IMLebanon

الخنازير المخصية في أميركا… والبعد الانتخابي للموازنة والنفقات العامة

SpendingPigs2
جاري سيلفرمان

مع استمرار ليلة انتخابات عام 2014 حتى الساعات الأولى من الصباح، وجدت نفسي حائرا. تساءلت، لماذا يرغب أي شخص في خصي خنزير؟
كان سؤالاً ذا صلة بالموضوع لأن العمليات الجراحية الحيوانية من هذا النوع لعبت دوراً في مساعدة الحزب الجمهوري على الفوز بأغلبية المقاعد في مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الثلاثاء، ما منحه السيطرة على كلا مجلسي الكونجرس المقبل.
واحد من الإعلانات التلفزيونية الأكثر نجاحا للحملة كان يعرض جوني إيرنست، المرشحة الجمهورية ـ المنتصرة في النهاية ـ لمجلس الشيوخ في ولاية أيوا، من خلال ذكر تفاصيل تجربتها مع قطيع خنازير مشاغب.
بدأت بابتسامة مشرقة قائلة: “أنا جوني إيرنست. نشأت على إخصاء الخنازير في مزرعة في أيوا، لذلك عندما أصل إلى واشنطن، سأعرف كيف أقطع لحم الخنزير” – لحم الخنزير هي الكلمة التي يستخدمها الأمريكيون لوصف النفقات الحكومية غير الضرورية.
بعد أن وصفها أحد المحاورين غير المعروفين بأنها “أم، وجندية ومُحافِظة”، تعهدت إيرنست، العقيد في الحرس الوطني في أيوا، البالغة من العمر 44 عاماً، بمهاجمة الإنفاق المُسرف، وإلغاء برنامج أوباماكير وتحقيق التوازن في الميزانية. وقالت: “واشنطن مليئة بالمنفقين الكبار. دعونا نجعلهم يصرخون بحدّة”.
أنا أجد الإخصاء مضحكا بقدر ما يجده أي شخص آخر، لذلك فهمت مغزى المزحة. لكن مع مشاهدتي إيرنست تتفوق على المرشح الديمقراطي، بروس بريلي، في ولايتهما المُنتجة للحم الخنزير، تبيّن لي أنني جاهل تماماً عندما كان الأمر يتعلق بسبب قيام المزارعين بخصي الخنازير.
لقد فهمت المنطق من ذبح مثل هذه الحيوانات واستهلاك الأجزاء المكونة لها. لكن على الرغم من حصولي على شهادات من مؤسسات تعليمية في ولايات نيويورك ونيوجيرسي الشمالية الشرقية في الولايات المتحدة، وتكريس ثلاثة عقود من حياتي لمتابعة الصحافة في ثلاث قارات، لم أكن قد سمعتُ عن فوائد الخنازير المخصيّة.
كنت بحاجة إلى المساعدة، لكن الوقت كان متأخراً بالفعل في ليلة الانتخابات، والعثور على شخص مُخضرم في لحم الخنزير في تلك الساعة سيكون أمراً صعباً – وعلى أي حال، حتى أي شخص أنيق في المدينة يعرف أن الرجال الذين يُنتجون لنا الطعام ينامون على الأرجح في وقت مبكر.
لحسن الحظ، أخذني بحث “جوجل” إلى موقع www.righteousbacon.com، المدونة التي تضم أعمال ديانا بريتشارد، العاملة في مزرعة خنازير في ميشيجان. في إعلان منشور بعنوان “دفاعاً عن الإخصاء”، توضّح لماذا يقوم الأشخاص جراحياً بإزالة خصيتيّ الخنازير الذكور. لقد قرأت أن المشكلة الأساسية هي “جرثومة الخنزير” – وهي رائحة كريهة يمكن أن تنشأ في لحم الخنزير عندما تصبح الخنازير الذكور ناضجة جنسياً. وهي تجعل اللحوم غير صالحة للاستعمال.
