Site icon IMLebanon

لبنان لم يستعمل سوى 30% من قروض البنك الدولي

WorldBank1
محمد وهبة
طرح البنك الدولي إشكالية للنقاش تدور حول تأثير الطائفية على الاقتصاد اللبناني؛ فهل تعدّ الطوائف أهمّ معوّق للنموّ، أم أنها مجرّد أداة للتغطية على معوقات أخرى؟ هذا السؤال اثاره أمس المدير الإقليمي للبنك الدولي فريد بلحاج، خلال غداء حواري نظّمه تجمع رجال الأعمال، لكنه لم يقدّم أي إجابة عنه، بل قدّمه بوصفه أداة التشخيص الأحدث لدى البنك الدولي والتي ستحدّد معوقات النموّ في لبنان، حيث الإصلاح لا يتحقق رغم الحاجة الملحّة إليه في سياق مواجهة تداعيات الأزمة السورية.

يأتي هذا اللقاء في سياق مختلف عن المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي يشارك فيها رجال المال والأعمال وأصحاب رؤوس الأموال. ففي هذا اللقاء، لم يكونوا محاضرين أو منظّرين كما اعتادوا في الندوات والمؤتمرات المماثلة، بل اقتصر دورهم على أن يكونوا مستمعين لما سيقوله ثلاثي المؤسسات الدولية، أي المدير الإقليمي في البنك الدولي فريد بلحاج، المدير الإقليمي في صندوق النقد الدولي محمد الحاج والمدير الإقليمي في مؤسسة التمويل الدولية توم جايكوبس.
في الواقع، لم يحمل ممثلو المؤسسات الدولية الثلاث سوى أسئلة تضاف إلى المقولات السابقة عن تشخيص الوضع الحالي في لبنان وتداعيات الأزمة السورية والفوضى الإقليمية. فمن جهة البنك الدولي، أنهى بلحاج كلمته بالإشارة إلى أن البنك الدولي خلق أداة جديدة لتحديد العوائق التي تحدّ من النموّ. وفي هذا الإطار، «هناك حوار على الموضوع الطائفي والصراعات الإقليمية، فهل الطائفية هي أهم عائق للنمو أمام الإصلاحات، أم أن هناك عوائق أخرى يغطيها البعد الطائفي؟».
قبل ذلك، كان الحاج قد وجّه انتقاداً للحكومة اللبنانية التي لم تستعمل الأموال المقترضة من البنك الدولي، مشيراً إلى أن «محفظة التزامات البنك مع لبنان تبلغ 1.1 مليار دولار، لكن لم يستعمل منها سوى 30%، وهناك 700 مليون دولار موجودة تحت تصرّف الاقتصاد والحكومة، إلا أنه لم يكن هناك تجاوب بسبب عوائق سياسية وإدارية ومؤسساتية. هذا واقع يصعب تقبله في ظل الظرف الحالي المتعلق بصعوبة التمويل الخارجي».

اما ما كشفه بلحاج عن الصندوق الائتماني الدولي الذي أقرّ لمساعدة لبنان على تحمّل كلفة النازحين، فقد كان محرجاً جداً، وخصوصاً في ظل وجود بعض المسؤولين المعنيين بهذا الملف في لبنان. ففيما قال بلحاج إن المبالغ المجمعة في الصندوق بلغت 30 مليون دولار، وإن هناك 31 مليوناً على الطريق، سأله نائب حاكم مصرف لبنان سعد العنداري الآتي: «سمعنا كلاماً شبيهاً في واشنطن عندما التقينا أخيراً مسؤولي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وعندما سألناهم عن إمكانية المساعدة أجابونا بأن الشعب اللبناني شجاع جداً، لكنه كلام لا يوفّر الخبز للفقراء ولا المأوى للمشردين… منذ عام 2011 إلى اليوم، تضاعف العجز في الموازنة مرة ونصف مرة، وهو يعكس كلفة هذه الأزمة على لبنان.. وبعيداً عن أي نص مكتوب، كيف ستقدّم المؤسسات الدولية أي مساعدة للبنان؟».
لم تأت إجابة بلحاج بعيداً عن النص المكتوب، أي في سياق الإجابات الدبلوماسية المتعارف عليها لدى مسؤولي البنك الدولي، فلا تعطي إجابة حاسمة أو فاصلة، بل مجموعة إجابات عامة، على السائل أن يختار منها ما يفهمه! وباستثناء ذلك، فإن باقي كلمة بلحاج كانت عبارة عن تكرار مملّ لما ردّده البنك الدولي خلال السنوات الثلاث الأخيرة عن لبنان. فهو أوضح أن الأزمات الإقليمية تنطوي على تأثيرات سلبية كبيرة على لبنان «لكن على لبنان بإدارته وحكومته مسؤولية مركزية لتدارك الصعوبات والمضي بالإصلاحات التي ستحفّز النمو وتخلق فرص العمل». وأشار إلى أن هناك 1.1 مليون سوري مسجّل أو ينتظر التسجيل لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين «إلا أن هناك تداعيات سلبية يتأثّر بها لبنان ولا تزال تؤثّر على اقتصاده، وقدمنا تقريراً إلى الحكومة اللبنانية يتحدث عن الكلفة المباشرة وعن اتساع رقعة الفقر وارتفاع عدد العاطلين من العمل وتقليص قدرة الحكومة على العمل وتراجع إمكانية الحصول على الخدمات العامة».
أما محمد الحاج، فقد وجّه انتقاداً للسياسات النقدية التي توسعت خلال الفترة الماضية «غير أن هناك حدوداً يجب أن تقف عندها. يجب أن تكون السياسات النقدية داعمة للسياسات الاقتصادية». وأوضح أن «الأولوية في المدى القصير هي لتوجيه السياسات المالية نحو خلق فرص عمل، وأن تكون هناك موازنة وقرارات ناشئة عنها… فالمستوى الحالي من النمو لا يوفّر طاقة كافية للاقتصاد من أجل استيعاب البطالة والوافدين الجدد».
ويؤكد جايكوبس أنه بالنسبة إلى التحديات في لبنان «فإنه لا يمكن الحديث عن أمور لا أحد يعرفها»!