مجدّدًا يتجاهل مجلس النواب طلب المالكين القدامى بترميم المواد التي ألغيت بموجب قرار المجلس الدستوري وطلب المستأجرين بتعديل القانون برمّته، ويترك مسألة الفصل في النزاعات المتوقّعة بين الطّرفين بعد تاريخ تطبيق القانون في 28 كانون الأوّل المقبل إلى قضاة الإيجارات. والأهمّ أنّه يترك المستأجرين من ذوي الدخل المحدود يتدبّرون أمر توفير بدلات الإيجار بعد إلغاء صندوق الدعم الخاص بهم، فيما يطالب الطرفان بإنشاء الصّندوق لحماية هذه الفئة التي تعيش قلقًا على المصير بعد تاريخ التطبيق في نهاية السنة.
وفي ظلّ هذا الواقع، لا تزال الآراء غير الملزمة تصدر عن المراجع المعنيّة بالملفّ من دون أن يكون قرارها حاسمًا لتجنيب المحاكم مزيدًا من الدعاوى، وسحب فتيل التوتّر بين المالكين والمستأجرين. وآخر هذه الآراء، ما صدر عن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل بناء على طلب الوزير المؤرّخ بتاريخ 7 تشرين الأوّل 2014 والذي طلب فيه إبداء الرأي في سريان المواد التي لم يبطلها المجلس الدستوري في قانون الإيجارات. وجاء الرأي في 19 صفحة مفصّلة خلصت إلى إمكان تطبيق القانون على المباني التي كانت تعتبر فخمة والتي تخضع للقانونين رقم 29/67 و10/74، فيما رأت أنّ مواد القانون من 3 إلى 37 والتي تتعلّق بعقود إيجار الأمكان السكنيّة العادية غير قابلة للتّطبيق.
إنّ هذا القرار برغم أهميّته وصدوره عن هيئة التشريع، يترك الباب مشرعًا أمام المحاكم للاجتهاد في أحكامها، وبخاصّة أنّ مصادر مطّلعة على الملفّ أكّدت للـ “النهار” بأنّ غالبية القضاة أكدوا خلال اجتماع مجلس القضاء الأعلى برئاسة القاضي جان فهد ميلهم إلى تطبيق القانون الجديد بتاريخه نهاية السنة نظرًا إلى انعدام الأسباب المانعة للتطبيق وخصوصًا أنّ قرار المجلس الدستوري كان واضحًا برأيهم لجهة إبطال مادتين فقط وفقرة من القانون فيما لم يشر صراحة إلى تجميد العمل بالقانون أو تعليقه، فيما ترى قلّة حدّدتها المصادر بـ 4 قضاة بأنّ مواد القانون غير قابلة للتطبيق قبل ترميم المواد الملغاة في مجلس النواب نظرًا إلى ترابط المواد من 3 إلى 37 كما ورد في رأي هيئة التشريع والاستشارات.
وإزاء هذا الواقع، وفي ظلّ تنصّل السلطة التشريعية من التدخّل مجدّدًا لوضع الأمور في مسارها الصحيح بعد قرار المجلس الدستوري، وفيما لم تتجاوب الكتل النيابية مع الاقتراحات التي تقدّم بها النواب إيلي عون وزياد أسود ووليد سكرية بتعديل القانون باعتبار هذه الاقتراحات وفق مصادر نيابية غير قابلة للبحث لأنّها تتضمّن تغييرات جذريّة في برنامج القانون وفي موادّه التي استغرق بحثها جلسات طويلة في لجنة الإدارة والعدل إلى أن نالت تأييد الكتل النيابية الممثلة في اللجنة، والتي صوّتت مع القانون في الجلسة التشريعية التي انعقدت في 1 نيسان الماضي. وتخلص المصادر إلى أنّ ثمة نيّة عند نواب في لجنة الإدارة والعدل إلى إعداد اقتراح لترميم المواد الملغاة في القانون قبل 28 كانون الأوّل تفاديًا للدخول في غموض التأويل والتفسير لمواد القانون، مع ما ينتج منه من خطر على العلاقة بين الطرفين ونظرًا إلى خطورة هذا الملفّ الاجتماعي السّاخن.