اعلن رئيس حزب الكتائب الرئيس امين الجميل ان لبنان “أمام وضع خطير جدا ولا سيما لجهة مسؤولية بعض اللبنانيين عن تعطيل الاستحقاق الرئاسي”، معتبرا انه “أيا تكن المعطيات الخارجية ضاغطة كما يدعي البعض، يبقى على اللبنانيين ان يتحملوا مسؤولياتهم، ولا يجوز في اي شكل وتحت اي ظرف ان يكون هناك عنصر لبناني يعطل مسيرة وطنية ودستورية وقانونية وسياسية ومؤسساتية كما نرى اليوم، فهذه خطيئة لا تغتفر”.
واكد الجميل في حديث الى صحيفة “الراي” الكويتية “ان الأخطار والأعباء والأزمات تتراكم وتتوالد، وفي الوقت الذي نحن في أمس الحاجة الى سلطة لبنانية مكتملة وتحظى بمظلة وطنية وغطاء شعبي، نجد ان هناك ضربا متعمدا للمؤسسات عبر تعطيل الاستحقاق الرئاسي من خلال تعطيل نصاب جلسات الانتخاب”.
وقال “ان انعكاس تعطيل الاستحقاق الرئاسي خطير على اربعة مستويات: “الاول الشراكة الوطنية اذ هناك مؤسسة مغيبة وهي جزء أساسي من التركيبة الميثاقية في البلد. والثاني فاعلية المؤسسات الدستورية بدليل ما نراه منذ حصول الشغور الرئاسي من مجلس نواب معطل الى حد بعيد وعمل حكومي مشوب بألف علة وعلة وسط بدعة اتخاذ القرارات بالإجماع بما يعني شبه تعطيل لآلية اتخاذ القرار في مجلس الوزراء. والثالث هو المستوى الامني رغم اننا تمكنا على الأقل من تحصين الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي ومنحهما المظلة الوطنية للقيام بدورهما، الا ان هذا لا يكفي فهو أمر آني، واذا لم يترافق الدعم الوطني مع عمل مؤسساتي محصن ويسير وفق الأصول الدستورية تبقى هذه التدابير الامنية هشة. اما المستوى الرابع فهو الاقتصادي والاجتماعي، وهنا حدث ولا حرج، من دون إغفال العنصر الضاغط الكبير الذي يشكله نزوح ما يناهز مليون ونصف مليون سوري الى لبنان، اي ما يوازي ثلث عدد سكان لبنان، وهذا يزيد من الأعباء ويكبد البلد خسائر اقتصادية مباشرة وغير مباشرة”.
واذ تطرق الى رغبة التعطيل في الاستحقاق الرئاسي بجانبيها الداخلي والخارجي، قال: “أنا أنظر الى هذا التعطيل، ولا سيما في شقه الداخلي، كون أدوات التعطيل داخلية لبنانية وإن كانت هناك بعض التأثيرات الخارجية.
وردا على سؤال حول وجود من يعتقدون ان مشكلة الرئاسة مسيحية، فعندما يتفق المسيحيون على مرشح ما يصبح في الإمكان انتخاب رئيس جديد للجمهورية، “هذا كلام هرطقة ثم هرطقة ثم هرطقة. لانه منذ استقلال لبنان العام 1943 لم يلتق المسيحيون على مرشح واحد. وميزة لبنان ان هناك سباقا ديموقراطيا في موضوع رئاسة الجمهورية.
وحين سئل ان العماد عون يحاول في ضوء التركيبة اللبنانية وميثاقيتها تكريس معادلة ان يكون الممثل الاقوى عند المسيحيين رئيسا للجمهورية، ولماذا لا تسير “14 آذار” بالعماد عون كونه الأقوى مسيحيا؟ اجاب: “لا علاقة لهذا المنطق بالمفهوم الديموقراطي، ومن يقرر من هو الاقوى هو البرلمان والقوى السياسية المتمثلة في مجلس النواب والتي انتخب ممثلوها في شكل شرعي وديموقراطي للنيابة عن الشعب، وتاليا علينا ان نحترم الدستور لا ان نعمل على تفسيره استنادا الى طموحات آنية او غرائز او اي شيء آخر، واذا كان ثمة علة في الدستور فلنعدله انما في ظل ظرف طبيعي وليس اثناء المعركة الانتخابية”.
