اعتاد الاحتياطي الفيدرالي على وضع السياسة النقدية في غرف مليئة بسحابات الدخان من سيجار بول فولكر. انتقل البنك المركزي، على مدى عقود، من عدم كشف أي شيء تقريباً من تلك النقاشات المغلقة – ولا حتى الرقم الذي يستهدفه لسعر الفائدة – إلى “الإرشاد المتقدم” والمؤتمرات الصحافية اليوم. لكن مراقبة الاحتياطي الفيدرالي للنظام المصرفي في الولايات المتحدة لا تتمتع بالوضوح نفسه، والمصارف ونقّادها يشيرون إلى أن هناك حاجة إلى المزيد من التدقيق. يشتكي مسؤولون تنفيذيون في المصارف من أنه في بعض المجالات – ولا سيما اختبارات الإجهاد السنوية التي يجريها الاحتياطي الفيدرالي – يكون البنك المركزي بمثابة “الصندوق الأسود” بشكل كبير، وبالتالي قاسيا دون داع. لكن بعض الأعضاء السابقين من موظفي الاحتياطي الفيدرالي يجادلون بأن العكس هو الصحيح.
كارمن سيجارا، المفتشة السابقة في الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، تدّعي أنه تم صرفها لكونها قاسية فوق الحد على جولدمان ساكس. إلا أن الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك “يرفض بشكل قاطع” مزاعمها.
لقد سعت لدعم ادعاءاتها من خلال 46 ساعة من الاجتماعات المُسجلة سراً. الأمر البارز هو تبادل حوار يشارك فيه كبير المشرفين على جولدمان في الاحتياطي الفيدرالي في ذلك الحين، مايكل سيلفا، الذي سُمع وهو يناقش مع زملائه مدى قلقه العميق بشأن إحدى معاملات جولدمان ويوحي بأنه سيندفع داخلا إلى البنك ويطلب إجابات، لكن ما فعله هو أنه سأل بنوع من التهيب سؤالا موجزا ومعتدلا فقط. إنها مثال على جهاز رقابي (شاهد الخلل لكنه) لم يفعل شيئاً، على الأقل وفقا للمقاطع التي قدّمتها سيجارا. وقال شيرود براون، عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي، الذي دعا اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ إلى جلسة استماع للتدقيق في ادعاءات سيجارا: “إن دافعي الضرائب الأمريكيين يستحقون منظمين يقاتلون كل يوم باسمهم، بدلاً من التغطية على الصناعة ذاتها التي من المفترض أن يضبطوا خط عملها”.
بالطبع، هناك أوقات تكون فيها المعلومات الرقابية حساسة جداً، بحيث إن نشرها يمكن أن يُسبب ضررا. في الأسبوع الماضي ظهر بريد إلكتروني يذكر تفاصيل مكالمة في عام 2008 من مورجان ستانلي يحذر فيها من أنه تضرر بشدة من الأزمة، بحيث إنه لن يكون قادراً على فتح أبوابه للعمل في يوم الإثنين التالي، وإذا حدث ذلك فإن جولدمان سيقع في “متاعب خطيرة”. لو أنه تم نشر تلك الاتصالات في الوقت الحقيقي، لكان هناك ذعر أكبر بكثير في جميع أنحاء النظام المالي في الولايات المتحدة.
لكن حالات النشر غير المقصودة للمعلومات غالباً ما يتم استيعابها دون أي مشكلات. فعندما قام مجلس الشيوخ بإصدار معلومات تُظهر أن التقييم الإشرافي السري لجيه بي مورجان تم تخفيضه العام الماضي، لم تكن هناك أي طوابير من زبائن البنك يسارعون لسحب أموالهم.
أحد الأماكن الذي يمكن أن تبدأ منها حملة الشفافية هو ما يسمى تصنيفات “كاميلز” للاحتياطي الفيدرالي. كان الأكاديميون في التسعينيات يُشيرون إلى أن التصنيفات – لكفاية رأس المال، وجودة الأصول، والإدارة، والأرباح، والسيولة، والحساسية لمخاطر السوق – يمكن أن تصبح علنية. كتب خوسيه لوبيز، الاقتصادي في الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، في عام 1999: “مثل هذا الإفصاح قد يُفيد المراقبين عن طريق تحسين تسعير الأوراق المالية وزيادة كفاءة انضباط السوق للتأثير على المصارف”.
بعبارة أخرى، أسعار أسهم وسندات المصارف ربما تكون أكثر دقة لو أنها عرفت ما يفكر فيه الاحتياطي الفيدرالي بشأن قوة هذه المصارف وإداراتها. كذلك نشر التصنيفات قد يكون بمثابة تدقيق على المراقبين أنفسهم، من خلال السماح للمستثمرين بمعرفة ما إذا تبيّن أن تقييماتهم متفائلة أو متشائمة جداً.
مثل هذا التدقيق لعملية الإشراف على المصارف، إذا استثنينا جلسة الاستماع في الكونجرس الأسبوع الماضي، كان نادراً. الاحتياطي الفيدرالي لديه بالفعل مفتش عام، مسؤول عن التدقيق على المُدققين. وفي الشهر الماضي أصدر المفتش العام تقريرا مختصرا عن دور المنظمين في الإخفاق في كشف تداولات “حوت لندن” في بنك جيه بي مورجان التي أدت إلى خسارة البنك ستة مليارات دولار. وحدد التقرير نقاط الضعف في الاتصالات بين المنظمين و”فرصة ضائعة” للبحث في قسم البنك المسؤول عن الرهانات الفاشلة.
نحن لا نعرف ماذا اكتشف المفتش العام أيضاً، لأن التقرير الكامل، الذي يُقال إنه يحتوي على خلاف حول من كان مسؤولاً عن الإخفاقات الرقابية، بقي طي الكتمان. ويأتي ذلك على الرغم من حقيقة أن مجلس الشيوخ نشر بالفعل مجموعة من المعلومات الرقابية السرية بشأن الواقعة.
إن إطلاق نقاش كامل للخطأ الذي حدث أمر في المصلحة العامة، ويمكن أن يتحقق دون المساس بالمعلومات التي تحتاج حقاً إلى أن تبقى سرية. آن الأوان لدخان أقل.