أكد السفير الأميركي ديفيد هيل أن “المطلوب في هذه المرحلة التعويل على مكامن القوة في الدستور اللبناني، لا هدمه، مشدداً على ضرورة أن يتخذ اللبنانيون قرار انتخاب رئيس للجمهورية “في أقرب وقت ممكن وبما يتوافق مع الدستور اللبناني.
وجدد دعوة مجلس النواب اللبناني “إلى انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن وبما يتوافق مع الدستور اللبناني”. وقال: “إن انتخاب رئيس هو قرار يعود إلى اللبنانيين وحدهم، ولكن يجب عليهم أن يتخذوه”. وقال: “إن “الولايات المتحدة ملتزمة الشراكة القوية مع الشعب اللبناني في المواجهة المشتركة لخطر التطرف”.
هيل أشاد بالجهود المتواصلة التي تبذلها غرفة التجارة الأميركية اللبنانية لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين. ولاحظ أن النشاط التجاري بين البلدين شهد حقبة ذهبية في العقد الراهن، رغم الإضطرابات التي تعصف بلبنان. وأشار إلى أن الصادرات الأميركية إلى لبنان ازدادت أربعة أضعاف منذ العام 2005، ليتخطّى حجمها 1,5 مليار دولار سنة 2013. وذّكر بأن الولايات المتّحدة كانت أكبر شريك تجاري للبنان بين العامين 2008 و2012، مؤكداً أن ثمة مزيداً من الفرص في قطاعي التجارة والأعمال يمكن البلدين الإفادة منها لتنمية” العلاقات الإقتصادية بينهما.
وابدى اعجابه بـ”المناعة المذهلة التي يظهرها لبنان، شعباً واقتصاداً”، إذ أن “الاقتصاد اللبناني يسجّل نموّا رغم المصاعب المحليّة والإقليمية التي يواجهها”. وقال: “إن لبنان كانت سيشهد إزدهاراً اقتصادياً لو تسنى له “التركيز على إطلاق إصلاحات اقتصادية فعليّة تستحدث فرص عمل وتحفّز النموّ وتحسّن البنى التحتيّة وتوفّر شبكة كهربائية فعّالة الكلفة للجميع، فضلا عن تعزيز شبكة الانترنت وتذليل الحواجز غير الضروريّة التي تعرقل الأعمال”. لكنه لاحظ أن هذا الاقتصاد “يفتقر إلى عنصر أساسيّ واحد ليزدهر ألا وهو الاستقرار”. وشدد على أن “أكبر خطر يهدّد هذا الاستقرار اليوم هو تنظيم داعش”.
وإذ أقر هيل بأن هذا التنظيم “يزرع الخوف في النفوس”، أكّد أنه “ليس عصيّا على الهزيمة”. وأبرز أن مواجهة “داعش” يجب ألا تقتصر على الحرب الميدانية، إذ أن الأهمّ منها “محاربة العقيدة المتطرفة”، من خلال “نسف أسس التطرّف والعنف وتوطيّد القيم الإيجابية”. وأكّد أن “ثمة قيماً مشتركة بين كل الديانات، ومنها الإسلام والمسيحيّة، ومن هذه القيم أهميّة الحياة البشرية وكرامة الإنسان وتقبّل الآخر”.
وأضاف: “نحن نواجه اليوم مجموعة من الإرهابيين تقضي على الحجر والبشر وتقتل المعتدلين من جميع الأطياف، لذا ينبغي لنا أن ندرك أنّ الكرة في ملعبنا، لأنّ قيمنا أقوى من عقائد المتطرّفين. والحاجة إلى التعاون ملحّة، على كل الأصعدة، الدينية منها والثقافية والجغرافية، بغية إقناع العالم بضرورة مقاومة الخطاب المتطرّف واعتناق قيمنا المشتركة التي تدعو إلى الاحترام المتبادل”.
وتحدث هيل عن الدعم الذي توفّره الولايات المتّحدة للقوى الأمنية في العراق، لافتاً إلى “وضع معقّد جدّاً في سوريا لن يُحلّ في القريب العاجل”. وتابع: “نحن نسعى إلى المساهمة في تشكيل معارضة معتدلة يمكننا أن نثق بها ونتعاون معها (…) لاستعادة المناطق من داعش والمشاركة أيضا في المفاوضات السياسية بغية فضّ النزاع”.
