غداة جلسة التمديد سنتين وسبعة أشهر لولاية مجلس النواب اللبناني، بدا المشهد السياسي الداخلي كأنه لم يتأثر بكل التفاعلات الساخنة والمحتدمة التي واكبت الجلسة وأعقبتها، بما يعني ان منطق التسوية السياسية الكبيرة التي أمْلت التمديد طغى على كل ما تفرّعت عنه من اشتباكات سياسية وسجالات إعلامية وكلامية.
وأبرزت أوساط سياسية ونيابية مسيحية مستقلة لصحيفة “الراي” الكويتية “جملة انتقادات لاذعة للفريقين المسيحييْن الكبيرين المتمثلين بتكتل “التغيير والاصلاح” و”القوات اللبنانية” رغم تمييزها لموقف “القوات” في تغطيته لخطوة التمديد والذي شكل برأيها خطوة حكيمة وإيجابية تنسجم مع كون “القوات” ركيزة اساسية في قيام اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الاهلية”.
ولفتت الى ان “مآخذها على الفريقين تنبع من كونهما ذهبا بعيداً وبلا اي مبرر او جدوى في استعادة أجواء الخصومة الشديدة التي بلغت حدود العداء في وقت انضوى سائر الأفرقاء الآخرون في التسوية القسرية للتمديد من دون اي ضجيج ومرروا مصالحهم بهدوء بما يمكن ان يبنى عليه لاحقاً حسابات جديدة”.
واوضحت الاوساط ان “القوات اللبنانية” تمكنت من إبراز براعة مشهودة في تخريج موقفها الذي صوّت مع التمديد في نهاية المطاف ووفّر له التغطية المسيحية الوازنة مع النواب المستقلين وكتلة النائب سليمان فرنجية، وقد ظهرت هذه البراعة في حشْر العماد عون في خانة تعطيله الانتخابات الرئاسية التي عرفت “القوات” كيف تستنفد الفرصة حتى الدقيقة الاخيرة في مناداتها بتحويل جلسة التمديد الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. وفي المقابل فان رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون، الذي لعب ورقة تمتُّعه باستقلالية موقفه متمايزاً عن كل حلفائه وقاطع جلسة التمديد وتمسّك برفضه له، وقع في مغالطة كبيرة اذ انبرى الى تسديد الاتهامات الى “القوات” وحدها في تحميلها تبعة التمديد فيما أحد الافرقاء الأساسيين ضمن “تكتل التغيير والاصلاح” (كتلة عون النيابية) نفسه اي النائب فرنجية صوّت مع التمديد الى جانب حلفائه الآخرين في فريق 8 اذارفأظهر ثغرة كبيرة وتناقضاً فاضحاً في أدائه الإعلامي والسياسي”.
وسيتعيّن على القوى المسيحية في رأي هذه الاوساط ان “تعيد تقويم الموقف الناشئ بسرعة والتحسب لكل الاحتمالات الممكنة بما فيها المساعي التي يتردد ان فرنسا منخرطة فيها باتصالات مع ايران والسعودية في شأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني الذي بدأت حظوظ عون فيه تُستنفد بالكامل سواء من خلال تبني ترشيحه رسمياً وللمرة الاولى من “حزب الله” بلسان السيد حسن نصر الله ما جعله في منزلة واحدة مع رئيس حزب “القوات” الدكتور سمير جعجع (مرشح 14 اذار) بمعنى اسقاط كل منطق سعيه ليكون مرشح توافق وليس طرفاً، او عبر عدم سيره بالتمديد للبرلمان وتلويحه بالطعن به ما يعني خسارته اي امكان لاستمالة أصوات النواب الذين يعتبرهم “غير شرعيين”.