IMLebanon

انخفاض إنتاج الزيتون في عكار لحوالى 10 بالمئة وارتفاع سعر الزيتون والزيت 40%

OlivesLeb
رضوان يعقوب
تتعرّض شجرة الزيتون وانتاجها هذا العام في عكار الى سلسلة من الأخطار التي تطال ليس فقط كميات الانتاج والمردود المادي للمزارعين فحسب، بل أيضا يطال وجودها بحد ذاته حيث ان بنية الشجرة تأثّرت – الى حد كبير – بعوامل الطبيعة خلال بدايات العام 2014 ونهاية العام 2013، وتراجع كميات المتساقطات الى النصف – تقريبا – وليس التأثير فقط على نقص كميات الانتاج من زيتون وزيت فقط، بل على نمو الشجرة وإستمرارها وزيادة نموّها، كما هي في الأعوام القادمة بسبب التغيّر المناخي، والتي ينظر المزارع الى أن يعود كالسابق لتعود الى الشجرة المباركة حيويتها ونشاطها.
فمع وصول تراجع الانتاج في عكار الى أقل من 10 بالمئة عن سنوات «الانتاج الكثير»، وأقل من 30% من العام الماضي ذي «الانتاج القليل» في عكار، يدفع الى رفع الصوت كما قال مختار بلدة بقرزلا يوسف حنا من منطقة وسط القيطع وهي من أهم بلدات أنتاج الزيتون، بأن «كميات الزيت قليلة جدا في سابقة ليس لها مثيل في المنطقة، مشيرا الى أن أجود أنواع الزيتون ومشتقاته هي الموجودة شجرها على أرتفاعات من 300م عن سطح البحر وما دون، وأفضل أنواع التربة الزراعية هي التربة البيضاء اللون، وهذه موجودة في المنطقة الوسطى من عكار.
ويتابع المزارع من بلدة برقايل محمود عبد الرزاق بأن الزيتون يحتاج الى حرارة متوسطة مع الميل الى البرودة، مشيرا الى أن تدنّي كميات الانتاج هذا العام جعل الأسعار ترتفع كثيرا، بحيث ان سعر كيلو الزيتون الأخضر وصل الى أكثر من 4000 ل. ل. وتنكة الزيت الى أكثر من 200 ألف ليرة.
وتعتبر زراعة الزيتون من أقدم وأهم المواسم الزراعية في عكار ولبنان، وتُعرف شجرة الزيتون بأنها مستديمة الخضرة، معمّرة، لها القدرة على الصمود ضد الظروف غير الطبيعية، المجموع الجذري سطحي غير متعمق خصوصا فـي الزراعـات المـروية (40-70 سم)، الجذع في الأشجار الفتية أملس مستدير ومع تقدّم العمر يفقد الاستدارة نتيجة نمو بعض الأجزاء على حساب أجزاء أخرى، يتكوّن رأس الشجرة من شبكة قوية من الأفرع والأغصان، والأوراق جلدية سميكة عمرها 2-3 سنوات تتساقط عادة في الربيع، تعتبر منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط من أفضل المناطق لزراعة أشجار الزيتون، حيث تتميّز بشتاء بارد ممطر وصيف حار جاف. ولا تثمر أشجار الزيتون إثمارا ما لم تتعرّض لكمية مناسبة من البرودة شتاءً تكفي لدفع الأشجار للإزهار.
كما أن تعرّض الأشجار إلى درجات من الحرارة المرتفعة المصحوبة برياح جافة ورطوبة منخفضة خلال فترة الإزهار والعقد والفترة الأولى من نمو الثمار يؤدي إلى جفاف الأزهار وعدم اكتمال عمليتي التلقيح والإخصاب وتساقط الثمار بدرجة كبيرة، وعدم تعطيش الأشجار خلال هذه الفترة يحد من هذه الآثار الضارة.
وتنتشر هذه الزراعة الى مناطق جديدة لم تصل إليها سابقا في المناطق التي يزيد ارتفاعها عن 500 متر عن سطح البحر نظراً لملاءمة المناخ اللبناني لحاجة أنتاج الزيتون في المناخات المعتدلة والتي تميل الى البرودة، ويقدّر عدد أشجار الزيتون في لبنان ما يربو عن 14 مليون شجرة، منها 2 مليون شجرة في عكار، يمثلون حوالى 12.3% من هذه الزراعة في لبنان، وتغطي مساحة الزيتون قي لبنان حوالى 59000 هكتار أي 21% من مجمل الأراضي الزراعية في لبنان. وحسب الدراسات يتراوح إنتاج الزيتون بين 75 و90 ألف طن في سنوات «الحمل القليل «، و170 إلى 200 ألف طن في سنوات «الحمل الكثير». وهذه يعزوها المزارع الى أن غصون الأشجار التي تنتج تحتاج الى مدّة سنة لإعادة تكوين غصون جديدة، فيما يعزوها سبب آخر الى أن الغالبية العظمى من أشجار الزيتون غير مروية إضافة إلى أن شجرة الزيتون يتراجع إنتاجها عندما تبلغ عمر 80 سنة وما فوق، وهذا يتطلب إعادة تجديد لأشجار الزيتون في عكار والتي يبلغ أكثر من 65% منها أكثر من 90 عاما، الى عوامل ذاتية من تأمين الرعاية الكافية لشجر الزيتون، وخارجية من تفشي الأمراض التي تفتك بشجر الزيتون وأبرزها عين الطاووس. الى غياب شبه تام للإرشاد الحكومي وخصوصا وزارة الزراعة والإهتمام بهذه الشجرة المباركة والمنتجة، وإذا كان 70% من إنتاج الزيتون يتحوّل إلى زيت، والباقي للإستهلاك كزيتون للمائدة. ويتواجد في لبنان 550 معصرة، 80% منها تعتمد على التقنيات التقليدية غير المرغوب إنتاجها عالمياً.
