اكدت دول مجموعة العشرين في بيانها الختامي الذي نشر، أمس، في بريزبين شرق استراليا انها تريد تسريع النمو الاقتصادي والتشجيع على مزيد من الشفافية في قطاع الضريبة، كما تدعم تمويل مكافحة التغيرات المناخية. وقالت مجموعة العشرين التي تشكل 85 في المئة من ثروة العالم في بيانها الختامي، انها تطمح الى تحقيق فائض في النمو بنسبة 2,1 في المئة لاجمالي الناتج الداخلي بحلول 2018، اي اكثر من 2 في المئة كانت تحدثت عنها من قبل.
كما اتفق قادة المجموعة، على تعزيز النمو العالمي المتعثر والتصدي لتغير المناخ وشن حملة ضد التهرب من الضرائب لكن العلاقات بين الغرب وروسيا تدهورت بشكل أكبر بسبب الأزمة في أوكرانيا. وغادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قمة مجموعة العشرين في برزبين بأستراليا قبل الموعد المقرر فيما اتهم الرئيس الأميركي باراك أوباما موسكو بغزو أوكرانيا وحذرت بريطانيا من «صراع مجمد» في أوروبا. وحذرت عدة دول غربية روسيا من فرض مزيد من العقوبات إذا لم تسحب الجنود والأسلحة من أوكرانيا.
وطغى ملفا الأمن وتغير المناخ على محادثات القمة بشأن تعزيز النمو الاقتصادي العالمي رغم أن قادة المجموعة وقعوا على حزمة إجراءات لزيادة النمو العالمي بواقع 2.1 نقطة مئوية خلال خمسة أعوام. وجاء في بيان صدر في نهاية الاجتماع «سيضيف هذا أكثر من تريليوني دولار إلى الاقتصاد العالمي وسيخلق ملايين الوظائف». وتعهد البيان أيضا بالتصدي على مستوى عالمي للتهرب من الضرائب الذي يحرم الحكومات من إيرادات بمليارات الدولارات. وتغلبت الولايات المتحدة ودول أخرى على محاولات أستراليا البلد المضيف لإبعاد تغير المناخ عن جدول الأعمال الرسمي للمحادثات.
كما اتفق قادة العالم على التعاون في المعركة ضد فيروس إيبولا التي قال كاميرون إنها ليست أزمة إنسانية فحسب ولكنها خطر أمني كذلك. وقال «أفضل طريقة لحماية الناس من الإيبولا هي بالتصدي له من الجذور».
وقالت المجموعة في ختام يومين من المناقشات، ان الاجراءات التي وعدت بها الدول الكبرى في العالم لتحفيز نشاطاتها الاقتصادية «ستزيد باكثر من الفي مليار دولار (اجمالي الناتج الداخلي العالمي)، وستسمح بخلق ملايين الوظائف». وقالت دول المجموعة ان هذا الهدف يمكن تحقيقه بفضل اجراءات تشجع على الاستثمار والتجارة والمنافسة.
واكد البيان ان التوصل الى ذلك يمر عبر وضع اساس لدعم الاستثمارات في البنى التحتية من اجل تشجيع الاشغال الكبرى عن طريق تسهيل العلاقات بين الحكومات والمجموعات الخاصة ومصارف التنمية والمنظمات الدولية.
واكدت مجموعة العشرين، انها تشجع التقدم الذي تحقق برعاية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لمكافحة الامتيازات الضريبية للشركات المتعددة الجنسيات. وقالت «نرحب بالتقدم الكبير» في مبادرة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في هذا الشأن، مؤكدا ان مجموعة العشرين تريد انجاز هذه المهمة في 2015.
وكان رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر، دعا على هامش القمة الى مكافحة الامتيازات الضريبية، مدافعا بذلك عن موقفه بعد كشف معلومات عن تسهيلات منحتها لوكسمبورغ لشركات عالمية يوم كان رئيسا لحكومتها.
