وائل مهدي
في سيناريو متكرر، واصل وزير النفط الإيراني بيجن نامدار زنقنيه مساعيه الدبلوماسية لرفع أسعار النفط بعد فقدانها 30 في المائة من قيمتها ووصولها إلى 80 دولارا، وهبط أول من أمس في الكويت لتكون المحطة الثانية في جولته الإقليمية بعد الدوحة التي زارها يوم الاثنين.
وقام الوزير الإيراني في الكويت بفعل الشيء نفسه الذي فعله في الدوحة، حيث قام بتسليم رسالة خطية من رئيس بلاده حسن روحاني إلى يد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وتكرر السيناريو نفسه لليوم الثاني على التوالي عندما اكتفت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بالقول أمس إن المقابلة التي جرت يوم الثلاثاء وحضرها وزير النفط الكويتي، علي العمير، تضمنت تسليم الوزير الإيراني رسالة لأمير الكويت من الرئيس حسن روحاني «تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الصديقين وسبل تنمية أوجه التعاون بينهما في المجالات كافة». وكما حدث مع الزيارة القطرية، جاءت التفاصيل من الجانب الإيراني، حيث قالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إيرنا) أمس إن الوزير أعطى شرحا مختصرا للأمير عن «التطورات في السوق النفطية».
والشيء الوحيد الذي اختلف في سرد الأحداث للزيارتين هو أن «إيرنا» قالت إن الوزير الإيراني زنقنيه اجتمع بنظيره الكويتي علي العمير لمناقشة الأمور ذات الاهتمام المتبادل.
وكانت «الشرق الأوسط» ذكرت أمس أن الوزير الإيراني زار قطر يوم الاثنين وسلم أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رسالة من الرئيس روحاني يدعوه فيها إلى التعاون «لجلب الاستقرار إلى أسعار النفط في السوق العالمية»، وذلك طبقا لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية ووكالة أنباء «فارس» شبه الرسمية.
وتعليقا على الزيارة الإيرانية إلى الكويت، يقول المحلل الكويتي الرئيس التنفيذي السابق في شركة البترول الكويتية العالمية كامل الحرمي لـ«الشرق الأوسط»: «كل ما أراه في هذه الزيارة هو أن إيران تريد إبداء حسن النية قبل اجتماع (أوبك) المقبل، وتدعو إلى التعاون مع دول الخليج. ولكن إلى الآن، لا يبدو واضحا لماذا تسعى إيران إلى التواصل مع البلدان في (أوبك) التي لم تتأثر ميزانيتها بهبوط الأسعار؟!».
ويضيف الحرمي: «نحن في الكويت لن نشعر بأي ألم قبل أن يصل سعر نفط برنت عند 60 دولارا، عندها من الممكن أن يكون هناك بيننا وبين إيران لغة مشتركة في الحوار حول الأسعار».
وتعتبر المحاولة الدبلوماسية الإيرانية مع قطر والكويت بادرة غريبة، إذ إن الدولتين لا تتقاسمان مع إيران الهموم نفسها في ما يتعلق بهبوط الأسعار. فإيران تحتاج إلى سعر نفط قدره 130 دولار تقريبا حتى لا تحقق ميزانيتها عجزا، فيما تضع أغلب التقديرات السعر الذي تحتاجه قطر بين 60 و70 دولارا للبرميل، وبالنسبة للكويت فإن السعر الذي تحتاجه هو 75 دولارا للبرميل.
وفي ما يتعلق بالكويت، فإن وزير نفطها أوضح في أكثر من مناسبة في الفترة الأخيرة أنها لن تخفض إنتاجها ولن تفرط في مصالحها الاقتصادية لحساب أي جهة.
ويقول الحرمي إن التحركات الدبلوماسية والسياسية أصبحت نشطة بين الدول في المنطقة من أجل خلق أجواء سياسية هادئة تمهد لاتفاق واجتماع أفضل عندما يلتقي وزراء النفط في اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الذي سينعقد في 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. واستدل الحرمي على هذا بالزيارة التي قام بها الرئيس العراقي إلى المملكة ولقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الأسبوع الحالي والتي ستساهم في زيادة الأجواء الإيجابية بين منتجي المنطقة. وأضاف: «بالتأكيد، هناك أمور سياسية كبرى وأهم، مثل مواجهة خطر (داعش)، ولكن زيارة بهذا الحجم لا بد أن تترك أثرا سياسيا لطيفا في الاجتماع المقبل في (أوبك)».
وتكافح إيران التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على تصدير النفط من أجل استعادة توازن الميزانية التي تضررت كثيرا بسبب الهبوط الحاد لأسعار الخام، إذ قال روحاني الشهر الماضي إن انخفاض الأسعار الحالي ساهم في فقدان إيران نحو 30 في المائة من إيراداتها.
وتراجعت أسعار النفط العالمية نحو 30 في المائة منذ يونيو (حزيران) إذ ساهم إنتاج النفط الصخري الأميركي الآخذ في التزايد في تنامي الإمدادات. وتكررت خلال الفترة الماضية التصريحات بأن «أوبك» لا تعتزم تخفيض الإنتاج للتأثير على الأسعار، وحتى الآن اقتصرت الدعوة إلى خفض إنتاج «أوبك» على مسؤول ليبي في المنظمة وفنزويلا والإكوادور.
ويوم الاثنين الماضي، قال وزير النفط الكويتي علي العمير للصحافيين في أبوظبي إن من المستبعد أن تقرر «أوبك» خفض سقف إنتاجها خلال اجتماعها المقبل في 27 نوفمبر. وقال ردا على سؤال: «سيكون قرارا صعبا، لكن لا أتوقع أي خفض»، وأضاف أنه يتوقع أن تمتص السوق قريبا فائض المعروض النفطي، لكن حجم الإمدادات الزائدة غير واضح.
وإيران من أعضاء «أوبك» الذين يدعون عادة لخفض إمدادات المعروض لدعم الأسعار، لكنها غيرت نهجها الشهر الماضي وقالت إن بوسعها تحمل انخفاض أسعار النفط وإنه لا توجد خطة لاجتماع طارئ لـ«أوبك» لوقف هبوط الأسعار.