IMLebanon

عقار السعودية الأكثر ارتفاعا عالميا

SaudiRiyadRealEstate
عبدالحميد العمري
أظهرت مقارنة نمو أسعار المنازل حول العالم على موقع صندوق النقد الدولي (Global Housing Watch)، مع مثيلتها في المملكة بموجب بيانات وزارة العدل خلال النصف الأول من عام 2014 مع النصف الأول من عام 2013، أن نمو أسعار المنازل في المملكة هو الأعلى على مستوى العالم، حيث وصل معدل الارتفاع السنوي إلى 16.44 في المائة كأعلى معدل نمو في الأسعار، تلاها كل من استونيا في المرتبة الثانية بـ 15.9 في المائة، ثم أيرلندا في المرتبة الثالثة بـ 9.1 في المائة، ثم المملكة المتحدة في المرتبة الرابعة بـ 8.1 في المائة، ثم أستراليا في المرتبة الخامسة بـ 7.4 في المائة، ثم أيسلندا في المرتبة السادسة بـ6.8 في المائة، ثم تركيا في المرتبة السابعة بـ 6.7 في المائة. بينما حلتْ أوكرانيا في المرتبة الأولى كأكثر الدول انخفاضا في أسعار المنازل بـ -28.6 في المائة، فالهند في مرتبة تليها بـ – 7.8 في المائة، ثم سلوفينيا بـ – 7.0 في المائة، ثم روسيا بـ -6.0 في المائة، ثم اليونان وإيطاليا وسنغافورة وإسبانيا بنحو – 5.6 و- 5.2 و- 5.0 و- 4.1 في المائة على التوالي.
تستمر الإحصاءات والبيانات في الكشف عن زيف ما قام بترويجه أقطاب السوق العقارية طوال سنواتٍ مضتْ، ويوما بعد يوم ينكشف تزوير الحقائق والترويج لها عبر مختلف وسائل الإعلام، التي تم تجنيد كتاب رأي ومحررين لأجل نسج أوهامٍ وأكاذيب، لم يدفع ثمنها سوى الاقتصاد والمجتمع! قبل هذا كشفت بيانات وزارة العدل ومصلحة الإحصاءات والمعلومات وهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزودج الأخيرة: 1) أن أكثر من 90.4 في المائة من قيم ومساحات صفقات تداول السوق العقارية محليا، لا تتعدى كونها مجرد تدوير أموال ومضاربات على (تراب) أراض فقط، وصلت خلال العام الماضي إلى أكثر من 440.4 مليار ريال! 2) أنه يوجد فائض عرض من الوحدات السكنية، يصل مع اقترابنا من نهاية العام المالي الجاري إلى 635 ألف وحدة سكنية، وأن ما تم الترويج به طوال سنوات مضت لم يتجاوز كونه أدوات لتمرير ارتفاعات الأسعار المجنونة للعقارات، ولإخفاء أهداف وغايات ترتبط بتحقيق مصالح وأطماع خاصة بشريحة ضيقة مستفيدة من تفاقم أزمة الإسكان محليا، ولعل مما أصبح فاضحا لزيادة عروض الوحدات السكنية عن الطلب الحقيقي، ما أصبح واحدا من أكثر مصادر التلوث البصري في شوارع المدن والأحياء، ممثلا في آلاف لوحات الإعلان عن بيع المساكن على مختلف أنواعها.
والآن نرى دولا هي إما أكثر ثراء وإنتاجا من اقتصادنا، أو دولا سكانها أكثر من عدد السكان لدينا بما لا يقبل حتى المقارنة، أو دولا لا تصل مساحتها حتى 10.0 في المائة من مساحة بلادنا، نرى أسعار المساكن والمنازل فيها أقل من المستويات السعرية لدينا، وأقل نموا سنويا، بل إن بعضها سجل تراجعا فيها بصورة لافتة (مع استثناء أوكرانيا التي تمر بفترة عدم استقرار).