وجعلت استراليا التي تستضيف القمة من المعركة ضد الاجراءات التفضيلية الضريبية من اولويات رئاستها لمجموعة العشرين، اعلنت انها تعول على التوصل الى نتائج عملية في ختام قمة رؤساء الدول والحكومات. وقالت مصادر قريبة من المفاوضات، ان الموافقة على الاجراءات التي اقترحتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لا شك فيها، لكن ادراج مسألة الاجراءات التي تسمح بمنح التسهيلات ادت الى نقاشات حادة وتقلبات في المواقف.
وكانت وثائق يطلق عليها اسم «لوكسليكس» كشفت مرور بلايين الدولارات في لوكسمبورغ بفضل الهيكلية المالية المعقدة التي تسمح للشركات بتخفيف حجم ضرائبها لتحرم بذلك الحكومات في ارجاء العالم من العائدات المالية.
وواجهت لوكسمبورغ ورئيس وزرائها السابق جان كلود يونكر الذي يتولى رئاسة المفوضية الاوروبية حاليا انتقادات شديدة بعد تسريب الوثائق التي وردت فيها اسماء شركات عملاقة مثل بيبسي وايكيا ودويتشه بنك.
والوثائق التي يبلغ عددها 28 الفا سربها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (انترناشونال كونسورسيوم اوف انفستيغاتيف جورناليستس)، ومقره الولايات المتحدة.
وقد دعا يونكر في بريزبين على هامش قمة العشرين الى مكافحة الامتيازات الضريبية مدافعا بذلك عن موقفه. وقال «نحن عازمون في اوروبا على التصدي للتهرب الضريبي. انها احدى النقاط الرئيسية التي اثرتها امام البرلمان الاوروبي قبل ان انتخب رئيسا للمفوضية الاوروبية».
واكدت المجموعة انها تشجع التقدم الذي تحقق برعاية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لمكافحة الامتيازات الضريبية للشركات المتعددة الجنسيات. وقالت «نرحب بالتقدم الكبير» في مبادرة المنظمة في هذا الشأن، مؤكدة انها تريد انجاز هذه المهمة في 2015. لكن على الرغم من هذا الاعلان، عبرت منظمات غير حكومية عدة عن خيبة املها من هذه الاجراءات، معتبرة انها «محدودة» و«غير كافية».
وقالت منظمة وان في بيان ان «القادة كانت تنقصهم الشجاعة في التصدي مباشرة لمشكلة التهرب الضريبي والفساد»، بينما رأت منظمة فايننشال ترانسبارينسي كواليشن ان «مجموعة العشرين تعترف بثغرات النظام المالي لكنها لا تعرف الحلول الحقيقية» لكن المنظمة اعترفت مع ذلك بانه «تم قطع مرحلة اساسية عبر الاعتراف باهمية جمع المعلومات حول المستفيدين الحقيقيين للشركات». واخيرا، اكدت دول مجموعة العشرين الاغنى في العالم انها تدعم القيام «بتحرك قوي وفعال» بشأن التغيرات المناخية والصندوق الاخضر للامم المتحدة.
وفي ختام قمتها في استراليا أمس، قالت دول المجموعة في بيان «ندعم تحركا قويا وفعالا لمواجهة التغير المناخي» و«نؤكد مجددا دعمنا لتعبئة الوسائل المالية لتتكيف (الدول التي تتضرر بالتغيرات المناخية) مثل الصندوق الاخضر» للامم المتحدة الذي يهدف الى مساعدة الدول الفقيرة الاكثر تعرضا للخطر. وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما كثف التصريحات حول المناخ خلال القمة. وقد رأى ان الاعلان المشترك للولايات المتحدة والصين هذا الاسبوع عن اهداف جديدة حول انبعاث غازات الدفيئة يثبت انه يمكن التوصل الى اتفاق عالمي في شأن المناخ. وقد اختيرت الصين لتولي الرئاسة التالية لمجموعة العشرين واستضافة قمة المجموعة في 2016، بعد استراليا هذه السنة وتركيا العام المقبل.