تعتزم إيران إقناع منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» بتخفيف إنتاجها للنفط قبل اجتماعها المقبل، لكن طهران تبدو متقبلة لفكرة انخفاض أسعار الخام لفترة طويلة ما سيؤثر على اقتصادها الذي يعاني أصلا من العقوبات الدولية. وسيجتمع اعضاء «أوبك» الاثني عشر، الذين يؤمنون ثُلث الإنتاج العالمي من الخام، في 27 تشرين الثاني/نوفمبر في فيينا، فيما تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في خلال اربع سنوات. فانخفض سعر برميل النفط إلى اقل من 80 دولارا، مقابل حوالي 110 دولارات خلال الصيف.وقد زار وزير النفط الإيراني، بيجن نمدار زنغنة، مؤخرا قطر والكويت وسيزور اليوم الثلاثاء الإمارات العربية المتحدة. كما استقبل وزير خارجية فنزويلا رفايل راميريز.
واقر زنغنة بعد محادثاته مع راميريز بانه «من الصعب العودة إلى الأسعار السابقة، غير انه يتوجب السعي إلى تحسين الأسعار بقدر الامكان من خلال الأخذ بالاعتبار الوضع الجديد للسوق».وتطالب كراكاس بدورها بتخفيض الإنتاج من اجل وقف تدهور الأسعار لكن هذا القرار «سيكون صعبا جدا» برأي الكويت.وأكد رئيس مجلس الدوما الروسي (النواب) سيرغي ناريشكين أمس في طهران ان روسيا – غير العضو في «أوبك» – مستعدة للتفاوض مع جميع الدول المنتجة من اجل توازن سعر النفط الذي يمثل نصف عائدات الميزانية الروسية.
ويعتبر البعض ان انخفاض الأسعار يعود إلى فائض العرض في السوق وتباطؤ الاقتصاد العالمي. وقد اتبعت دول اعضاء عدة مثل السعودية السوق بتخفيض أسعار مبيعاتها.وانتقد زنغنة «بعض الدول» التي زادت إنتاجها و»تجد ذرائع» لتبرير رفضها خفض إنتاج للخام.وذهب الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى ابعد من ذلك فاعتمد موقفا اشد مؤخرا يندد بـ»مؤامرة خفض الأسعار» ملمحا إلى السعودية والولايات المتحدة.
وقد رفعت السعودية، القوة الاقليمية السنية المنافسة لإيران الشيعية إنتاجها في العام 2012 للتعويض عن تراجع الصادرات الإيرانية التي تواجه حظرا نفطيا بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. وتدهورت صادرات الخام الإيراني من اكثر من 2.2 مليون برميل في أمس في العام 2011 إلى حوالي 1.3 مليون برميل يوميا في الوقت الحالي.وتسعى إيران والقوى العظمى إلى ابرام اتفاق شامل بحلول 24 تشرين الثاني/نوفمبر يسمح بضمان الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الدولية التي تسببت بأزمة اقتصادية خطيرة في البلاد.كما تسعى إيران، التي تمتلك رابع احتياطي نفطي في العالم وثاني احتياطي من الغاز، ايضا إلى إخراج اقتصادها من تبعيته للذهب الأسود الذي يبقى مصدرها الاول للعائدات من العملات الصعبة.
واشار برلمانيون إلى ان الحكومة قد اعدت فعلا ميزانية مع سعر للنفط يتراوح بين «70 و80 دولارا» للبرميل للسنة المالية المقبلة (اذار/مارس 2015-اذار/مارس 2016)، مقابل مئة دولار للسنة الحالية.واعتبر غلام رضا تاج كردون، رئيس لجنة التخطيط والميزانية في مجلس الشورى الإيراني، ان انخفاض أسعار النفط سيؤثر على الميزانية المقبلة للدولة مع «عجز في العائدات النفطية بنسبة تتراوح بين 8 و10٪». ولفت إلى انه يتوقع ان تكون الخسائر خلال السنة الجارية محدودة.وقد احتسبت الموازنة الحالية على اساس بيع مليون برميل في اليوم بمئة دولار للبرميل، لكن إيران باعت ما لا يقل عن مئتي الف برميل اضافية. وقال تاج كردون «حصلنا على عائدات اكثر مما هو متوقع». وأضاف «ان المهمة ستكون صعبة جدا في السنة المقبلة (…) سيتعين تحديد سعر برميل النفط بين 80 و85 دولارا».
الا ان المحلل الاقتصادي سعيد ليلاز لم يبد اي قلق لان «الميزانية تضاءل اعتمادها على النفط اكثر فاكثر».واوضح في حديث لوكالة فرانس برس «ان البلاد قد تتحمل حتى سعر 75 دولارا للبرميل»، من خلال التعويل على ارتفاع الصادرات غير النفطية، التي يأتي جزء منها من المنتجات البتروكيميائية ومكثفات الغاز».لكن محللا اخر اعتبر، كما اوردت صحيفة (فايننشال تريبيون) الإيرانية، ان هذه التبعية المزدوجة النفطية والبتروكيميائية خطرة لانها تخضع لتقلبات أسعار النفط.وتأمل الحكومة ايضا التوصل إلى اتفاق نووي يسمح برفع العقوبات والنهوض بالاقتصاد.وفي هذه الحالة ستتمكن إيران من استرجاع حوإلى 100 مليار دولار مجمدة في المصارف الاجنبية، كما ستتمكن من زيادة صادراتها وجذب الاستثمارات الاجنبية.