IMLebanon

محور قناة السويس.. أمل المصريين في مواجهة التحديات الاقتصادية

SuezCanal4
حسن شاهين
تمر مصر بأزمة اقتصادية عميقة، كنتيجة لسياسات اقتصادية خاطئة تراكمت آثارها على مر العقود. فمصر اليوم تواجه عجزاً كبيراً في موازنة حكومتها، وانخفاضاً خطيراً في احتياطها النقدي من العملة الصعبة، كما وصل الدين العام إلى أكثر من 200 مليار دولار. في وقت انتشرت الإحتجاجات العمالية والفئوية وتعالت الأصوات المطالبة بزيادة إنفاق الحكومة على الأجور والصحة والتعليم.

كما تواجه مصر مشاكل وجودية حقيقية، على رأسها دخول البلد في مرحلة الندرة المائية، قبل أن تنجز أثيوبيا مشروعها لبناء سد على نهر النيل، والذي يتوقع أن يقلص حصة مصر من مياه النهر. وتمر مصر منذ سنوات بأزمة متفاقمة في الطاقة، أدت إلى اضطرار الحكومة لتقنين التيار الكهربائي وقطعه بشكل شبه يومي خلا فصل الصيف، طوال السنوات الأربع الماضية. وتواجه مصر كذلك أزمة خطيرة في الغذاء، مع الزيادة المطردة في عدد السكان، وتقلص مساحات الأراضي الزراعية نظراً للتوسع العمراني غير المدروس، والعجز عن استصلاح أراض صحراوية جديدة على نطاق واسع بسبب ندرة المياه.

في ظل هذه الأزمات التي تزيد حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي تعيشها البلاد من حدتها؛ يتطلع المصريّون إلى عدد من المشاريع العملاقة، لتنتشل البلاد من كبوتها وتشكل القاطرة التي تقود الاقتصاد المصري إلى التعافي والخروج من أزمته، مستعيدين ذكرى عبد الناصر ومشاريعه القومية العملاقة التي شكلت حلماً وحد المصريين حوله، بدءاً من الإصلاح الزراعي مروراً إلى تأميم قناة السويس وبناء السد العالي وصولاً إلى قاعدة التصنيع الثقيل.

ويرى الكثير من المتابعين والخبراء أن أهم مشاريع تتوافر فيها مواصفات المشروع القومي الذي يلتف الشعب حوله، ويمكن أن يشكل نقلة نوعية للمستقبل بالنسبة لمصر؛ هما مشروعا قناة السويس الجديدة ومحور قناة السويس.

وقد دخل مشروع شق القناة الموازية حيّز التنفيذ قبل 3 أشهر، ويسير العمل فيه على قدم وساق، ومن المنتظر أن ينتهي العمل فيه خلال 8 أشهر من الآن.

ورغم الزيادة في مداخيل قناة السويس التي من المتوقع أن يحققها مشروع قناة السويس الجديدة من رسوم مرور السفن، إلا أن الخبراء يعتبرونه مقدمة للمشروع الثاني والأهم، وهو محور قناة السويس، الذي تقوم فكرته على تطوير قناة السويس وضفافها وبعد توسعتها وإنشاء عدة موانئ جديدة عليها وتطوير الموجودة، بحيث تتحول القناة إلى مركز تجاري عالمي لا مجرد ممر مائي لا يحقق لمصر سوى عوائد مرور السفن العابرة للقناة، والتي لا تزيد على 5 مليارات دولار سنوياً، بينما يتوقع ألا يقل العائد السنوي للقناة عند اكتمال مشروع محور قناة السويس عن 100 مليار دولار سنوياً.

ووصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مشروع قناة السويس الجديدة بأنه «هدية مصر إلى العالم»، موضحاً أن حفر القناة الجديدة سيؤدي إلى سهولة الحركة الملاحية في القناة لقوافل السفن القادمة من شمال وجنوب القناة وسيخفض ساعات الانتظار بشكل كبير وهو الأمر الذي من شأنه اختصار وقت ملاحة السفن وإيصال البضائع، فقناة السويس بمجراها الملاحي الحالي تستوعب 49 سفينة يومياً وبعد تشغيل القناة الجديدة سيتضاعف حجم استيعابها ليصل إلى حوالى 98 سفينة يومياً.

وقال السيسي في تصريحات صحافية، إنه من المقرر أن يتم الانتهاء من حفر القناة الجديدة خلال عام واحد، ومن ثم فإن إيرادات القناة ستزداد بواقع 4.7 مليارات دولار تضاف إلى خمسة مليارات دولار هي الإيرادات المقدرة للقناة عن عام 2014. مستدركاً بأن هذه الزيادة مرشحة للارتفاع حال اكتمال مشروع تنمية محور قناة السويس الجديدة وما سيتضمنه من مشروعات صناعية وخدمية في منطقة القناة مثل إنشاء مصانع لتصنيع السفن والناقلات البحرية وورش لإصلاحها فضلاً عن خدمات الشحن والتفريغ والاتجاه نحو إنشاء مدينة عالمية للسياحة والتسوق في خليج السويس، وذلك بالإضافة إلى توفير فرص العمل ولا سيما للشباب وتنمية محافظات القناة وكذالك سيناء التي سيزداد ارتباطها اقتصادياً واجتماعياً بالعمق المصري.

وأضاف السيسي أن إقامة هذا المشروع سوف يجعل من قناة السويس المعبر الملاحي الأهم لحركة التجارة العالمية وسيساهم في اجتذاب المستثمرين من كافة دول العالم لاستثمار أموالهم في المشروعات التي سيتم تنفيذها في إطار تنمية محور قناة السويس.

ويقول رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، إن مشروع القناة الجديد سيسمح بعبور السفن للمجرى الملاحي من الاتجاهين، من الشمال للجنوب والعكس دون إنتظار لساعات أو أيام بما يعزز من قوة القناة كأهم وأقدم مجرى ملاحي على مستوى العالم.

وأضاف أن حفر القناة يستغرق عاماً واحداً طبقاً لتعليمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بينما مشروعات التطوير ستستغرق من 3 إلى 5 سنوات وتسمح بدخول صناعات مثل تجميع السيارات، والإليكترونيات، وتكرير البترول، والبتروكيماويات، ومشروعات معدنية، ومراكز توزيع وإعادة توزيع لوجستية، وتموين وخدمات السفن، وصناعة بناء وإصلاح السفن، وتصنيع الحاويات، والصناعات الخشبية والأثاث، وصناعة المنسوجات، إضافة للصناعات الزجاجية. وتوقع «مميش» نجاح هذه المشروعات لسهولة إستيراد المواد الخام، وتصدير المنتجات، مضيفاً أن المشروع يعتمد على فكرة تشغيل الشباب، وتحقيق قيمة مضافة للإقتصاد. وأكد أنه سيتم الإعلان عن مشروع للإستزراع السمكي بطول 120 كيلومترا بطول القناة، لافتاً إلى وجود مشروعات للصيد والتجميد والنقل والأعلاف والنباتات الطبية والزيزت تعتمد على هذ المشروع.

لقد كانت قناة السويس منذ افتتاحها في تشرين ثاني عام 1865؛ بوابة الأمل للمصريين لمواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق نقلة حضارية نوعية، فعبر تأميمها عام 1956 تمكنت مصر من تمويل مشروع السد العالي، واليوم ينتظر منها أن تحقق فوائض مالية مهمة وتوفر فرص عمل للشباب، الأمر الذي من شأنه أن يحقق دفعة مهمة لعجلة الاقتصاد المصري إلى الأمام.