Site icon IMLebanon

بعد الأمن الغذائي… ماذا عن الأمن المالي؟

banque-du-liban
طوني رزق
تساهم الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، خصوصاً تعميم الفراغ في المؤسسات العامة السياسية والادارية، في جعل الساحة اللبنانية عرضة للكثير من التجاوزات وعلى مختلف الاصعدة منها عمل مؤسسات مالية عدة خارج نطاق المراقبة الرسمية ومراقبة مصرف لبنان.
يُخرج الوزير وائل ابو فاعور يوماً بعد يوم المزيد من الفضائح الغذائية الصحية الى الملأ فتضج الوسائل الاعلامية وتنفجر التعليقات والانتقادات في اوساط الرأي العام أكان ذلك في وسائل التواصل الاجتماعية او في الصالونات على اختلافها.

فالجميع يتحدث عن هذه الفضائح ولكل رأيه فيها. ولكن الكلام عن الفضائح في الدكاكين المالية في بيروت والمناطق ما زال مفقوداً. فهل يعود ذلك الى انّ هذه الدكاكين هي خارج نطاق عمل الوزير ابو فاعور او الى اهمالٍ من وزارة المال او من مصرف لبنان المركزي خصوصاً انه قد اخذ على عاتقه الموضوع المالي والنقدي في لبنان وهو يوسع نطاق عمله وتحركاته لتشمل اكثر من موضوع اقتصادي واجتماعي.

ما هي الدكاكين المالية؟ انها مؤسسات فردية مالية يديرها افراد يقدمون فيها السيولة للفئات الشعبية التي تجد نفسها في حاجة ماسة للسيولة. وغالباً ما تكون هذه القروض سهلة المنال وبشروط اكثر سهولة وليونة من تلك التي تتطلبها المؤسسات المصرفية.

وفيما تتطلّب بعض هذه الدكاكين تقديم رهونات عقارية او اصول منقولة كالسيارات وغيرها تذهب مؤسسات اخرى ابعد من ذلك فلا تطلب ايّ رهونات. اما كيف تغطي تلك المؤسسات المخاطر؟ فذلك يكون من خلال اللجوء الى شركات تأمين لقاء بوالص يدفع قيمتها المقترض نفسه.

ويقول أحد الافراد الناشطين في هذه المهنة إنه «فوجئ بالعدد الكثيف للمقترضين والذي بلغ عدة آلاف في غضون اعوام معدودة فقط. كذلك يظهر تفاجؤ بأنّ المقترضين ينتمون الى مختلف الطبقات الاجتماعية ويتباهى هذا الناشط بأنه يبيع السيولة للناس وأنّ مخاطر عمله هي صفر في المئة.

إذ تتقاسم الكلفة شركة التأمين مع المقترض. ويتضخم عمل هذه المؤسسات المقرِضة للجمهور بشكل دراماتيكي مع مرور الوقت. الامر الذي يعكس حاجة اللبنانيين للسيولة وللقروض. ويبدو أنّ هذا النشاط سوف يزداد بقوّة بعدما رفع مصرف لبنان المركزي من مستوى الشروط للحصول على القروض الاستهلاكية والشخصية وهذه التدابير الجديدة سوف توضع حيز التنفيذ اعتباراً من مطلع العام 2015 المقبل.

ولكنّ السؤال البديهي هنا هو أين تكمن الفضائح في عمل هذه المؤسسات التي تنطبق عليها صفة الدكاكين المالية. إذ يبدو أنها تعمل خارج نطاق مراقبة السلطات الرسمية والنقدية في لبنان. فالقانون اللبناني يمنع استقبال الودائع من الجمهور لكنه لا يمنعه من تسليف هذا الجمهور.

أما الفضائح فتكمن في الكلفة المرتفعة التي يتحملها المقترض والتي قد ينطبق عليها صفة «الربى» والتي تتجاوز الفائدة فيها العشرين في المئة كحد ادنى وتتجاوز الثلاثين في المئة في حالات اخرى كذلك فإنّ بعض هذه الشركات يلزم المقترض بدفع مبلغ كبير في البدء ككلفة تأمين ويجعل المقترض يوقّع على استلام مبلغ من المال هو اكبر من الذي اقترضه فعلياً.

فتسري الفائدة على المبلغ الكبير وتتمّ جدولة المال الزائد ضمن الدفعات الشهرية وتتوجّه هذه المؤسسات الصغيرة والجريئة الى الجمهور العام من الجرائد المتخصصة بالاعلانات والتي توزع مجاناً على الجمهور.

فهل هناك دور تلعبه السلطات الرسمية والنقدية لضبط هذا النشاط والحدّ من استغلال حاجات الناس الى السيولة وحماية المقترضين من الاضرار التي يمكن أن تلحق بهم. إنها دعوة ايضاً للمشرع المالي ليملأ الفراغ فيسنّ القوانين لضبط وتنظيم هذه النشاطات.