Site icon IMLebanon

التمديد للمجلس النيابي يحمل مؤشرات تكريس الجمود الاقتصادي والمالي

lebanon-economy
عدنان الحاج

لا يقتصر تراجع الأداء والمؤشرات العامة على الجانب الاقتصادي والمالي، بل يتمدّد بسرعة لتعطيل المؤسسات الرسمية والعامة والحكومية، نتيجة التدني السياسي على مختلف المستويات. وكان آخرها خطوة التمديد للمجلس النيابي بقرار ذاتي بحجة الأوضاع المتدهورة مع استمرار الفراغ الرئاسي بعد الفراغ على مستوى المعالجات الأمنية والمالية والمعيشية والحياتية.
للمناسبة لا بد من التوقف أمام بعض النتائج المحققة حتى نهاية الفصل الثالث من السنة الحالية، مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية، مع استمرار تمدّد الإشارات السلبية من السياسة إلى الاقتصاد والمالية العامة.
رسالة التمديد إلى الأسواق
تكفي الإشارة هنا إلى السلبية التي أرسلتها خطوة التمديد إلى الأسواق المالية، في الوقت الذي يبحث فيه لبنان، وبموجب قانون من مجلس النواب، ومن جلسة التمديد ذاتها، عن إصدار لسندات «اليورو بوند» لتغطية مستحقات الدولة والمتوجبات عن العام الحالي والعام المقبل إذا امكن في غياب الموازنة.
والسؤال البديهي هنا: كيف يستطيع المجلس أن يصدر القانون بالتمديد لنفسه، من دون القدرة على إقرار قانون الموازنة العامة، وبالتالي إنهاء مشكلة الحسابات السابقة المعطلة بالسياسة، والمصالح التي تعطل كل القرارات ذات العلاقة بهموم الناس والخدمات وتسيير أمور الدولة من البنى التحتية إلى الفوقية؟
بالعودة إلى بعض المؤشرات، يمكن التوقف عند بعض النتائج المهمة، وأبرزها يتلخص بتراجع القدرة على تمويل احتياجات الدولة للعام المقبل، في حال استمرار التعطيل المبرمج لمؤسسات الدولة.
1- لا بد من الانطلاق من موضوع المالية العامة، المتوقفة نتائجها الحديثة عند منتصف العام ولم تصل إلى الفصل الثالث من السنة. تشير أرقام المالية العامة، وبعد قرار المالية بوقف السلفات والعديد من النفقات، سعياً وراء تحسين الصورة وضبط أرقام النفقات والعجز العام التي كانت تنمو بشكل كبير.

الدين العام وخدمته

فقد بلغت قيمة الدين العام حتى الفصل الثالث من السنة حوالي 65,973 مليار دولار، مقابل حوالي 62,3 مليار دولار للفترة ذاتها من العام 2013، أي بزيادة قدرها حوالي 3,6 مليارات دولار، وبما نسبته 5,7 في المئة. هذا مع العلم أن الدين الداخلي ارتفع حوالي 4 مليارات دولار، وبما نسبته حوالي 11,1 في المئة، مقابل تراجع الدين الخارجي حوالي 1,6 في المئة، بما قيمته حوالي 500 مليون دولار .
أما خدمة الدين العام فقد بلغت حتى منتصف العام 2014 حوالي 2157 مليون دولار، بزيادة نسبتها 12,6 في المئة في ستة أشهر تقريباً، مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية.
2- النقطة الأهم التي يجب التوقف عندها تتعلق بنشاط القطاع المصرفي، الذي يشكل المموّل الأساسي لاحتياجات الدولة والخزينة، بالتعاون مع مساهمات مصرف لبنان، الذي يلعب دوراً أساسياً، من خلال إصدار شهادات الإيداع وسندات الخزينة، لتغطية عجز الاكتتابات بسندات الخزينة من جهة، ولضبط السيولة في سوق القطع من جهة ثانية، مع الإشارة إلى أن ودائع القطاع المصرفي لدى مصرف لبنان زادت منذ بداية العام حتى نهاية أيلول حوالي 8 مليارات دولار، وهو مبلغ يفوق حجم الودائع التي دخلت إلى القطاع، والبالغة حوالي 5,8 مليارات دولار، وهذا مؤشر على تراجع فرص التوظيف في القطاعات والمجالات الأخرى بما فيها سندات الخزينة بالليرة اللبنانية.