إن جميع تلك الإحصاءات والبيانات تثبت بما لا يدع مجالا للشك تورط السوق العقارية لدينا، وبالأحرى تورط كبار المتعاملين فيها ومن يتبعهم من السماسرة وبعض محرري وسائل الإعلام، في افتعال أزمة اقتصادية وتنموية ما كان لها أن تكون موجودة، لولا الأسباب التي ساعدتهم مجتمعين على افتعال هذه الأزمة الخطيرة. سبق أنْ تم الكتابة والحديث عن تلك الأسباب، من أبرزها احتكار الأراضي، غياب فرص الاستثمار البديلة ما دفع بالسيولة للاتجاه نحو الاستثمار والمضاربة في العقار، التلاعب بالأسعار والتضليل والتدوير الهائل للسيولة على مخططات الأراضي، زاد من سخونة الأزمة تفاقم إصدار الصكوك المزورة التي وصلت مساحات ما اُسترد منها حتى تاريخه إلى 1451 كيلو مترا مربعا (1.45 مليار متر مربع)، مثلت من إجمالي مساحة مدينتي الرياض وجدة التي وقعت فيها تلك الصكوك نحو 33.0 في المائة!
لم تعد مواجهة تلك الأخطار والتشوهات محل مناقشة ودراسة، نفعل أو لا نفعل، نقرر أو لا نقرر، الأزمة بكل ما تحمله من مخاطر وخيمة على مقدرات البلاد والعباد، تتطلب فعلا تحركا جادا وسريعا وحاسما، فلا بد أن يتم اتخاذ ما يلي على وجه السرعة: 1) إقرار الرسوم (الغرامات) على الأراضي المحتكرة، كما حمله مشروع وزارة الإسكان أخيرا، وبالنسبة لمن يحتج بعدم جدواها في بعض الدول كالكويت، فهو إما يجهل أو يتجاهل حقيقة أن فشلها نتج عن كون أن أكثر من 90.0 في المائة من ملكية الأراضي في الكويت وبقية الدول المشابهة عائدة لملكية الدولة، وهو ما لا يوجد له أي وجه شبه لدينا. 2) سرعة تطبيق الزكاة على الأوعية العقارية، التي صدر نظامها الجديد، ولعل تصريحات المالية ومصلحة الزكاة والدخل الأخيرة تشير إلى قرْب تنفيذ هذا المشروع من العام المالي القادم 2015، ويعتبر خطوة مهمة جدا إلى الأمام على طريق حل هذه الأزمة. 3) فرض رسوم إضافية على صفقات المتاجرة في الأراضي للفترات (ملكية لأقل من عام، ملكية لأقل من عامين، ملكية لأقل من ثلاثة أعوام، ملكية لأقل من أربعة أعوام، ملكية لأقل من خمسة أعوام)، فتكون الرسوم متدرجة في الانخفاض كلما زادت فترة التملك، تلك الفترة التي ستواجه من جانب آخر قيود الرسوم المقررة على عدم إحياء وتطوير الأراضي. 4) أن تقوم الدولة بنزع ملكية الأراضي ذات المساحات الشاسعة غير المستغلة في الأوجه المشروعة لتطويرها وإحيائها، خاصة (أراضي المنح) بمساحات هائلة، التي تعد أحد أبرز أسباب ما وصلنا إليه من أزمة عقارية وإسكانية.
قد يفيد تراجع سعر النفط عالميا في تخفيف مستويات الأسعار اللاهبة الآن، إلا أن أثره قد لا يبدأ إلا متأخرا بعدة أشهر، ووفقا للمستويات الراهنة والتوقعات حول سعر النفط بتراوحه بين 60 دولارا للبرميل إلى 75 دولارا للبرميل لعامين قادمين على أبعد تقدير، فقد لا يتعدى أثرها أن تتراجع الأسعار بنحو 40.0 في المائة إلى 50.0 في المائة، وهي لن تكون كافية أبدا لتصبح الأسعار في متناول الأفراد، إذ لا بد من تطبيق الاقتراحات الأربعة أعلاه، التي يؤمل معها أن تتراجع الأسعار المتضخمة جدا اليوم إلى أقل من 20.0 في المائة قيمتها اليوم، وهي القيمة العادلة لها دون مكابرة من تجار التراب.