ايفا ابي حيدر
أكدت مصادر في وزارة الصحة لـ»الجمهورية» أنّ الحملة الرقابية التي انطلقت أمس الاول في المؤتمر الصحافي لوزير الصحة وائل ابو فاعور لم تنتهِ وستستكمل فور ورود نتائج جديدة، وهي لن تقتصر على محلات بيع اللحوم والدجاج انما ستستكمل على الافران ومحلات الحلويات والمطاعم وعلى كل مؤسسات بيع المواد الغذائية.
وأكدت المصادر انّ الاعلان عن النتائج سيستكمل بالطريقة ذاتها، أي بالإعلان عن المخالفين علناً ومَن لديه مشكلة مع هذا الامر فليحتكم الى القضاء. وأشارت الى أنّ الكشف طاولَ 1005 مؤسسات وسيتم الاعلان عن بقية النتائج غير المطابقة تباعاً عند جهوزها، من ضمنها الافران ومستوردي اللحوم ومؤسسات انتاج الغذاء…
ورداً على سؤال عن اسباب عدم الكشف عن اسماء المؤسسات التي تتمتع بمواصفات صحية مطابقة بهدف إرشاد المواطنين الى اماكن الغذاء الصحية، قال: الهدف من إعلان أسماء المؤسسات او المطاعم المخالفة خلق صدمة في اوساط التجار المخالفين والمستهترين بصحة الناس، ولتوعية الناس لتجنّب الشراء منهم. امّا الاعلان عن أسماء المحال المطابقة للمواصفات فيكون بمثابة إعلان تجاري، لذا الوزارة تمتنع عن ذلك.
أضاف: المؤسسات التي ذكر اسمها الوزير ابو فاعور في المؤتمر الصحافي سيُعاد الاعلان عن اسمها في مؤتمر صحافي لاحق في حال صحّحت وضعيتها الصحية لتصبح مطابقة لمعايير سلامة الغذاء.
وأعلنت المصادر أنّ أقسام اللحوم في المؤسسات التجارية غير المطابقة لمعايير النظافة وسلامة الغذاء ستقفل، وسيلاحظ المواطن ذلك تماماً. كما أعلن أبو فاعور في المؤتمر الصحافي أنه «سيطلب من وزارة الداخلية والمحافظين والقائمقامين إقفال الأقسام التي تحتوي على الأصناف الملوّثة في كل المؤسسات التي تمّ الكشف عليها إلى حين إثبات العكس».
وشرح، على سبيل المثال، انّ من الاسماء التي ذكرت في المؤتمر الصحافي للوزير ابو فاعور سوبرماركت TSC، وبما أنّ قسم اللحومات لم يكن مطابقاً للمواصفات، أقدمت أمس وزارة الداخلية على إقفال هذا القسم، وسيلاحظ المواطن ان لا قسم للّحومات في هذا السوبرماركت لأنه مُغلق الى حين تحسين أوضاعها.
كذلك أقدمت الداخلية على إقفال ملحمة الناطور. وطمأنت المصادر المواطن الى انه بدءاً من اليوم ستقفل أقسام اللحومات في السوبرماركات حيث يجب، بما يسهل عليه الاختيار.
عند سلام
وأمس، نال وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور الدعم اللازم من رئيس الحكومة تمام سلام بعد أن أطلعه على تفاصيل الإجراءات التي تقوم بها وزارته في مجال الرقابة على سلامة المواد الغذائية والنتائج التي توصلت اليها أخيراً في هذا المجال.
وأثنى الرئيس سلام على هذه الخطوة مؤكداً دعمه له في ما يقوم به لحماية المصلحة العامة وصحة اللبنانيين. كما شجّعه على متابعة الإجراءات التي تقوم بها وزارته، وطلب منه التشدد في مراقبة نوعية الغذاء الذي يستهلكه اللبنانيون واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة في حقّ كلّ من يعرّض صحة المواطنين للخطر.
أبو فاعور
وتعليقاً على الضجة المُثارة حول موضوع سلامة الغذاء، أكد أبو فاعور أمس انه «في سلامة الغذاء ليس لدينا ثأر على أحد أو انتقام من أحد، إنما لدى وزارة الصحة مسؤولية ضميرية ودستورية وقانونية وأخلاقية تجاه المواطن اللبناني».
وأبدى تفهّمه لبعض ردود الأفعال المعلنة وغير المعلنة ولرسائل وَردته، وتوجّه إلى «المنزعجين من الحملة القائمة من وزراء وغير وزراء»، قائلاً: «من يريد أن يكون منحازاً لأصحاب المصالح، فهذا شأنه.
أمّا نحن فمنحازون لصحة المواطن والقانون والعدل والواجب. نحن لا نعتدي على صلاحية أحد من الوزراء بل نقوم بواجبنا، وسنكمل القيام بواجبنا، ولن يثنينا تصريح من هنا أو فذلكة من هناك. ومَن ينتقدني فليذهب للعمل والقيام بواجباته في وزارته، وأنا مستعد لأن أكون في خدمته. نحن نقوم بهذه الخطة في وزارتي الزراعة والصحة والخطة مستمرة ولن نرتدع».
اضاف: «إذا كان أحد الوزراء يعتبر أنّ السياحة والإقتصاد لا يمرّان إلّا على صحة المواطن اللبناني وجثّته، فهذه ليست السياحة وهذا ليس الإقتصاد. نحن نسجّل أسبوعياً عشرات حالات التسمّم في كل المناطق اللبنانية».
