ربيع شاهين وعادل شفيق
لا يعرف رجال الأعمال»وبخاصة الأمريكيون»المجاملة ولا يتورعون عن إبداء رؤيتهم بل ومخاوفهم حيال مناخ الاستثمار والأوضاع في الدولة التي يعتزمون العمل بها .. لكن لقاء أكبر وفد اقتصادي مع الرئيس ترك لدى أعضائه انطباعا وأثرا ايجابيا من جراء الصراحة والبساطة التي تحدث بها الرئيس عبد الفتاح السيسي شارحا للأوضاع الداخلية،والفارق بين الحقائق علي الأرض وما ينقل عبر بعض وسائل الاعلام..
هكذا كان مضمون اللقاء الذى نظمته غرفة التجارة الأمريكية بمصر بالتعاون مع مجلس الأعمال المصرى الامريكى وهو الوفد الذى اعتبرته الغرفة فى واشنطن أكبر وفد نظمته حتى الآن وضم 160 من رؤساء أكبر الشركات الامريكية التى بلغ عددها 66 شركة وهى سابقة
لم تحدث ان نظمت الغرفة وفدا للخارج بهذا الحجم فى تاريخها .
بداية المناقشات كانت فى الإجماع على تأثر أعضاء الوفد بما جري خلال لقائهم بالرئيس حيث تحدث اليهم ببساطة وشرح لهم الفرق بين النظرة الامريكية والنظرة المصرية للاحداث واوضح لهم الرئيس انه درس فى الولايات المتحدة ويتفهم الاسلوب الامريكى فى تقييم الاحداث ,,
وأكد الرئيس لأعضاء الوفد ان مصر مستقرة واننا بدأنا فى اتخاذ القرارات الصعبة واولها كان قضية الدعم وتفهم الشعب المصرى لهذا،وكان واضحا تأثير تغطية الاكتتاب الشعبى فى مشروع قناة السويس الجديدة بمبلغ تجاوز 60 مليار جنيه فى ثمانية ايام عمل على اعضاء الوفد حيث ان الترجمة لذلك هى التفاف الشعب وتأييدهم لقياداته
وخلال اللقاء طرح «الاقتصادى»عدة اسئلة على بعض اعضاء الوفد لرصد انطباعاتهم عن الاستثمار فى مصر ومعوقاته وما هو المطلوب من الحكومة لتشجيع الاستثمار الأجنبى.
قال كيرت فيرجسون رئيس شركة اطلانتا اندستيريز (كوكاكولا) فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن من أهم الأسباب التى دعت كوكاكولا إلى بناء مصنعها فى مصر هو الموقع الجغرافى فى ملتقى ثلاث قارات حيث نقوم بشحن المادة المركزة لكوكاكولا الى 33 دولة،ونرى الآن استقرارا أكثر ونأمل فى مزيد من الاستقرار،ويجب ملاحظة ان الشركات تنظر الى الدول نظرتها الى البنوك فالكل يبحت عن بنك يتمتع بالأمان لكى يودع فيه أمواله واستثماراته ويريد ان يسحب امواله عندما يريد.
وأضاف : ننتظر ان تحقق مصر مزيدا من الاستقرار ويجب ان نتذكر أنها كانت تحقق معدل نمو يقارب ال 8٪ فى فترة سابقة وهو معدل مرتفع ، ونحن ننتظر الانتهاء من الخارطة التى حددتها واجراء الانتخابات البرلمانية فى الموعد الذى اعلنته الحكومة،ونحن سعداء باستثماراتنا فى مصر ويجب ملاحظة اننا كوفد استطعنا لقاء الرئيس ورئيس الوزراء وعدد من الوزراء وهذا قد يكون صعبا فى العديد من الدول،ولكن على الجانب الاخر يجب ان تلاحظ مصر انها تواجه الآن منافسين اقوياء مثل دبى على سبيل المثال ،لكن مصر تتمتع بسوق كبيرة ونحن شركة التزمنا باستثمار 500 مليون دولار فى السنوات الخمسة المقبلة.
وحول فرص الاستثمار التى يراها قال ان اتفاقية الكويز لم تستغل حتى الآن بما يكفى فالكل يعتقد انهامقصورة على الملابس الجاهزة فقط والحقيقة انها تشمل العديد من المجالات والمنتجات التى تستطيع مصر ان تعمل فيها.
