Site icon IMLebanon

إعادة بناء الثقة بالمصارف الأوروبية مهمة تتطلب وقتا

MarioDragui2
مارتن أرنولد

ما مدى نجاح اختبارات الإجهاد ومراجعة جودة الأصول AQR التي تم تنفيذها على أكبر المصارف الأوروبية – وأحدثت ضجة كبيرة – قبل أكثر من أسبوع بقليل؟ الجواب يعتمد على طريقة تعريف النجاح. وإحدى الطرق المبسطة لقياس مثل هذا النجاح، هي ما إذا كانت النتائج قد لقيت استحسانا لدى السوق.

بموجب هذا المعيار، فشلت الاختبارات. كان هناك انتعاش لفترة وجيزة في أسعار الأسهم، كما تنبأ المحللون، في حين كان المستثمرون يهضمون النتائج من البنك المركزي الأوروبي والهيئة المصرفية الأوروبية. لكنه سرعان ما تلاشى وانخفضت أسهم القطاع المصرفي، حين أدرك الناس أن هذه الاختبارات لن تقدم حلا سحريا للمشكلات في المصارف الأوروبية.

طريقة أخرى للحُكم على النجاح هي أن نفحص مدى شدة الاختبار. المقارنة الواضحة هي مع اختبارات الإجهاد الدورية التي ينفذها الاحتياطي الفيدرالي منذ عام 2009. ويعود إليها الفضل في المساعدة على استعادة عافية المصارف الأمريكية بعد الأزمة المالية.

الأمر المفيد، أن المصرف المركزي الأوروبي يعطينا بعض البيانات التي يمكن مقارنتها بالأرقام من الاختبارات الأمريكية. قامت أوروبا بتطبيق “حالات إجهاد” وهمية أدت إلى تخفيض إجمالي رأس المال في مصارف المنطقة بمقدار 262.7 مليار يورو وتخفيض نسبة الطبقة الأولى من حقوق الملكية بالنسبة للمصرف المتوسط من 12.4 إلى 8.3 في المائة.

هذا التخفيض البالغ أربع نقاط مئوية في نسب رأس المال في المصارف الأوروبية يُقارن مع انخفاض يبلغ 2.9 في المائة في النسبة المتوسطة لرأس المال المتوقع من المصارف الأمريكية، وذلك بموجب تحليل واستعراض شامل لرأس المال CCAR الذي قام الاحتياطي الفيدرالي بتنفيذه هذا العام.

بموجب هذا المقياس، بدأت الممارسة الأوروبية تبدو أكثر صدقية. كذلك النتائج تبدو صارمة بالمثل: 25 مصرفاً من أصل 130 مصرفاً مُشاركاً فشل في اختبارات الإجهاد ومراجعة جودة الأصول التي أجراها البنك المركزي الأوروبي. بعض هذه المصارف كبيرة جداً: بانكا مونتي دي باشي دي سيينا، وبانكو بوبولير، هما المصرفان الثالث والرابع في إيطاليا، في حين أن بيرايوس أكبر مصرف في اليونان، وميلينيوم بي سي بي هو الأكبر في البرتغال.

مع ذلك، يستمر النقّاد في تقديم انتقادات عشوائية فيما يتعلق بصدقية الاختبار. ويُجادل مختصو الاقتصاد في أنه فشل في أخذ الانكماش في الحسبان – مع أنه أحد أكبر الأخطار التي تُهدد اقتصاد منطقة اليورو. فقد افترضت الاختبارات تضخما بنسبة 1 في المائة هذا العام، تماشياً مع توقعات مختصي الاقتصاد في شهر نيسان (أبريل) عندما تم الانتهاء من القواعد. لكن هذا أقل بكثير من الرقم الأخير للتضخم في منطقة اليورو البالغ 0.3 في المائة – وهو أدنى مستوى منذ خمسة أعوام.