موقف الزراعة
من جهتها، أعلنت وزارة الزراعة أنها، ومن ضمن صلاحياتها المحددة بالقانون، تقوم بالإجراءات الضرورية كافة للتأكد من سلامة المنتجات النباتية والحيوانية المعدة للاستهلاك وصحتها، لكنها ترى أنّ تَوزُّع الصلاحيات المتعلقة بالرقابة على سلامة المنتجات الغذائية بين كلّ من وزارة الزراعة ووزارة الصحة العامة ووزارة الاقتصاد والتجارة ووزارة الصناعة ووزارة السياحة ووزارة البيئة والجمارك والبلديات، وعدم وجود جهة منسّقة بينها، يؤدي الى إضعاف الرقابة على سلامة هذا المنتج وصحته.
وانطلاقاً ممّا تقدّم، دعت الى وجوب إنشاء هيئة أو مؤسسة مستقلة لسلامة الغذاء تكون أولى صلاحياتها ادارة موضوع الرقابة على سلامة الغذاء وصحته، من أجل وضع حد نهائي للاستهتار القائم بصحة المواطن وسلامة غذائه.
بين مؤيّد ومعارض
الى ذلك، انقسمت الآراء أمس بين مؤيّد لخطوة ابو فاعور ومعارض لها، ففي حين رحّب البعض بالخطوة، رأى البعض الآخر انها خطوة متسرّعة وانه من غير المقبول التشهير بالمطاعم واعلان اسماء المخالفين قبل توجيه انذارات خطية وقبل صدور أحكام قضائية.
في هذا الاطار، اكّد رئيس جمعية تراخيص الامتياز شارل عربيد لـ»الجمهورية» انّ الجمعية تحت سقف القانون، وهي تؤيّد كل الاجراءات التي تؤمن السلامة العامة وسلامة الغذاء، وهذه تعتبر خطوة اساسية في دعم العلامات التجارية والمفاهيم التسويقية التي نعمل لتطويرها ونشرها، خصوصاً الفرانشايز اللبناني الذي نسعى لتصديره الى الخارج.
واعتبر عربيد انّ ما يقوم به ابو فاعور خطوة جريئة وجيدة وجدية وندعمه فيها، لكننا كنّا نأمل كجمعية الّا يتمّ الاعلان عن اسماء المحلات المخالفة في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة التي نمر بها، تجنّباً لأيّ خطأ محتمل.
وإذ أعلن أنّ الجمعية ستلتقي أبو فاعور اليوم لمناقشة الموضوع، أكد انّ الجمعية تحت سقف القانون وهي منفتحة على الحوار ومستعدة لمعالجة كل الثغرات لتقوية الفرانشايز اللبناني. ودعا الى خلق صدمة ايجابية نسعى من خلالها الى تحسين الاداء العام للمطاعم والمؤسسات اللبنانية المشهود لها في العالم، خصوصاً أن الوضع الاقتصادي اليوم لا يحتمل خضّات كبيرة بهذا الحجم.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان التشهير ببعض المطاعم العالمية الموجودة في لبنان قد يعيد النظر باستمراريتها هنا، قال: هذه المطاعم هي ذات علامات تجارية عالمية ومعروفة وتتميّز بالجودة والضمانة الاكيدة للنوعية، علماً انها تعمل وفق معايير عالمية، ونعتقد انها تقوم بواجبها جيداً، ويمكن تصحيح الخلل في حال وُجد. وأمِل عربيد في ألّا تخلق هذه الحملة جموداً في حركة ارتياد المطاعم، خصوصاً اننا نسعى كجمعية لتصدير طريقة العيش اللبنانية التي تتميز بتخطّيها كلّ المصاعب والمطبّات.
من جهته، أكد رئيس «نقابة أصحاب المطاعم» طوني رامي، في تصريح، انّ «القطاع تحت القانون وهمّه تأمين سلامة الغذاء وقد اعتبرناه من الاولويات في برنامج عمل مجلس النقابة الجديد».
أضاف: «لا يمكن أن يذهب المطعم الجيّد بجريرة المطعم الفاسد وأن يتعرّض القطاع كله للتشهير، خصوصاً أنّ اعتماد المعايير لسلامة الغذاء تختلف بين وزارة ووزارة، وبين منطق وآخر، وبين عقلية وأخرى، وبين مبادىء وأخرى، خصوصاً أنّ قانون سلامة الغذاء لم يبصر النور حتى الآن، وبالتالي لا وجود لقانون يحدد المعايير المفروضة لسلامة الغذاء.
وبالتالي، لا يمكن لعلامات تجارية مشهود لها بالجودة والنوعية أن تتعرض لهذه الحملة التي لا ذنب لها سوى التناقض في كيفية اعتماد المعايير لسلامة الغذاء».
وأكّد أنّ «صحة المواطن تعتبر من الاولويات لدى قطاع المطاعم. وبالتالي، فإنّ النقابة ترفض أيّ نوع من التشهير قبل توجيه انذارات خطية وقبل صدور أحكام قضائية تدين المطاعم التي تعرضت للتشهير».
في المقابل، أشاد رئيس الهيئات الاقتصاديّة الوزير السابق عدنان القصّار بالخطوات «المسؤولة والحازمة التي اتخذها أبو فاعور». ولفت، في بيان، إلى أنّ «وزارة الصحّة، أثبتت أنها نموذج يحتذى في هذا المجال».