الودائع والموجودات المصرفية

تظهر النتائج أن النشاط المصرفي خلال العام الحالي (تسعة أشهر) تراجعت مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية، من حيث نمو الودائع والموجودات وحتى الأرباح، والسبب هو تراجع نمو حركة الودائع والموجودات نتيجة الظروف الأمنية والسياسية المحيطة بلبنان، من خلال التوترات المتزايدة في المنطقة، والتي تتوسّع نحو كل المجالات الاقتصادية والاستثمارية.
لقد زادت الموجودات في القطاع المصرفي خلال تسعة أشهر من العام الحالي حوالي 6,5 مليارات دولار مقارنة مع حوالي 7,3 مليارات دولار للفترة ذاتها من العام الماضي، أي بتراجع نسبته 11,6 في المئة. أما الودائع فقد زادت خلال العام الحالي حوالي 5,8 مليارات دولار، مقابل حوالي 6,3 مليارات للعام الماضي، أي بتراجع نسبته 8,5 في المئة. حتى التسليفات المصرفية، وعلى الرغم من حوافز مصرف لبنان، بتنشيط التسليف وتخصيص حوالي 1200 مليار ليرة للعام الحالي، فقد تراجع نموها حوالي 0,2 في المئة على الرغم من ارتفاع قيمتها من 2,4 مليار دولار إلى 2,5 مليار دولار.

تراجع حركة الاستثمارات

3- الحديث عن ميزان المدفوعات يعكس حجم استمرار تراجع حركة الاستثمارات، حيث بلغ عجز ميزان المدفوعات حوالي 302 مليون دولار حتى نهاية أيلول» مقارنة مع 676 مليوناً للفترة ذاتها من العام الماضي. وهذا يعود إلى التحسن في حركة التحويلات والرساميل الوافدة بنسبة قدرها حوالي 850 مليون دولار، لتبلغ حوالي 12,9 مليار دولار مقابل حوالي 12,06 مليار دولار للفترة ذاتها من العام 2013، غير أن هذا التحسن قابله زيادة في عجز الميزان التجاري بحوالي 3,8 في المئة.

.. وحركة الصادرات

4- بالنسبة للصادرات الصناعية، فقد تراجعت خلال الفترة حتى نهاية أيلول حوالي 20,8 في المئة، بفعل الظروف المحيطة، لاسيما الوضع في سوريا. فقد بلغت الصادرات الصناعية حوالي 2312 مليون دولاراً مقابل حوالي 2953 مليون دولار للفترة ذاتها من العام الماضي، أي بتراجع حوالي 640 مليون دولار، وما نسبته 21,7 في المئة، في حين تراجعت الصادرات الزراعية حوالي 10,4 في المئة، وبلغت حوالي 190 مليون دولار، مقابل 212 مليوناً للفترة ذاتها من السنة الماضية، وهذا من أسباب تضرر المواسم الزراعية نتيجة تراجع الأسواق.
وتترافق هذه المؤشرات مع تراجع حركة المرفأ حوالي 6,5 في المئة، من حيث عدد السفن، مع نمو جزئي لحركة البضائع، بنسبة 1,6 في المئة. أما حركة المطار فتحسنت نتيجة حركة اللبنانيين حوالي 2 في المئة، في حين تحسنت الحركة السياحية ايضاً حوالي 4,1 في المئة.

مزيد من الجمود

في الخلاصة، أن النتائج الاقتصادية والمالية المحققة تبشر بمزيد من الجمود والتراجع، بموازاة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد، الذي يولد تراجعاً في حركة الاستثمارات الجديدة أو التوسعية للمشاريع الموجودة، مما ينعكس مزيداً من التباطؤ وتقليص فرص العمل وتراجع قطاعات الخدمات على مستوى الخدمات في الكهرباء والبنى التحتية من المياه إلى الطرق وغيرها. ومما يزيد الأمور تعقيداً عدم ظهور مبادرات لتمويل احتياجات لبنان، من المؤسسات الدولية والدول المانحة، لتغطية بعض من احتياجات كلفة النزوح السوري الذي يحمل المزيد من المخاطر على ارتفاع معدلات البطالة من جهة وكلفة قطاعات الخدمات العاجزة اصلاً.