ايفا ابي حيدر
ماذا بعد تفجير وزير الصحة وائل ابو فاعور قنبلة سلامة الغذاء واعلان أسماء المحلات المخالفة علناً وأمام كل وسائل الاعلام؟ بالأمس توالت ردود الفعل على الحدث، وركّز المعترضون على المخاطر التي قد تطاول الاقتصاد جرّاء الاسلوب الاستعراضي الذي اعتمده وزير الصحة. لكنّ ابو فاعور اكّد استمراره بالحملة واتهم المنتقدين بأنهم يدعمون أصحاب المصالح.
«يجب وقف المذبحة الحاصلة بحق أموال الدولة والمواطنين والمكلفين اللبنانيين». تصريح لوزير الصحة العامة وائل أبوفاعور حول فواتير المستشفيات الوهمية او المضخمة والسرقات والنهب والفساد في القطاع الصحي.
«لقمة اللبناني مغمسة بالأمراض، والحملة مستمرة حتى تأمين الحدّ الأدنى من السلامة الغذائية». تصريح آخر لأبو فاعور حول المخالفات الخطرة التي اكتشفتها وزارة الصحة في موضوع سلامة الغذاء.
حشد أبوفاعور عبر «النفضة» التي يقوم بها للقطاع الصحي من خلال تخفيض تصنيف المستشفيات أخيراً والكشف عن فضائح عدّة تمسّ صحّة المواطن، تقديراً كبيراً لدى كل أطياف المجتمع.
لكنّ النقطة الاساسية التي يتجاهلها الكثيرون انّ ما بعد «أبوفاعور» قد يكون مشابهاً لما قبله، لأنّ الخلَف ليس بالضرورة مثل السلَف. فالحقائب الوزارية تتغيرّ مع الحكومات، وورشة العمل التي بدأها ابوفاعور لن يكملها غيره على الأرجح. ماذا بعد أبوفاعور؟ وكيف يمكن تأمين ديمومة التدقيق والمراقبة والكشف عن المخالفات؟
الحلّ الوحيد يتمثل بتلزيم التدقيق في مختلف القضايا التي تُعنى بصحة المواطن الى شركات تدقيق تابعة للقطاع الخاص، لأنّ الاجهزة الرسمية اثبتت، على مدى عقود مضت، عدم فعاليتها وفشلها في المراقبة.
كذلك فإنّ الشغورَ كبير على صعيد المراقبين والمفتشين التابعين للوزارات ما يقلّص من قدرتها على تأمين تغطية شاملة للأراضي اللبنانية كافة، فيما مَن يعمل اليوم في القطاع العام كمراقب او مفتش فقد ثقة المواطنين به، وأصبح متّهما بتقاضي الرشوة التي باتت تشكل جزءاً لا يتجزّأ من راتبه.
الحلّ الوحيد يكمن في «تشريك» القطاع الخاص في المراقبة والتدقيق، عبر شركات جاهزة ومستعدّة للمهمة، متخصصة بتدقيق الحسابات، في وزارة الصحة، المستشفيات والجهات الضامنة.
خلفية التوقيت
لماذا اليوم، يتمّ الاعلان عن حالات الغش والفواتير الوهمية على رغم أنها قائمة منذ سنين؟ لمَ لمْ تتحرك الاجهزة الرقابية للكشف على المواد الغذائية غير المطابقة لمواصفات السلامة الغذائية قبل اليوم؟
أسئلة عدّة تشير أجوبتها الى توجّه وزير الصحة وائل أبوفاعور من خلال «نفضته» للقطاع الصحي، الى تشريك القطاع الخاص في التدقيق والمراقبة، على غرار ما قامت به قوى الامن الداخلي. وإلّا، فإنّ ما يقوم به الوزير من ضجّة إعلامية، واحالة مراقبين الى القضاء والتهديد بإقفال مؤسسات، لن يصبّ في مصلحة المواطن على المدى البعيد، لأنه لا يملك حقيبة «الصحة» الى الأبد!
وبما انّ فرضية المحاصصة التي تفرض نفسها عند أيّ صفقة تلزيم للقطاع الخاص، قائمة، أصبح المواطن اللبناني يفضّل سياسة توزيع الحصص، على أن يتمّ تهديده بصحته وأمنه الغذائي.