رائد الخطيب
إذا كان التشريع هو المعضلة التي تحول دون انتاج الطاقة الكهربائية، ثمة سؤال يطرح على وزير الطاقة والمياه أرتيور نظريان: ماذا بعد القانون 288 الصادر في نيسان الماضي والذي نص على انه «تُضافُ الى المادة السابعةِ من القانون 462 تاريخ 2/9/2002 (تنظيم قطاع الكهرباء)، الفقرة الآتية: بصورة موقتة ولمدة سنتين، ولحين تعيين أعضاء الهيئة (الناظمة) واضطلاعها بمهمتها، تمنحُ أذونات وتراخيصُ الانتاج بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري الطاقة والمياه والمالية«؟
هذا يعني أن القانون الذي صدر في الجريدة الرسمية بتاريخ 8/5/2014، سمح للقطاع الخاص بانتاج الطاقة على أمل تحسين وضع التغذية. لكن أشهرا ستة انقضت دون ان يحرك الوزير ساكناً سوى قيامه بعمليات تفاوض من أجل التمويل والحصول على عمليات استشارية.
وفي هذا الاطار، ابدت مصادر معنية بوضع القطاع، تحفظها لعدم تحرّك وزارة الطاقة والمياه بهدف وضع القانون المشار اليه موضع التنفيذ، والتخفيف من فترات التقنين القاسي، سيما وانه توجد في لبنان شركات كثيرة متخصصة في هذا المجال ويسجل لها نجاحها في هذا المجال في بلدان اخرى. واستغربت الا يستغل نظريان هذا القانون لتحسين وضع اللبنانيين من جهة، خصوصا ان وقتا طويلا مضى لم تتح خلاله الفرصة سريعا للمستثمرين للمجيء والاستثمار في قطاعٍ حيوي كان كبّد الخزينة العامة ما لا يقلّ عن 23 مليار دولار، أو ما يوازي نحو 35 في المئة من الدين الإجمالي، حيث يشكل عجز المؤسسة 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وبحسب المصادر اياها، كان من الاجدى ان يستعين نظريان بخبرة المجلس الاعلى للخصخصة المتخصص في بلورة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وطلب مساعدته في اعداد دفتر شروط تمهيدا لتلزيم القطاع الخاص المعني بهذا الملف.
وإذا كان القانون الرقم 288 لا يرغم وزارة الطاقة على الاستعانة بالمجلس الاعلى للخصخصة الذي قد يكون الجهة الفضلى للقيام بتلك العملية نظرا إلى الخبرة التقنية والفنية العالية التي يتمتع بها، فالى متى تبقى الدولة تواجهُ نفسها بنفسها، ولا تستفيد من دور المجلس الأعلى للخصخصة، الذي أنشئَ خصيصاً لمثلِ هذه الامور خصوصاً أن لا هيئة ناظمة للكهرباء الى الآن.
الأمين العام للمجلسِ الأعلى للخصخصة زياد حايك، يأسف لمرور 6 اشهر على صدور القانون 288، من دون أي تحرك من قبلِ وزارة الطاقة. فـ»مهلة التراخيص والاذونات تتأكل سريعاً، فيما المدة المتبقية لانهاء هذه الجولة لا تتعدى السنة ونصف السنة. وبالتالي، ان تبدأ اليوم، لن يتمكن لبنان من الاستفادة من هذه الفرصة، كما حصل في العام 2006 أيام وزير الطاقة محمد فنيش حين كانت مدة منح التراخيص لسنة، إلا أنها لم تُستَغل بسبب الأوضاع الأمنية التي سادت آنذاك«.
يضيف «صحيح ان قانون الـ288 لم يلحظ اي دور للمجلس الأعلى، لكن نحن لدينا خبرة كفريق عمل للشراكة ما بين القطاعين العام والخاص. وحبذا لو اضيفت الى القانون المذكور مواد تشير الى ان اعطاء الاذونات يكون بعد ان يحضر المجلس الاعلى للخصخصة دفتر الشروط ويجري عمليات التلزيم والتي هي من صميم أعمال المجلس».
ولفت حايك الى «ان هناك عمليات شراكة تتم الآن بين القطاعين العام والخاص، إلا أن المشاريع التي تتم لم تكن كما يجب، وواجهنا مشكلات عدة، كمشروع الشراكة في مغارة جعيتا. القطاع الخاص يطلب الكثير من الوضوح والشفافية، وهذا دور قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الذي يحدد بوضوح عمليات التلزيم، وجزء من قانون الشراكة يحدد من هي الجهة التي ستنفذ هذا العمل، لا يمكننا ان نقوم بعمليات تلزيم كالتي توكل الى لجانٍ غالباً ما تناقشُ تفاصيل المشروع بعد رسو المناقصة، وأعطي مثلاً هنا على اللجان التي شكلت من أجل بواخر الكهرباء».
ويشير حايك الى أن قانون 288، لا يشير الى كيفية اعطاء الترخيص وعلى اي اساس، واين ينشأ المعمل. ويضيف «المشكلة هي ان المشرع غير ملم بكل قضايا الشراكة.. القصة تتطلب دراسة الموقع الذي سينشأ فيه المعمل في مناطق تستطيع تحمل ضغط الانتاج ولا يؤثر في توازن الشبكة».
وقال حايك «طلبنا من الوزير نظريان تطبيق قانون الشراكة وخصوصاً أن وزير الطاقة جزء أساسي من المجلس الأعلى للخصخصة الذي هو عبارة عن لجنة وزارية تضم عدداً من الوزارات الأساسية العائدة للمشاريع. لدينا الخبراء، وبامكاننا أن نعمل جميعاً على المشروع.. ونحن ننتظر جوابه منذ 6 أشهر، ومع الأسف، فان الوزير يجري حواراً استشارياً وتمويلياً مع البنك الدولي. لكن حتى لو توصل الوزير مع البنك الدولي الى اي صيغة، فان هذا الامر لا يحل مكان الدولة، فليس هناك من فريق داخل الوزارة ليقوم بعملية التفاوض، المستشارون بامكانهم فقط تقديم النصيحة».
إذاً 6 أشهر مرت ولم يحرك الوزير ساكناً، فيما تتوالدُ أزمات الكهرباء، فإذا ثبت أن إدارة القطاع العام لقطاع الكهرباء في لبنان كانت فاشلة ولا تزال، وبالتالي يجب ان نفتّش عن حلّ آخر لأن الخزينة لم تعد قادرة على حلّ مشكلة الكهرباء جذرياً في لبنان.
فالحل المقترح هو نوع من تشركة القطاع الخاص الذي لا يزالُ يراوح مكانه، فيما على اللبناني أن يكمل مسيرة درب الجلجلة دون توقف.