أما على صعيد حجم الحيازات الزراعية للاهالي، فإن 56% من مزارعي الزيتون يستغلون حيازات زراعية يبلغ معدل مساحتها أقل من 5000 متر مربع. وهذا يعني أن الأرقام المستخلصة أعلاه تنطبق على أغلب مزارعي الزيتون! بالرغم من أن قطاع الزيتون يعتبر من أكبر القطاعات الزراعية في لبنان ويعيل فوق 300 ألف إنسان بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأن حوالى 38 الف مواطن من عكار يستفيدون من زراعة الزيتون.
لا يختلف أثنين على القيمة الغذائية المرتفعة لانتاج زيت الزيتون، وفي دراسة علمية صحية فهي «غنية بالمواد الكربوهيـدراتية 19%، البروتيـن 1.6%، الاملاح المعدنية 1.5%، السليولوز 5.8%، الفيتامينات المختلفة بالإضافة إلى محتواها العالي من الزيت 15-20%. ولزيت الزيتون المستخلص بالطرق الطبيعية فوائد صحية وغذائية جمّة لتركيبه الكيماوي المتميّز عن الزيوت النباتية الأخرى».
و«محتواه من مضادات الأكسدة لحماية الأحماض الدهنية غير المشبعة من الأكسدة الذاتية ومحتواه ايضا من البيتاستيرول الذي يحول دون الأمتصاص المعوي للكوليسترول».
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كلوا الزيت وادهنوا به فإن فيه شفاء من سبعين داء منها الجزام»، وفي روايه أخرى «كلوا الزيت وادهنوا به فإنه طيب مبارك».
وعلى صعيد الانتاج من الزيتون والزيت وعن أسباب انخفاض الانتاج هذا العام قال صاحب معصرة زيتون إلياس الراسي بأن تدني الانتاج بسبب قلّة الامطار التي حصلت في فصل الشتاء العام الجاري 2014 وفترة الجفاف الذي رافقت بدايات ومنتصف السنة الجارية، وأشار الى أن الانتاج قليل رغم أن السنة هي سنة «حمال» وان الموسم كان من المتوقع أن يكون غزيرا، لكن رغم أن العام الفائت كانت سنة «انتاج قليل» فأن الانتاج كان أفضل عن العام الحالي، ودلائل ذلك بادية أمامنا جميعا. فالانتاج لعام 2013 كان 40% من العام الذي سبقه 2012 إلا انه لهذا العام يبلغ – حسب التقديرات – أقل من 20%، عن العام الماضي إضافة الى أنخفاض نمو أشجار الزيتون، أملا ان تساهم بدايات موسم الشتاء للعام الحالي في إعادة قسم من نمو الأشجار هذه الى وضعها الطبيعي.
هذا وأشار الراسي الى ان حركة عصر الزيتون أنخفض كثيرا متسائلا «فهل ان ما تراه هو الحركة الطبيعية؟».
وعن أسعار الزيت المتوقعة للعام الجاري قال بانها مرتفعة وتصل الى أكثر من 200 ألف ليرة لبنانية للصفيحة الواحدة، مشيرا الى عدم وجود صفائح من الزيت من العام الفائت، وهذا يرفع اكثر من قيمة الزيت للعام الحالي.
وقال المزارع جميل حمود من بلدة حلبا بأن انتاج الزيتون للعام الحالي قليل جدا ولا تكاد يغطي كلفة الانتاج، لكنه أشار الى ان الانتاج أفضل في المناطق الساحلية والمتوسطة، لافتا الى أن الأمطار التي هطلت منذ أوائل الشهر الجاري كانت ممتازة لإعادة الحيوية لحبة الزيتون.
وساهمت الأمطار الغزيرة التي هطلت في عكار في زيادة الانتاج من الزيت نظرا لبلوغ حبة الزيتون حاجتها الكافية من المياه التي تعزز الانتاج وتقلل من حموضة الزيت، وكلما قلّت نسبة الحموضة زادت من طيبة وفائدة الزيت.
وقال المزارع فادي خليل من منطقة شفت عكار الى انه انتج العام الماضي 40 تنكة من الزيت بينما لا تصل هذا العام الى 10 تنكات على أفضل تقدير، وقال بأن أكثر أشجار الزيتون تضررا من الطقس والمناخ كانت منطقة المرتفعات من إرتفاع 500 متر عن سطح البحر وما فوق بسب نقص المياه، وأوضح بأن أنتاج الزيتون وسط عكار وعلى الساحل كان جيدا، ولكن تم إضافة تكاليف الري للمزروعات هذه التي لم تكن تستقي قبل القطاف إلا من مياه الأمطار.
وعكار هكذا التي عندها أكثر من مليوني شجرة زيتون وانتاج وفير من الزيتون ومن مشتقاته ومن الزيت، وكان يشكّل أملا كبيرا عند نسبة مرتفعة من المزارعين، تعرّض لنكسة مالية ومعنوية أخرى تضاف الى سلسلة النكسات الزراعية الأخرى.