وأشار الي وجود بعض المعوقات التى يجب معالجتها ومنها ما اعلن عن نافذة واحدة للاستثمار فلابد من تفعيل هذا النظام بشكل كبير وخاصة امام الشركات الصغيرة والمتوسطة والتى لا تملك الموارد المتوافرة لشركة عملاقة مثل اتلانتا اند ستيريز
واضاف انه يستطيع تشبيه مصر الآن بالبلد الذى يمتلك الرأس وينتظر ان يستكمل بناء العضلات للتنفيذ ،وأعتقد أن المسئولين يعرفون ماذا يريدون ويحتاجون الى اتخاذ قرارات صعبة كثيرة خاصة وأن المنافسة قوية ويجب أن ننظر ونقارن كم موافقة يحتاجها المستثمر لإنشاء مشروع فى دبى وفى مصر،كم موافقة يحتاجها لاستخراج تصريح عمل لأجنبى ، بل يجب النظر إلى المستويات الأقل من ذلك كم يستغرق استخراج تصريح لإقامة كشك صغير او توكتوك وكم موافقة وكم توقيعا يحتاجها الامر،لابد من تسهيل العمل على المستويات الصغيرة والمتوسطة ايضا الاستفادة من تجارب الاخرين ففى تايلاند تمت اقامة سوق للمزارعين على اطراف المدينة وكانت قاصرة على المنتجات الزراعية فقط وكانت فرصة لشراء الاحتياجات باسعار منخفضة ثم توسعت الفكرة وامتدت الى سلع اخرى ثم امتدت الى اكثر من يوم واحد فى الاسبوع الى ان تحولت الى سوق تجارى ضخم يوفر فرص عمل مهولة.
وقال هاميش بانكس مدير الاتصال بالشركة ان الاستقرار ليس الإحساس بالأمان فقط بل يمتد الى التأكد من المستقبل وتحقيق العدالة والمساواة ، وأيضا تسهيل أداء الأعمال لأن هذا مؤشر مهم ونحن رغم أننا شركة عالمية إلا أننا أيضا شركة محلية فنحن نبحث عن المواهب لتصديرها للخارج للعمل فى فروعنا فى العالم وحتى خارج الشرق الأوسط ، وركز على اهمية الأعمال الصغيرة ودمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى المعلن بما يعنى ذلك من امكان وصوله الى التمويل ويكتسب شرعية.
أضاف : وانا أرى تحسنا فى الموقف فى مصر حاليا فعلى سبيل المثال اذا اردنا عمل مؤتمر مثل هذا المؤتمر منذ عام واحد او عام ونصف فلا أعتقد اطلاقا أنه كان سيجتذب مثل هذا العدد من الشركات والأشخاص وبهذه النوعية حيث إنها من أكبر الشركات الأمريكية وهو اكبر حدث نظمته الغرفة الأمريكية فى تاريخها،واعتقد انه يوجد تغير حقيقى فى مصر الآن فنحن كأعضاء الوفد التقينا بالرئيس ورئيس الوزراء وعدد من الوزراء وطرحنا عليهم أسئلة وحصلنا على إجابات صادقة وصريحة وهذا من الصعب أن يحدث فى أى مكان آخر،والرئيس السيسى كان واضحا أنه يريد أن يفتح الباب للقطاع الخاص ،وقال ان افضل دعاية للاستثمار في مصر هو نجاح الاستثمار القائم فعلا ولذا فنحن متفائلون بالمستقبل وسنقوم ببناء مصنع آخر ومن السهل ان تبدى الدعم لمصر دون التزام محدد ولكننا التزمنا امام رئيس الوزراء بإنفاق نصف مليار دولار فى السنوات الخمس المقبلة وأعتقد أن هذا أكبر دعاية لجذب مزيد من المستثمرين.
اما جيف جونسون رئيس بوينج الشرق الأوسط فيقول إن المؤتمر هو بداية حوار بين مصر وأمريكا وأنا أرى دلائل إيجابية فى مستقبل مصر ونحن كشركة بوينج شركاء لمصر فى الطيران المدنى من 45 عاما وشركاء فى مجال الطيران الحربى منذ 35 سنة ولم تتأثر استثماراتنا وتعاملاتنا مع مصر فى السنوات الأخيرة.
وقال إن الرئيس فى لقائه بأعضاء الوفد أكد على الاستقرار وأنه عنصر مهم جدا،لكنني أرى أنه يجب التركيز على سهولة الأعمال فى مصر فهى سوق كبيرة جدا قوامها 90مليون ولها تاريخ قديم ولم يستغل بعد بالشكل المناسب ومصر من البلاد التى يرغب الكثيرون فى العمل فيها.
وأضاف : وأريد أن أرى فيها مزيدا من التسهيلات وان يكون هناك وعى أكثر بالأعمال والبيزنس ونحن كوفد التقينا بوزير الطيران واوضحنا له رغبتنا فى الاستمرار فى التعاون بيننا وبين الحكومة المصرية.
