أكّد النائب مروان حمادة أنّه تمّ اغتيال المؤسسات اللبنانية فعليًا وتدريجيًا في فترة الوصاية السورية، وأنّ هجوما مستمرًا شنّ على الرئيس الشهيد رفيق الحريري بسبب مقاومة الضغوط مع تهديدات كثيرة وصلته. وقال: “سيظهر لنا أنّه تمّ اغتيال المؤسسات اللبنانية فعلياً وكان الرئيس الحريري محافظاً على الطائف ورجل إيمان كبير. كما تلقى رسائل تهديدية في العام 2003 منها قصف تلفزيون “المستقبل”.
كلام حمادة جاء خلال استماع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لليوم الثاني على التوالي الى شهادته بقضية اغتيال الرئيس الحريري، حيث أشار الى أنّ الرئيس الحريري طلب منه أن يكتب مقدمة البيان الوزاري في نيسان 2003 وطلب من كل وزير أن يكتب أهداف وزارته. فعرض مسودّة مشروعه على الحريري وكان هناك إشارة الى أنّه يجب على الحكومة تنفيذ البنود المطبقة في اتفاق الطائف. الرئيس الحريري علّق على الجملة المتعلقة باتفاق الطائف، قائلاً: “مروان أتريد أن نقتل؟ أتريد أن نلغى”؟ قلت لماذا؟ قال: “فهمك كفاية”. وأضاف: “الرئيس الحريري طلب مني حينها إعادة كتابة المقدمة من دون الإشارة الى اتفاق الطائف”.
وردًا على سؤال قال حمادة: “معارضة الرئيس رفيق الحريري كانت نصف صامتة”. وأشار الى أنّ الرئيس الشهيد كان يعلم ان اي اعلان رسمي عن رفض الوجود السوري يعني القطيعة النهائية مع نظام الاسد مع ما يعني ذلك من رد فعل سوري. وتابع: “كلّ من كان يعمل مع الرئيس الحريري كان يعلم بما يتصدى له وكان مضطر لاحترام التعليمات وتعديل الحكومة على ضوء ذلك”.
حمادة يكمل سرد القصة: “كنت من الأشخاص الذين يلتقون الرئيس الحريري بشكل يومي. كان ينقل لنا أن مساحة الحرية اللبنانية كانت في تقلص دائم من خلال الهيمنة السورية. فلجأ الرئيس الحريري إلى التعبير عن انزعاجه من الأوامر السورية عبر الإعتكاف”. وقال: “بعد انسحاب إسرائيل في العام 2000 علت الأصوات المطالبة بالإنسحاب السوري وتنفيذ البنود غير المنفذة من اتفاق الطائف. كل البيانات الوزارية منذ العام 1989 كان هناك إشارة إلى اتفاق الطائف. فاعتبر أن الإشارة إلى اتفاق الطائف في البيان الوزاري في العام 2003 إعلان حرب ضد النظام السوري. أدركت أن استمرار معارضة الرئيس الحريري للنظام السوري سيكون مصيره السجن أو النفي أو الموت. في ذلك الوقت عندما قال لي الرئيس الحريري “هل تريدنا أن نقتل” لم ندرك أن هناك امكانية لاغتياله.
ووصل حمادة الى مسألة صحيفة “النهار”، فلفت الى أنّ الرئيس بشار الأسد اتهم الرئيس الحريري بدعم الجريدة المعارضة للنظام السوري في لبنان. وأضاف: “الأسد طالب من الحريري سحب أسهمه من “النهار” وسحب كلّ المقربين منه من مجلس إدارة الجريدة. فالأسهم في لبنان إسمية ولا يمكن شراؤها في سوق الأسهم أو للخارج، والحريري قال للاسد أنّ عائلة تويني لا تملك المال لتسديد سعر الأسهم، فقال له ليدبّروا أمرهم بأي طريقة”.
واستطرد قائلاً: “كما أنّ مقالات غسان تويني لم تكن ترضي بشار الأسد وكانت تزعجه كثيراً. وإنّ طلب الأسد من الحريري بيع الأسهم هو لإفلاس جريدة “النهار” كما أقفل الـ”MTV” ونسف قناة “المستقبل”، كما أنّه كان جزءاً من الحرب على الصحافة الحرة في لبنان. وتابع: “كانت جريدة “النهار” ليبيرالية يهمها استقلال لبنان ولا يهمّها أي علاقة بأي بلد أو دولة أخرى. والرئيس الحريري في عقد بيع أسهم النهار ارجأ استحقاق الدفع إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية والنيابية على أمل اختلاف الظروف”.
