IMLebanon

الأسعار العالمية للفائدة المنخفضة تفاقم المخاطر

InterestRates2
كريس جايلز

حيث إن آفاق الاقتصاد العالمي ضعيفة، ومنطقة اليورو تعابث الانكماش، والتضخم في بريطانيا عند 1.2 في المائة فحسب، وزيادات الأجور بائسة، فليس هناك على ما يبدو خيار أمام بنك إنجلترا سوى إبقاء أسعار الفائدة عند المستوى المتدني البالغ 0.5 في المائة.

مع ذلك، فإن اثنين من أعضاء لجنة السياسة النقدية، وهما إيان مكافيرتي ومارتن ويل، يواصلان التصويت لصالح رفع أسعار الفائدة فهل هما مصابان بالخرف؟ لا. هناك منهج منظم في هذا الجنون الظاهري.

اهتزت الأسواق بعد أن حذر صندوق النقد الدولي أن آفاق النمو الضعيفة تضع الاقتصاد العالمي في قبضة “مستوى جديد دون العادي”، لكن هناك حاجة إلى وضع ذلك ضمن منظور معين.

لقد قلص الصندوق توقعاته للآفاق الاقتصادية لعام 2014 بنسبة 0.1 في المائة، ومن المتوقع أن يكون عام 2015 سنة أفضل من المتوسط.

لم يكن صندوق النقد يتوقع حدوث كارثة بقدر ما كان يحذر البلدان الأعضاء من مغبة التهاون. تحذيرات الصندوق أدت إلى نتائج عكسية، وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك.

الصورة في منطقة اليورو تعتبر مماثلة. وفي حين أن الضعف الاقتصادي هناك يفرض استخدام المزيد من التحفيز، إلا أن هذا لا يعد تكراراً لعام 2011؛ فالمشاكل مزمنة وليست حادة.

بدون الخطر المباشر من إفلاس الدول وتفكك اليورو، فإنه من المستبعد إلى حد كبير على منطقة اليورو أن تلقي بظلالها على آفاق بريطانيا الاقتصادية هذه المرة.

في بريطانيا، معظم المؤشرات الاقتصادية في وضع جيد للغاية.

معدلات استغلال القدرة الإنتاجية هي فوق الوضع المعدل الطبيعي، ومعدلات التوظيف والمشاركة في سوق العمل قريبة للغاية من أعلى معدلاتها منذ 40 عاماً، والثقة بالأعمال قوية، والنمو أعلى من المتوسط.

الأجور ضعيفة، لكن تشير أحدث البيانات إلى أن هناك انتعاشاً حتى في ذلك المجال. في القطاع الخاص، حيث الاتفاقيات طويلة الأمد نادرة، وتظهر قوى السوق بسرعة من خلال الأجور، وسجلت الرواتب المنتظمة نمواً بنسبة 2.3 في المائة في المعدل السنوي بين نيسان وآب (أبريل وأغسطس) – وهو أفضل أداء خلال هذه الفترة من العام منذ 2007.

التضخم المنخفض هو في معظمه علامة على ارتفاع الجنيه وتراجع أسعار السلع الأساسية، وصدمة موجبة لدخول الأسر، وهو ما سيعزز رغبة الأسر في الإنفاق وتعزيز الضغوط التضخمية الكامنة.

وحيث إن البيانات تقدم حجة قوية لصالح سياسة نقدية أكثر تشدداً بقليل، فإن الذين يريدون باستمرار بقاء أسعار الفائدة المتدنية غالباً ما يلقون بالقنبلة اللفظية التي تدعى “الركود طويل الأمد”.

يخشى كثير من الناس أنهم سيظهرون بمظهر الأغبياء إذا اعترفوا أنهم لا يفهمون معنى هذا التعبير، وهي حقيقة تؤكد الدهاء والقوة في ذلك المفهوم.

حسب فهمي لعبارة الركود طويل الأمد، فإن الفكرة تقتضي أسعار فائدة رسمية متدنية بصورة غير عادية، لأن أي شيء آخر من شأنه أن يحول دون تحقيق التوظيف التام، حيث إن معدل البطالة يهبط مثل الحجر– حيث هبط بنسبة 1.7 نقاط مئوية خلال السنة الماضية ليصل إلى 6 في المائة– فإنه من الواضح أن المفهوم لا صلة له بالزيادات التدريجية في سعر الفائدة في بريطانيا، البالغ 0.5 في المائة.

مع ذلك هناك حجة قوية لصالح إبقاء أسعار الفائدة على حالها، وهي حجة أرى أنها مهمة ضمن لجنة السياسة النقدية، رغم أنه نادراً ما يتم التعبير عنها بشكل صريح. الحجة هي أن اللجنة راغبة في اتخاذ مخاطرة مع التضخم، من أجل أن تختبر ما إذا كان التوسع السريع سيعمل في النهاية على تحفيز الاستخدام الفعال للعمال البريطانيين، وهو الاستخدام الذي سيكون أساس الرفاهية الأعلى على الأمد الطويل.

دون تدقيق بنك إنجلترا في جوانب الموضوع لكي يرى ما إذا كان بمقدور بريطانيا استدامة مستويات أعلى من الناتج والدخول، يستطيع البنك المركزي أن يوقع البلاد في ظروف عصيبة لا لزوم لها.

صحيح أن إبقاء أسعار الفائدة أدنى من الحد الذي يبدو معقولاً ربما ينتهي به المطاف إلى تحقيق بعض التضخم في الأسعار والأجور، لكن هذا ليس وضعاً مثالياً، وإنما يمكن التعامل معه.

إن التدقيق من جانب بنك إنجلترا، والتوسع في الاقتصاد، أعطيا نتائج مخيبة للآمال حتى الآن. مستويات الإنتاجية تتعرض حتى للهبوط والتراجع وراء الاتجاه العام لما قبل الأزمة.

يجدر بالجميع أن يدركوا أن الحجة الداعية إلى سعر فائدة عند 0.5 في المائة تتعرض للضعف مع كل شهر تزداد فيه قوة الاقتصاد.

كلما طالت الفترة التي ينتظر فيها بنك إنجلترا ويرجو حدوث معجزة في الإنتاجية، قلَّ القدر الذي نستطيع أن نتأكد فيه، من أنه حين ترتفع أسعار الفائدة في النهاية، فإن الزيادات ستكون تدريجية ومحدودة.