وفي ختام مباحثاته بالقاهرة أبدي الوفد الأمريكي الاقتصادي الكبير ارتياحه للتطورات التي تشهدها مصر،مؤكدا اعتزامه ضخ المزيد من الاستثمارات كما عرض الوفد خلال اجتماعه بوزير الخارجية سامح شكري الذي حضره رئيس الوزراء استعداده اعتزامه التوسع في العديد من المشروعات القائمة والتي تعمل في مصر،خاصة في مجال التنقيب علي البترول والغاز الطبيعي والبيبسي كولا بجانب اقامة مشروعات جديدة في مختلف المجالات وخاصة الطاقة الجديدة والمتجددة ، مشيرا الي أن الزيارة كانت بهدف الاطمئنان عن قرب عن تطورات الأوضاع ومناخ الاستثمار في مصر.
وخلال لقاء بوزير الخارجية أعرب رئيس الوفد السفير دافيد ثورن كبير مستشاري وزير الخارجية الأمريكي عن ارتياح الوفد لمناخ الاستثمار في مصر ووعد بالعمل علي ضخ المزيد من الاستثمارات خلال الفترة المقبلة وتوسيع التعاون في مختلف المجالات.
ومن جانبه أكد سامح شكري أن الشركات الأمريكية الممثلة بالوفد تعد من كبريات الشركات ومن بينها شركات لها نشاط في مصر وأخرى جاءت لتستكشف مجالات يمكن لها الاستثمار فيها،مشيرا الي أن الزيارة في حد ذاتها تعد دليلا على الاهتمام الذي يتولد عن استعادة مصر لاستقرارها واستكمال مؤسسات الدولة والخطى الثابتة التي تتخذها ، بجانب الدعم الذي تلقاه الحكومة من جانب الشعب وقدرته على التفاعل مع الحكومه لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية.
واعتبر أن الزيارة تؤكد أن مصر دولة واعدة وأن الاستثمار بها سيحقق لهذه الشركات ربحا مرموقا،لافتا الي أن القطاع الخاص الأجنبي يعمل وفقا لهذ الأساس ،كما أن اهتمامهم بالحضور في هذا التوقيت خير دليل على الفرص الواعدة الموجودة في مصر حاليا،حيث تتمتع بالعديد من عناصر القوى من عمالة ماهرة على أعلى مستوى وسوق استهلاكي كبير وكمركز للصادرات للأشقاء في إفريقيا والشرق الأوسط وهذ الاهتمام يهدف الى الاستفادة المتبادلة ونحن نرحب بها وندعمها
وعما اذا كانت الزياره تعكس تطورا في العلاقات مع الولايات المتحدة قال شكرى إن هذه العلاقات طويلة وممتدة على مدي اكثر من ?عقود، منوها الي أنها علاقة عميقه لها نواح مختلفه وتطور وهناك تفاعل مستمر يجعل العلاقه دائما من المفروض ان يسعى الجانبان الى تطويرها والارتقاء بها ونموها وهناك عمل متواصل ولابد ان نستمر في بذل الجهد فيه طالما ان هناك منفعة محددة على الشعب المصري .
وعما اذا كان ممثلو الشركات الأمريكية أبدوا رغبتهم المشاركة بمشروعات معينة أكد شكري أنه جرت اتصالات مع شركات محددة بالفعل وكلها تؤشر الى الاهتمام بزيادة الاستثمارات في مصر وأنهم يقرون الفرص المتاحة كما ان الشركات الامريكية العاملة في مصر..
وقال إنها تنظر الى وجودها على أنه ممتد ويقتضي التوسع فيه والاستفادة منه،كما أن هذه الشركات ستنقل رؤاها وخبراتها إلي الشركات الأخرى الراغبة في القدوم الي مصر.
وأشار الوزير الي أن الحكومة عازمة من جانبها على توفير المناخ الاستثماري المواتي وإجراء التعديلات التشريعية الجاذبة للاستثمارات .
وحول المجالات التي أبدي الوفد اهتمامه بالاستثمار فيها قال الوزير إن هناك اهتماما من جانب الشركات الأمريكية بالمشاركة في مشروع قناة السويس ومشروع اعادة تخطيط الساحل الشمالي والمثلث الذهبي وهناك مجالات عديده للتعاون ستعود بالنفع على الجانبين.
من جانب آخر نفي مصدر دبلوماسي مسئول شارك في لقاءات الوفد بالمسئولين أن يكون الوفد عرض لأي شروط أو مطالب تتعلق بالأوضاع الداخلية في مصر ، كما نفي وجود أي ربط بين التعاون الاقتصادي ونقل هذه الاستثمارات وخريطة الانتخابات أو أوضاع حقوق الإنسان وفقا لما تزعمه بعض الجهات الأمريكية بشأنها.
عموما أطلق رئيس الوفد السفير ديفيد سرون الكثير من العبارات وسيل من التصريحات التى توحى بالتفاؤل وتؤكد وجود رغبة أمريكية لأنعاش التعاون ولكن تبقى العبرة دوما بالافعال وليس بالاقوال.