وأشار حمادة الى أنّ أسرة التويني كانت المساهم الأكبر في “النهار” من بعدها يأتي الرئيس الحريري الذي كان يريد منع الوضع من الانفجار مع بشار الأسد ولا يريد ايصال جريدة النهار إلى الإفلاس. ولفت الى أنّ بشار الأسد طالب بنسخة من العقد يبين بيع الحريري أسهمه في النهار ولعلّ هذا كان أسرع عقد بيع أو تفرّغ في تاريخ لبنان. وأضاف: “الحريري قال لي إنّ بشار الأسد لم يكن راضيًا عن هذه الصفقة وإن العقد سيرسل مع رستم غزالة الى دمشق بطلب من الأسد. فالحملة كانت تريد إضعاف الرئيس الحريري والإعلام الذي كان يطالب باستقلال لبنان”.
وأعلن حمادة ان “مقابلة كانون الاول 2003 بين الحريري والاسد كانت المقدمة لمقابلة آب 2004، والحريري تعرض الى ضغوط هائلة في هذا اللقاء دفعته لاعتبار اللقاء مهينا له”، لافتا الى “ان الحريري عاد من هذا اللقاء منفعلا جدا مع نزيف في انفه بعدما ضرب رأسه بنافذة السيارة لشدة انفعاله، واعتبر انه أذل من رئيس سوريا الذي يرى ان المسؤولين في لبنان لا شيء بالنسبة له، وقالوا له ان عليه ان يمتثل لاميل لحود”.
ورأى ان “اللقاء بين الحريري والاسد شكل بداية القطيعة النهائية بينهما، فهم قالوا للحريري “ليس مسموحا ان تخانق اميل لحود”.
وعند الثالثة الا خمس دقائق من بعد الظهر رفعت الجلسة.
وعند الساعة الرابعة استأنفت المحكمة الاستماع الى حمادة الذي جدد التأكيد على ان الرئيس الحريري، بعد الإجتماع مع بشار الأسد، شعر بالإحباط والغضب ما دفعه إلى ضرب رأسه بزجاج سيارته، مضيفا ان الحريري اطلعه على شعوره بقدر كبير من الإهانة له وللبنان عقب اللقاء بينه وبين الاسد الذي قال بدوره للحريري أن لحود يمثل سياسات سوريا وهو الحليف الموثوق به وعليه أن يعمل معه.
واشار حمادة الى ان الحريري كان يحرص عدم دفع العلاقات السورية – اللبنانية نحو الانفجار الكامل فهو كان يعلم أن هذا الانفجار سيؤثر سلبًا على لبنان وعليه.
وكشف ان الاسد كان قلقاً من علاقة الحريري والغرب وقانون محاسبة سوريا الذي أقره الكونغرس الأميركي في عام 2003، مؤكدا ان عراب هذا القرار هو العماد ميشال عون الذي كان في الكونغرس عكس الرئيس الحريري الذي لم يكن له اي دور فيه.
واعلن ان الحكومة السورية طلبت بانتظام من الرئيس الحريري التدخل لدى الفرنسيين والأميركيين نيابة عنها.
وفي موضوع التمديد للرئيس اميل لحود الذي وصفه حماده انه كان رجل سوريا في لبنان، قال ان الأجواء كانت توحي بأن سوريا لن ترضى إلا به. واضاف ان الأمور كانت تتجه نحو تجديد الولاية الا ان الرئيس الحريري كان يؤكد في مجالسه الخاصة انه لن يصوت الى جانب التمديد.
وفي السياق نفسه، اعرب حماده انه كان شخصياً ضد التمديد كوزير ونائب في كتلة جنبلاط التي لم تكن على علاقة جيدة مع لحود.
واوضح ان الرئيس بشار الاسد وجّه دعوة إلى كل من بري والحريري وجنبلاط وكانت تحت عنوان التصويت وتأمين النصاب للتمديد للحود. وفيما بعد كشف حمادة ان رستم غزالة اعلم جنبلاط انه لن يكون هناك دعوة إلى دمشق إلا في حال قرر الاخير الاتفاق لا التفاوض. كما ذكر ان الأسد سمح للرئيس الحريري بالذهاب إلى دمشق قبل اتخاذ قراره بشأن التمديد.
وقال حماده انهم كانوا يتفادون استعمال الهاتف لان النظام السوري كان يتنصت على جنبلاط والحريري. كما ان الاخير طرد اللواء علي الحاج المسؤول عن حمايته الشخصية بعد ان كشف انه ينقل معلومات عنه الى المخابرات السورية.
وتجدر الاشارة الى ان المحكمة الدولية رفعت جلسة الإستماع إلى النائب مروان حمادة حتى صباح الغد. وانها قد تستدعي النائب وليد جنبلاط للاستماع الى شهادته الذي غرد عبر “تويتر” انه مستعد للذهاب.