وقال: “في لبنان، ساهمت الولايات المتحدة بنحو 600 مليون دولار منذ بدء الأزمة السورية، في مساعدة اللاجئين السوريين والمجتمعات اللبنانية التي تستضيفهم”. وأكد استمرار بلاده في هذا الدعم، مشيراً إلى أنها أعلنت في 28 تشرين الأول الفائت عن مساعدات إنسانية إضافية بقيمة عشرة ملايين دولار سيخصص معظمها لدعم مشاريع تتعلق بالمجتمعات المضيفة في لبنان”.
وأكّد التزام واشنطن دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حربهما ضد الإرهاب وسعيهما إلى حماية حدود لبنان. وأشار إلى أنها أرسلت منذ معركة عرسال في آب الفائت، شحنات كبيرة من الأسلحة والذخيرة.
وشدد على أن “التغلب على داعش لن يعيد وحده الإستقرار إلى لبنان، إذ ثمة مشاكل كامنة”. وأضاف: “لقد عقد الزعماء اللبنانيون حواراً وطنياً لحل هذه المشاكل، وتوصلوا إلى الإتفاق على إعلان بعبدا كمحطة مهمة على طريق الإستقرار. وفي انتظار ان يشهد هذا الحوار تقدماً، وألاّ يكتفى بالاتفاق على مبادئه بل أن يتم الالتزام بها، سيبقى لبنان معرضاً لمخاطر فعلية، وعلى رأس هذه المخاطر استمرار تنظيم مسلح هو حزب الله في حمل السلاح والتصرف منفرداً من دون أية محاسبة. فما دام الوضع على هذا النحو، سيبقى الإستقرار والنمو معدومين”.
وشدد على ضرورة أن يكون الدفاع عن الأراضي اللبناني محصوراً بالمؤسسات الأمنية الرسمية، إذ هي وحدها خاضعة لمحاسبة الشعب، في حين أن أي تنظيم مسلح لا يخضع لهذه المحاسبة”.
ورأى أن “قرارات الحرب والسلم، والحياة والموت، التي تؤثر على كل مواطن لبناني، يجب أن تكون لحكومة مشكلة وفق الدستور وقابلة للمحاسبة أمام الشعب اللبناني، لا لميليشيا تخضع للمحاسبة أمام دولة أجنبية”.
كلام هيل جاء خلال لقاء حواري معه أقامته غرفة التجارة اللبنانية الأميركية في مطعم EAU DE VIE في فندق “انتركونتيننتل فينيسيا”، بحضور الوزير السابق نقولا نحاس، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس، ورئيس مجلس إدارة تلفزيون لبنان مديره العام طلال المقدسي، وعدد من رؤساء الهيئات الاقتصادية والغرف، بينهم الرئيس الفخري للاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربيّة رئيس الهيئات الإقتصادية الوزير السابق عدنان القصار، ورئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل، ورئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية جوزف طربيه، ورئيس اتحاد رجال الأعمال المتوسطي جاك صراف، ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، ورئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين فؤاد زمكحل، ورئيس غرفة التجارة الدولية وجيه البزري، ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر، ونقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء فؤاد الخازن، ورئيس جمعية رجال الأعمال اللبنانية الهولندية محمد سنو ورئيس جمعية الصناعيين فادي الجميّل، ورئيس الندوة الإقتصادية اللبنانية رفيق زنتوت، ورئيس غرفة التجارة الفرنسية اللبنانية نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان غابي تامر.
رئيس غرفة التجارة اللبنانية الأميركية سليم الزعني شدد في كلمته الترحيبية الضوء على أهمّية هذا اللقاء الحواري، فاعتبر أنّه “ضروريّ لتطوير العلاقة بين لبنان والولايات المتّحدة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.”
وأشار إلى أنّ “السفير هيل كان في لبنان في مراحل رئيسة عدّة في الماضي ولطالما كانت مساهمته مفيدة لتطوير العلاقات اللبنانية-الأميركية”. وأضاف “نأمل في الاستفادة من وجوده بيننا حاليًّا في هذه المرحلة العصيبة التي يمرّ بها لبنان”.
وتطرّق الزعني إلى الأزمة الرئاسية في لبنان، واصفًا إيّاها بـ”غير المقبولة والمثيرة للقلق” ومشدّدًا على تأثيرها الواضح على البيئة الاقتصادية، لكنه أكّد أنّ “القطاع الخاص المرِن مصمّم على استعادة الاقتصاد اللبناني ازدهاره.”
وختم قائلاً: “لهذه الأسباب، ستستمرّ غرفة التجارة اللبنانية-الأميركية في تعزيز علاقات الشراكة التي تجمعها بالسفارة الأميركية إلى جانب سعيها المستمرّ إلى التعاون مع الولايات المتّحدة ودعمها بصفتها أحد شركاء لبنان التجاريين الأساسيين.”