمهمة الحماية والحراسة.
ووصلت هذه التدابير إلى ذروتها في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، التي منعت فيها السيارات من التجول بحرية منذ مساء الاثنين.
وكانت القوى الأمنية قد أعلنت عن إغلاق مداخل الضاحية الجنوبية أمام السيارات، منذ منتصف ليل الاثنين وحتى ظهر الثلاثاء، في سابقة هي الأولى من نوعها وسط مخاوف أمنية من تفجيرات انتقامية قد يقوم بها انتحاريون رداً على تدخل الحزب في سوريا.
هذه الإجراءات يتفهمها أهالي الضاحية ومناطق مختلفة من بيروت نظراً لدقة الوضع الأمني، إلا أن بعض التجاوزات أثارت استياء عدد من السكان، خاصة داخل المناطق المختلطة.
كما عادت مظاهر الأمن الذاتي، وبقوة، خلال الأيام التسعة التي سبقت عاشوراء تزامناً مع إقامة مجالس عزاء لإحياء الذكرى، وقد انتشرت حواجز مسلحة لعناصر من حزب الله وحركة أمل في صيدا أيضاً.
من جهته، عبر الناشط الاجتماعي، طارق أبو زينب، في مقابلة مع قناة “العربية”، عن استياء أهالي صيدا من بعض المظاهر التي وصفها بالاستفزازية، مضيفاً أن “ذكرى عاشوراء هي لكل المسلمين، سنة وشيعة، نتذكر فيها أحفاد رسول الله. لكن البعض حولها إلى ذكرى للاستفزاز والإزعاج. نحن نتمسك بالدولة اللبنانية وبالجيش اللبناني، ونريد من الدولة أن تقيم هذه الحواجز بدلاً من العناصر الحزبية. المنطقة المحيطة بمجمع فاطمة الزهراء تكاد تكون ثكنة عسكرية وسط قطع الطرقات المؤدية إليها وظهور العناصر المسلحة حولها”.
واستغرب أبو زينب وجود بعض السيارات في منطقة صيدا وقد استبدلت لوحاتها الرقمية بعبارات “يا حسين” و”يا زينب” و”حركة أمل”، قائلاً “إذا كانت هناك مخاوف أمنية يجب ألا تزال أرقام السيارات فكيف ندري ما إذا كان من بداخلها إرهابي سيفجر نفسه بالمارة أم مواطن عادي”؟!
كذلك لا تنطبق هذه الصورة على صيدا فقط، فالجولة في شوارع العاصمة بيروت مساءً لم تكن سهلة وسط الحواجز المتعددة تزامناً مع إحياء مجالس عاشوراء.
ويقوم العناصر المنتشرون على الحواجز بمنع الأهالي من سلك الطرقات المعهودة للوصول إلى منازلهم، ما يضطرهم إلى سلك طريق أطول للوصول إلى النقطة المحددة.
وأدت الإجراءات الأمنية في الضاحية الجنوبية إلى التسبب بزحمة سير خانقة وسط تعذر البعض من الوصول إلى الوجهة المحددة في الأماكن المحيطة بالمجالس الحسينية.
بالإضافة إلى ذلك، انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي، صوراً قيل إنها لعناصر من حركة أمل ظهروا بالسلاح في أحد شوارع بيروت خلال إحياء ليالي عاشوراء.
في هذا السياق، علل عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم، في اتصال مع “العربية “، سبب انتشار حواجز الأمن الذاتي قائلاً “نحن اليوم نمر بظروف استثنائية وغير طبيعية ونعلم خطورة الموضوع الأمني وحجم الحضور الأمني الذي تتطلبه المجالس العاشورية للحفاظ على أمن المشاركين في مجالس عاشوراء. ونعلم الظروف التي يمر فيها الجيش اللبناني والتي تحتم عليه مهام كبيرة في حماية لبنان من مخاطر إرهابية على الحدود وداخلها. هذا ما دفع أبناء المناطق للجوء إلى الأمن الذاتي لحماية الأهالي”. وختم هاشم بالقول “يجب ألا نحمل الأمور أكثر مما تتحمل لأن الظرف استثنائي”.
أما في منطقة زقاق البلاط في بيروت والمعروفة بولائها لحركة أمل، فقد قام بعض الشبان بقطع الطريق يوم الأحد، والذي يصادف عطلة نهاية الأسبوع في لبنان، بسيارة صدح منها صوت أناشيد دينية.
وبدلاً من أن يلتزم هؤلاء الشبان بالأماكن المخصصة لقراءة المجالس، قطعوا الطريق أمام السيارات عند الساعة الثالثة عصراً، وهو وقت لا تقطع فيه الطرقات عادة، فالإجراءات الأمنية تتخذ بدءاً من الساعة السابعة وحتى الساعة العاشرة ليلاً لأسباب أمنية كما يقولون وليس لبث الأناشيد الدينية.