تثير المعارك العنيفة المحتدمة منذ أيام في محافظة القنيطرة السورية بين مسلّحي «جبهة النصرة» و«الجيش السوري الحر» من جهة ووحدات من الجيش السوري و«وحدات الدفاع الشعبي» من جهة أخرى مخاوف لبنانية متصاعدة لجهة إمكان ان تؤدي الى تراجع القوات الحليفة للنظام السوري بما قد يستتبعه ذلك من توسُّع التنظيمات المعارِضة المتطرفة نحو مناطق لبنانية متاخمة لمناطق القتال.
وقد تصاعدت هذه المخاوف فعلاً وخصوصاً في الجنوب والبقاع الغربي وتحديداً مناطق شبعا ومحيطها والعرقوب وجرود راشيا وسط سيناريوات تتردّد على نطاق واسع من خشية ان يخطط المعارضون لاختراق الحدود اللبنانية في هذه المناطق وصولاً الى منطقة دير العشائر بما يضعهم على بعد أقلّ من عشرين كيلومتراً عن نقطة المصنع الحدودية. وهو سيناريو طالما شكل منذ اندلاع معركة عرسال الاولى في 2 اغسطس الماضي هاجساً لأبناء هذه المناطق ولا سيما منهم الدروز الذين يشكلون نسبة عالية من السكان وأثيرت حوله مسألة التسلح الكثيف في المنطقة تحسباً لأي أخطار محتملة لاختراق الحدود.
وتقول مصادر مواكبة لهذه التطوّرات لصحيفة «الراي» الكويتية ان ارتفاع نسبة الاطمئنان الى متانة الإجراءات التي يتخذها الجيش في كل المناطق اللبنانية المتاخمة للحدود السورية قلّص الى حد كبير المخاوف من محاولات جديدة لاختراق الحدود على أيدي التنظيمات المتطرفة، ولكن ذلك لا يُسقِط واقعاً بدأ كثيرون من الرسميين والسياسيين والأمنيين والعسكريين يتحسّبون له وهو ان حصول متغيرات ميدانية كبيرة في مناطق متاخمة للبنان مثل القنيطرة قد تنجم عنه أخطار حقيقية وخصوصاً اذا حصلت انهيارات كبرى في صفوف القوى الموالية للنظام السوري.
وتلفت هذه المصادر الى ان ثمة معطيات لدى العديد من القوى اللبنانية لا يتم تداولها علناً عن قرب حصول انهيار واسع لمصلحة المعارضين السوريين في منطقة القنيطرة على الأقل، وان الجانب اللبناني بات يتحسّب لكل ما يمكن ان ينجم عن ذلك وخصوصاً مع وجود معطيات ترجّح ان يحاول المعارضون بعد سيطرتهم على محافظة القنيطرة بالكامل الالتفاف على دمشق من خلال اختراق للحدود اللبنانية لمحاصرة قوى النظام ووصْل تمدُّد المسلحين الى منطقة الزبداني. وتكثفت في الآونة الاخيرة مساعي نواب وفعاليات مدينة زحلة ايضاً لحمل الجيش اللبناني على إقفال ثغرة خطرة في منطقة قوسايا التي تتمركز فيها منظمات فلسطينية موالية للنظام السوري والتي خاضت معارك مع «النصرة» في المقلب السوري من الحدود.
وتضيف المصادر انه قد يكون من المبالغة راهناً الاستسلام لسيناريوات المخاوف هذه لان الواقع الأمني الداخلي يتمتّع بحصانة عسكرية عالية من جهة وبرصْدٍ خارجي دقيق يتمثل في المضي قدماً في دعم الجيش وكذلك في إمكان حصول مداخلات عربية وإقليمية ودولية مؤثرة لتحييد لبنان عن أخطار مماثلة. اذ تشير المصادر هنا الى ان التنظيمات التي تقاتل النظام السوري على غالبية الجبهات المتاخمة للحدود مع لبنان لا يزال ممكناً التأثير عليها من جهات خارجية داعمة للمعارضة السورية على غرار الوساطة القطرية المستمرة مع خاطفي العسكريين اللبنانيين اي «داعش» و«جبهة النصرة». كما ان هذه التنظيمات وإن كانت تحقق تقدّماً في بعض المناطق السورية لكنها لا تبدو في واقع يمكّنها من تحقيق اختراقات ناجحة للحدود اللبنانية بعدما حقق الجيش اللبناني تفوقاً كبيراً في ضرب خلاياها في لبنان ومتّن الخطوط الدفاعية على الحدود.