كما تبيّن أن الخنازير الذكور السليمة هي أيضاً خطر على مجتمع المزرعة. فمن المرجح أن تكون “عدائية مع كل من الحيوانات الأخرى والبشر الذين يتعاملون معها”. إن وضعهم مع خنازير إناث يمكن أن يوجد “توترا جنسيا داخل القطيع الذي قد يُسبّب الضغط لكل من الخنازير الذكور والإناث داخله”. أنا لا أعرف بشأنك، لكن بإمكاني أن أفهم ذلك الأمر.
في الواقع، مع استمرار الليل حتى ساعات متأخرة، شعرت أن رغبتي في السياسة الأمريكية تتراجع واهتمامي فيما يتعلق بمسألة الخنازير يتعاظم. لقد رأيت كم هناك من الكثير الذي ينبغي أن نتعلمه عن الحيوانات وأن نتعلم، بالمناسبة، عن الناس العاملين بجدّ الذين يقومون بتربيتها في مكان ولادتي.
أثناء ذلك، تم تذكيري تماماً كيف يمكن أن تكون ليالي الانتخابات في الولايات المتحدة تعليمية. ذلك أنها تجمع معاً مجموعة مدهشة من الناس من جميع أنحاء البلاد القاريّة وحجم المعلومات التي يتم مشاركتها يمكن أن يكون مذهلا.
وباعتباري مُقيما في ولاية زرقاء، أشعر أحياناً أن فائزي الولاية الحمُر يوم الثلاثاء كانوا يعيشون على كوكب مختلف تماماً. مثلا، قامت موجة الجمهوريين برفع كادر من السياسيين الذي يشككون، أو ينفون، أن المناخ يتغير والذين يقومون بالترويج لاستخدام الوقود الأحفوري -لاسيما الفحم- الذي يُلقي العلماء اللوم عليه في ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية وارتفاع منسوب مياه البحار الناتج عن ذلك. لقد كانت نتيجة مؤلمة لشخص يعيش ويعمل، مثلي، في منطقة نيويورك. قبل عامين فقط، قام إعصار ساندي بدفع المحيط إلى أماكن لم نكُن شهدناها من قبل لقد كان الأمر مخيفاً وجعل من الصعب تجنّب الرأي القائل إننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد للحد من تغيّر المناخ.
لكن القاعدة الجمهورية كانت على بُعد مئات وآلاف الأميال في المناطق الريفية والداخلية حيث نفوذ المحافظين الولايات التي نال فيها الجمهوريون مقاعد مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء (ربما سينالون المزيد من المقاعد بمجرد احتساب الأصوات) لم تشمل سوى ولاية واحدة -كارولاينا الشمالية- لديها ساحل على البحر. باقي الولايات – أركانسو، وكولورادو، وأيوا، ومونتانا، وداكوتا الجنوبية، ووست فيرجينيا – هي ولايات غير ساحلية.
الناس في تلك الأماكن لم يخضعوا لتجربة مباشرة مع إعصار ساندي. لم يعرفوا حقاً كيف شعر الناس في منطقتي عندما ضرب. وربما لا يعرفون كيف نشعر الآن.
لكن في روح عالم الحيوانات – حيث، أسمع، أن ما هو جيد للإوزة جيد لذكر الإوز – عليّ الاعتراف بأن الأشخاص مثلي لا يعرفون الكثير أيضاً عن أولئك الناس في الولايات الداخلية.
في ليلة الانتخابات، أدركت أنني كنت أمريكيا من النوع الذي لم يسبق له أن قام بخصي خنزير. لا أعرف كيف يمكن أن أشعر عند القيام بذلك. ولا أعرف كيف سيبدو الحيوان عندما أنتهي.
لم أسمع الصرخات الحادة. يمكنني فقط أن أتصوّر كيف سيكون صوتها عندما تقوم إيرنست وذريّتها من الجمهوريين الذين تم انتخابهم أخيرا بالبدء بتشريح رأس مال أمتنا.