اعلن مصدر لبناني مواكب للمفاوضات من أجل الإفراج عن العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى تنظيم “داعش” و “جبهة النصرة”، إن الجانب اللبناني قدم اقتراحاً في شأن عملية مبادلة هؤلاء العسكريين من صناعة لبنانية، هو غير الاقتراحات الثلاثة التي أعلنت عنها “جبهة النصرة”.
ونفى المصدر لـ”الحياة” أن يكون لبــنان قرر الأخذ بالاقتـــراح الثالث لـ “النصرة” والذي يقضي بمبــادلة كل عسكري لبناني بـ 5 سجناء في سجن رومية و50 سجينة في السجون السورية، واعتبر أن هذا الاقتراح “هو الأصعب”، مبرراً عدم أخذ الجانب اللبناني به.
وأوضح المصدر أن الجانب اللبناني ينتظر رد الخاطفين على الاقتراح اللبناني، وقال إن الوسيط القطري منذ حضر قبل زهاء أسبوعين، لم يعد ولا أنباء عنه حتى الآن، لكن يمكن القول إن الملف بدأ يتحرك.
وتحدث المصدر عن المرحلة السابقة لتحرك الوسيط القطري بالقول إن الخاطفين كانوا يزايدون بعضهم على بعض، فهناك طرفان معنيان (داعش والنصرة) لم يكونا أرسلا أي مطالب بل كانا ينتظران أن يتحرك الموفد القطري، وهذا أحد أسباب صعوبة المفاوضات: فكل من الفريقين يسعى الى الحصول على مطالب أكثر من الآخر.
وأضاف: “في مرحلة من المراحل (قبل أكثر من شهر) اضطر الجانب اللبناني عبر المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الى التواصل المباشر معهما، وتحديداً مع “النصرة”، لمعرفة مطالبهما، فكان جوابهما أنهما ينتظران تحرك الوسيط القطري. وكان واضحاً أن الذي يريدانه والذي يمكن أن يعطياه ليسا جاهزين لإعطائه إلا للوسيط القطري.
وقال المصدر المواكب للمفاوضات إن كثرة الطباخين (في بداية المفاوضات) تحرق الطبخة لكنها لم تحترق، فقد دخلت القضية في بازار مزايدات إعلامية وإنسانية، في وقت لم يكن الطبّاخ في حال جاهزية للتفاوض، هذا فضلاً عن أن الجانب اللبناني لم يكن لديه مبادرة لأنه في موقع طلب مساعدة طرف آخر هو القطري، الذي تحرك قبل أسابيع وتحرك الملف معه.
وتمنى المصدر ألا تؤثر الاشتباكات الأخيرة التي وقعت في منطقة القلمون السورية وقتل فيها أحد قادة “داعش” الذي لم تعد له علاقة باحتجاز العسكريين، على ملف التفاوض، وهذا سبب للاعتقاد بأن ما حصل لن يؤثر على التفاوض.
ونفى المصدر المواكب للمفاوضات أن يكون الخاطفون طلبوا في أي مرة ممراً آمناً لهم، وقال إنهم يعيشون على رغم صعوبة المنطقة التي هم فيها، في ظروف حياتية معقولة. لديهم كل شيء وتموين وغذاء وإنترنت وسكايب ولا يحتاجون الكثير. ورداً على سؤال عن سبل تأمينهم التموين من الجانب السوري أم اللبناني، قال المصدر: “من كل الجوانب والجهات”.
وتابع المصدر رداً على سؤال عن الضمانات بعدم لجوء الخاطفين الى تصفية المزيد من العسكريين: “لا ضمانات، لكن جهداً بُذل من أجل وقف تصفية العسكريين. وهناك فعل على الأرض يقول إنهم أوقفوا عمليات التصفية، من دون التزام واضح. وشدد على أنه إزاء المزايدة بين “النصرة” و “داعش” على من يأتي بمكاسب أكثر من الآخر، أصر الجانب اللبناني على أن تأتي شروط الخاطفين خطية ومكتوبة وموقعة ومختومة، كي يتبين له على ماذا يفاوض. ومن هنا أيضاً الحاجة الى السرية في التفاوض، فإخراج المفاوضات الى العلن وفي الإعلام يجعل الخاطفين يسترسلون. وقد حصل الجانب اللبناني على ما طلب من شروط مكتوبة. فالتفاوض يجري مع أناس يعملون وفق رد الفعل. والتصريحات والتداول الإعلامي بالقضية تفسد العملية وتتسبب بردود فعل من الخاطفين… وبرر المصدر بذلك رفضه الحديث عن الاقتراح الذي طرحه لبنان لإخلاء العسكريين.
وأكد أن لا خيارات أمام لبنان غير التفاوض. وهناك أمل طالما التواصل مستمر والكلام متواصل ولم يقفل باب التفاوض. وعما إذا كان جرى التواصل مع النظام السوري في شأن العملية التفاوضية، قال المصدر إن الجانب السوري ينتظر ماذا يطلب منه الجانب اللبناني، وجرى التواصل معه في هذا الشأن من قبل اللواء ابراهيم. وأوضح ان الجانب التركي ليس طرفاً في التفاوض، وما جرى من تبادل في العراق مع “داعش” للإفراج عن رهائن أتراك لا يعني أن الجانب التركي قادر على التعامل مع الوضع في لبنان. وما يقدر التركي على تقديمه في تلك القضية لا يستطيع أن يقدمه لبنان في قضية عسكرييه المخطوفين. وربما ان الجانب القطري قادر في مكان ما على أن يعطي ما يطلبه الخاطفون، لظروفه، ولبنان يحدد أطر التفاوض والقطري وسيط، الخاطفون أصروا على أن يكون الجانب القطري صندوق بريد.
ورداً على سؤال عما إذا كان الخاطفون أخذوا يتعاطون مع العسكريين المحتجزين لديهم كورقة في أي معركة محتملة في القلمون من الجيش السوري النظامي و “حزب الله” ضدهم، قال المصدر المواكب للمفاوضات: “هدف الخاطفين كان من وراء احتجاز العسكريين وذبح بعضهم أن يتسببوا بفتنة سنية- شيعية، لكن هذا فشل بسبب وعي القيادات السياسية اللبنانية قاطبة. أما بالنسبة الى الهجوم عليهم في القلمون من قبل الجيش السوري وحزب الله فإنه عمل صعب. هم يتحصنون في المغاور كأنها منازل وهم مرتاحون على وضعهم”. وأعرب المصدر عن اعتقاده أن منطقة عرسال وجرودها هي منطقة استنزاف للجيش السوري ولـ “حزب الله”، وبالتالي لن يقفلوا هذه البوابة.