ويدّعي بعض النقّاد أن العملية أيضاً لم تفعل شيئاً يذكر لتحطيم “حلقة الموت” بين المصارف وحكوماتها. اختبارات الكشف عن السندات السيادية المجتمعة الموجودة في خزائن المصارف والبالغة 2.7 تريليون يورو لم تكن نتيجتها إلا تخفيض مبلغ 17 مليار يورو من رأس المال و19 مليار يورو من النقص في رأس المال بفعل الخسائر. وغيرها من الهموم تشمل حقيقة أن الاختبارات لم تشتمل على تكاليف الدعاوى القضائية الكبيرة التي لا تزال تواجه المصارف. كما لم تعمل على صياغة التداعيات الناتجة عن أزمة أوكرانيا العميقة بالنسبة للمصارف التي لديها تعاملات مع روسيا. ويجادل المتشككون في أن التداعيات بفعل تفاقم الأزمة في أوكرانيا على رأس المال الإجمالي، البالغة 24.6 مليار يورو، تعتبر ضئيلة عند مقارنتها بالأصول البالغة 22 تريليون يورو التابعة للمصارف الـ 130 المشمولة في العملية. بالتأكيد، يقولون إن المصارف الأوروبية تحتاج إلى تجميع أشياء أكثر من ذلك من أجل استعادة الصدقية.

بدلاً من ذلك، يقول المصرف المركزي الأوروبي إن المصارف في الواقع بحاجة إلى جمع مبالغ أقل. السبب في ذلك هو لأنه سمح للمصارف التي أخفقت في الاختبار باحتساب رأس المال الذي تم تجميعه بعد نقطة الفصل للاختبارات، التي كانت في كانون الأول (ديسمبر) عام 2013 نحو تغطية أي عجز. المصارف اليونانية بإمكانها الاعتماد على خططها لإعادة الهيكلة، مع أنه تم تقديمها بعد فوات الأوان، وبالتالي لم يكن من الممكن احتسابها في النتائج الرسمية. ومصرف فولكسبانكن النمساوي بدأ يضعُف بالفعل ويقول منظمون وطنيون آخرون، مثل بلجيكا والبرتغال، إن مصارفهم فعلت ما فيه الكفاية لتغطية عجزها.

هذا يترك أقدم مصرف في العالم – مونتي دي باشي – مع فجوة تبلغ 2.1 مليار يورو ومنافسه الإيطالي الأصغر بانكا كاريجه بحاجة إلى 800 مليون يورو. وهذا تقريباً كل شيء.

لكنّ مؤيدي المصرف المركزي الأوروبي يقولون، تريّثوا، مجادلين في أنه لكي نتمكن بحق من قياس تأثير اختبار الإجهاد، ينبغي أن تشمل الأرقام مبلغ 56 مليار يورو من رأس المال الذي قامت المصارف الأوروبية بجمعه بشكل وقائي منذ بداية العام.

مقاييس أخرى للنجاح قد تكون إلى أي مدى تقوم مراجعة جودة الأصول بدفع حدوث انتعاش في المصارف التي تقوم بالإقراض إلى شركات منطقة اليورو وتُسبّب تصويب الأوضاع بين المصارف الأضعف. لكن بعد عرض محتمل لشراء مصرف مونتي دي باشي، فليس هناك أي احتمال مرجح. ويتوقع مورجان ستانلي طلبا ضعيفا من المصارف على العرض الثاني للمصرف المركزي الأوروبي من القروض الرخيصة لأجل أربعة أعوام، من خلال تقدير إجمالي المشتريات في أول جولتين من برنامجه لعمليات إعادة التمويل طويلة الأجل المستهدفة، TLTROs، بمقدار 193 مليار يورو إلى 243 مليار يورو، من أصل 400 مليار يورو ممكنة. هذا بالكاد يُشير إلى أن المصارف ستقوم بإطلاق العنان لسيل من القروض.

لكن لنعد خطوة إلى الوراء. إن دراسة 12 ألف نقطة بيانات في كل مصرف من المصارف الـ 130 يضع المراقب المصرفي الموحد في منطقة اليورو في وضع جيد في الوقت الذي يستعد فيه لاستلام زمام الأمور. العملية نفسها ربما لم تكن مثالية. لكن إعادة بناء الثقة في المصارف هي رحلة، وليست وجهة. من المرجح أن يكرر البنك المركزي الأوروبي الممارسة كل عام وسيتعلم من أخطائه السابقة.