وعن اقتراح العماد ميشال عون تعديل الدستور لانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب قال الجميل: “كنت شخصيا تقدمت بمشروع يقوم على هذا التوجه في التسعينات لكن الظروف كانت مختلفة. واذا أردنا السير في هذا الاتجاه فهذا يعني ان علينا ان نعدل في النظام بأسره لان انتخاب الرئيس من الشعب يعني اننا ندفع في اتجاه نظام رئاسي. وأعتقد ان الظرف غير مؤات اليوم لمثل هذا الخيار لان البلاد لا تحتمل ذلك ولأن المشكلات لم تعد ذات طبيعة طائفية بل اتخذت ابعادا مذهبية ومتطرفة. وتاليا أجد انه من الضمير والوطنية والواقعية ان نسير في اقرب وقت بانتخاب رئيس لديه قاعدة شعبية وقادر على تحمل المسؤولية في هذا الظرف، والطائفة المارونية غنية بهكذا شخصيات يمكن التفاهم حول البعض منها لانتخاب احداها لرئاسة الجمهورية”.
وقيل له: وسط الانطباع بأنه لم يعد من حظوظ للمرشحيْن المعلنين الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون … هل تعتقد ان بإمكانك ان تحدث خرقا ما عبر تشكيل كتلة وازنة عابرة للاصطفاف القائم بين “8 و 14 آذار” لضمان انتخابك؟ فأجاب: “موضوع ترشيحي لا يعود لإرادتي فحسب او لقرار مني. اولا علينا ان نتفق على احترام اللعبة البرلمانية – الديموقراطية ولا نعمد الى التعطيل لمجرد ان حظوظنا معدومة، وثانيا على الكتل البرلمانية التفاهم في ما بينها على ترشيح من يجسد أفكار ومواقف تلك الكتل، وثالثا على المرشح ان يتمكن من الحصول على 50 في المئة زائد واحد من أعضاء مجلس النواب. وكل هذه المعطيات تحدد شخصية المرشح القادر على الفوز برئاسة الجمهورية”.
وهل يعتبر ان مرحلة مرشحي 8 و 14 آذار، اي عون جعجع، طويت؟ اجاب: “أظهرت التجربة ومعها واقع مجلس النواب، ان هناك استحالة لان يفوز احد المرشحيْن المذكوريْن بثقة الاكثرية البرلمانية، لذلك علينا ان نذهب الى خيار آخر”.
واذ رأى “ان الوقائع تدل على ان شيئا لم يتغير حتى الآن كي نتفاءل بحل قريب لانتخابات الرئاسة”، اعتبر ان عون ما زال على موقفه بإصرار وشراسة، والسيد حسن نصرالله أصر من جهته على ان العماد عون هو مرشح “حزب الله” بينما يعرف نصرالله والجنرال عون ان هناك استحالة لانتخاب الاخير وهو ما يؤشر الى ان حل الازمة الرئاسية ليس قريبا.
وفي حين اعتبر “ان 14 آذار هي كونفيديرالية أحزاب وليست وحدة حزبية وهذا واقع، واتفاقنا هو على مبادئ وطنية محددة وليس على التفاصيل”، ذكر بانه “في محطات عدة كانت ثمة مقاربات متباعدة واحيانا متناقضة بيننا حيال بعض القضايا”.
وسئل: كيف يمكن اليوم وصْف العلاقة مع “تيار المستقبل” ولا سيما ان البعض سأل هل تحالف الكتائب مع “المستقبل” هو على السراء والضراء ام انها مجرد علاقة لجني الارباح السياسية؟ فأجاب: “نحن آخر حزب يقوم سياسته على مبدأ الربح والخسارة. وعندما اتخذنا كل هذه المواقف فهي كانت مواقف صعبة جدا ومكلفة.
وعن حضور النائب سامي الجميل الاجتماع الذي ترأسه الرئيس نبيه بري للجنة درس قانون الانتخاب في حين ان لدى الكتائب موقفا مبدئيا برفض التشريع قبل انتخاب رئيس الجمهورية، اوضح انه “منذ البداية قلنا بوضوح ان الاولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية واننا لن نشارك في اي عمل تشريعي باستثناء ما يتعلق بانبثاق السلطة. وقانون الانتخاب هو اساس انبثاق السلطة، ومن هنا مشاركتنا في اللجنة المكلفة متابعة قانون الانتخاب”.