IMLebanon

مصارف بريطانية «تجنِّد» عسكريين للعمل في الحي المالي

LondonBanks
هارييت أجنيو

من القوات المسلحة إلى الخدمات المالية مسار مطروق إلى حد كبير. لكن على مدى الأعوام القليلة الماضية، كانت المصارف مثل جيه بي مورجان، ومورجان ستانلي، وسيتي، وجولدمان ساكس، تزيد من عدد الأشخاص الذين توظفهم من الجيش، وسلاح البحرية، وسلاح الجو، ومشاة البحرية.

وتعمل المصارف على إضفاء الطابع الرسمي على عملية الاختيار، اعتقادا منها أن المهارات مثل القيادة والعمل الجماعي وحل المشكلات، وهي أمور تتم رعايتها باستمرار في أفراد القوات المسلحة، يمكن الاستفادة منها في المصارف.

ويأتي هذا مع إنهاء القوات البريطانية عملياتها القتالية في أفغانستان وسط تخفيضات الميزانية في المملكة المتحدة. وكان وزير الدفاع، فيليب هاموند، قد وافق العام الماضي على توفير 1.9 في المائة بعد عام 2015، الأمر الذي يثير تحذيرات بأن القوات المسلحة بدأت تعاني ضمن حدود إمكاناتها المادية الضيقة.

ويدير مورجان ستانلي ورش عمل فصلية للتحوّل الوظيفي منذ عام 2010، وفي هذا العام نظم فترات تدريبية لأفراد القوات المسلحة السابقين في ثلاث مجالات: المبيعات، والتداول المؤسسي، والمالية، والعمليات. ويقول دان ويرثينجتون، وهو مظلّي سابق يعمل الآن عضوا تنفيذيا في قسم الأسهم المؤسسية في البنك، إن ورش العمل التي حضرها 700 فرد من أفراد القوات السابقين حتى الآن، تهدف إلى إزالة الغموض عن الخدمات المالية. “من الصعب على شخص كان يعمل في أقسام الجيش معرفة ما إذا كان يرغب في الذهاب إلى جانب الشراء أو جانب البيع، أو الفرق بين المبيعات والتداول مقابل الخدمات المصرفية الاستثمارية”.

وبدأ جيه بي مورجان برنامجا للتدريب الداخلي في عام 2011 لكشف أجزاء مختلفة من البنك للجنود السابقين من الرجال والنساء. ويقول باتريك تومسون، رئيس القسم العالمي لعملاء الحكومات السيادية في جيه بي مورجان لإدارة الأصول، الذي أمضى خمسة أعوام في الجيش: “إنها فرصة لنا لتحديد المواهب الواعدة ولهؤلاء المرشحين لمعرفة ما إذا كانوا يرغبون في العمل في جيه بي مورجان”.

وقال طومسون إن مهارات ومزايا الأشخاص الذين يغادرون القوات المسلحة يغلب عليها أن تكون مناسبة جداً للمصارف: “عملهم الجماعي، وروحهم وفلسفتهم جذابة جداً. هناك نهج تنظيمي لإنهاء المشاريع وأداء العمل على أكمل وجه. ولديهم مستويات عالية جداً من النزاهة”.

وبحسب ويل باكارد، رئيس قسم التسويق العالمي للعملات الأجنبية في سيتي جروب، وهو رائد سابق في سلاح الفرسان، في حين أن هناك بُعدا اجتماعيا لمساعدة الأشخاص على العودة إلى الحياة المدنية، إلا أنه منطق تجاري جيد. ويضيف: “نحن قادرون على توظيف مرشحين رائعين. لقد قامت القوات المسلحة بالاختيار والتدريب. الأمر يتعلق بالتنوع. والتنوع في الخبرة والأفكار أمر مهم فوق ما تتصور”.

وأطلقت سيتي جروب هذا العام برنامجا لتشجيع الأفراد الذين غادروا القوات المسلحة وهم في العشرينات من أعمارهم، على الانضمام إلى برنامج دراسات عليا للبنك. كذلك يدير جولدمان ساكس برنامج تكامل للمتقاعدين العسكريين القدامى، يوفر فرصة لمعرفة المزيد عن صناعة الخدمات المالية.

والانتقال من القوات المسلحة إلى المصارف لا يخلو من التحدّيات، خاصة الصدمة الثقافية وحقيقة أن أي ضابط كبير في القوات المسلحة لن يدخل مباشرة إلى وظيفة عُليا في أحد المصارف.

ووفقا لباكارد: “الجزء الصعب هو محاولة جسر الفجوة بين الكفاءة الفطرية للشخص وافتقاره للخبرة. المصطلحات تشكل نوعاً من التحدّي. الهياكل الموجودة في المصارف مُحددة بشكل أقل بكثير وموجهة نحو المهام بشكل أقل بكثير”.

وتركز برامج البنك على مساعدة الأفراد الذين قرروا مغادرة القوات المسلحة. وقال باكارد: “إذا كان باستطاعتنا منح الأشخاص عندما يغادرون القوات المسلحة الفرصة نفسها التي قد يحصلون عليها لو أنهم دخلوا مباشرة إلى الحي المالي في لندن بعد الجامعة، فإن ذلك يجعل الجيش مكاناً أكثر جاذبية للقيام بمهمة خدمة قصيرة الأجل”.

وخلال فترة خدمته في البحرية الملكية، كان كريستوفر بيزلي يواجه جنرالات من سيراليون، ومقاولين يعملون في أولمبياد لندن، ومرؤوسين يخالفون الأوامر. وفي العادة كان يبقي في كل دور لمدة 18 شهرا، وكان يشتمل على منحنى تعلم حاد. وهو يقول إن هذا كان إعداداً جيدا له من أجل أول وظيفة مدنية بعد خروجه من القوات البحرية، وهي العمل زميلا مشاركا في قسم أعمال الرعاية وخدمات الصناديق في جيه بي مورجان.

يقول بيزلي: “طيف الأمور يُطلَب منك تغييرها من أجل أن تتمكن من تطوير القدرة على معرفة الموضوعات المشتركة وتتعلم الأمور بسرعة”. في سلاح البحرية من الممكن أن يفعل ذلك من أجل أن يصبح، مثلا، خبيرا في التاريخ السياسي لبلد صغير خلال فترة زمنية قصيرة.

وأخلاقيات العمل في الجيش تصلح للنقل إلى عالم التمويل، كما يقول بيزلي “ليست لديك خبرة شخص كان يعمل في البنك منذ عشر سنوات، لكن لديك الإطار التصوري الذي تستطيع تطبيقه على أشياء كثيرة. ويركز معظم التمويل على إنجاز العمل خلال وقت محدد وفي المواعيد، بصورة احترافية ومنخرطة مع الآخرين”.

بيزلي، الذي يأتي من منطقة نورثامبتون، أمضى سبع سنوات في البحرية حين كان في العشرينات من عمره. وخدم في أفغانستان عدة مرات وعمل في نشاطات مكافحة القرصنة قبالة ساحل إفريقيا الشرقي. وترك البحرية بحثا عن مزيد من الاستقرار وقضاء الوقت في بريطانيا. وبعد أن فاز بمقعد في برنامج تدريب من جيه بي مورجان للعسكريين السابقين، تم التعاقد معه للعمل بدوام كامل. وكانت أصعب مراحل التكيف بالنسبة إليه هي أن يتعلم الجوانب الفنية للوظيفة. ويقول: “لا توجد شدة التدريب نفسها في أعمال البنك. يتوقف الأمر عليك لإنجاح الأمر في صناعة تعتبر معقدة وتنافسية”.

الطبيعة المختلفة للتعامل مع المسؤولين كانت تحديا آخر. يقول بيزلي: “رئيسك في الجيش لديه نظره أعمق نحوك باعتبارك فردا، ولديه تأثير أكبر بكثير في طيف أعرض من حياتك يفوق ما يفعلون في التمويل”. لكن هل يحن إلى البحرية؟ يجيب: “أصبحت الحياة أفضل الآن من حيث القدرة على التنبؤ. وهذا أمر حسن وسيئ في في آن معا”.