IMLebanon

لأنّ الأسواق المالية وحالة الاقتصاد كانت أسوأ بكثير…

FinancialCrisis
جوناثان إيلي

إذا اعتبرنا بيانات دراسة من لويدز للخدمات المصرفية الخاصة دليلا يُسترشَد به، بأية صورة من الصور، فنحن مجموعة سيئة جداً من الناس عندما يتعلق الأمر بالاستثمار.

أجرى البنك قياسا لمشاعر المستثمرين تجاه عشر فئات أصول مختلفة. تراجعت في تسع منها. التحسّن الوحيد كان زيادة ضئيلة في تقدير الأسهم اليابانية. وحين ننظر في جميع أنحاء العالم، فمن الصعب العثور على سوق تم تقييمها بشكل معقول، أو لديها آفاق نمو لائقة، تجعلك تبقى مستيقظاً في الليل.

الأسعار في كثير من الأسواق مرتفعة، لكن آفاق النمو إما معتدلة (كما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة) أو بائسة أصلا (كما في أوروبا). هذا ما تحصل عليه بعد أعوام من الأموال السهلة. توقفت عمليات شراء الأصول في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لكنها لا تزال على قدم وساق في اليابان وقد تبدأ أيضاً في أوروبا.

زيادات في أسعار الفائدة تبدو على بُعد أشهر من الآن. وقد أشار نايجل توماس، مدير صندوق أكسا المُخضرم، الأسبوع الماضي إلى أن 56 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم و81 في المائة من القيمة السوقية للأسهم مدعومة، بأسعار فائدة قريبة من الصفر. بدلا من الإدمان على الهيروين انتقلنا إلى الإدمان على الميثادون.

الديون تتراكم في كل مكان. نحن نعيش في بلاد، حيث الحكومة تنفق 100 مليار جنيه أكثر مما ستكسبه هذا العام، بينما تدين للأجانب بأكثر من تريليون جنيه. حتى تلك القطاعات من الاقتصاد التي تُبلي بلاءً حسناً، مثل الإسكان أو مبيعات السيارات، تعتمد على المزيد من الاقتراض.

بعد ستة أعوام من انهيار ليمان براذرز لا يزال المنظمون يكشفون عن المزيد من الأخطاء والمخالفات في صناعة الخدمات المالية. ودعونا لا نبدأ حتى في الحديث عن الجوانب الجيوسياسية: القومية البشعة في أوروبا الشرقية، والتعصب الديني والإعدامات البشعة في الشرق الأوسط.

هذه أمور مثيرة للاكتئاب، لكن الوقت قد حان لنرى الصورة الكاملة. الأزمة المالية تبعت فترة كانت الأمور فيها تبدو جيدة فوق الحد على نحو يجعلك ترتاب في كونها صحيحة، والعوائد من بعض فئات الأصول (الأسهم في التسعينيات، والإسكان في العقد الأول من الألفية) كانت مرتفعة بشكل يتسم بالاختلال. الأشخاص الذين لديهم فكرة عن فترات سابقة سيتذكرون وقتا كانت لدينا فيه أمور أكثر تدعونا للقلق.

لنأخذ أوائل التسعينيات، عندما تخرّجت من الجامعة وسط فترة ركود بائسة. سحبت المصارف أكثر من 75 ألف منزل من أيدي أصحابها في عام 1991. والدي، المولود في عام 1943 والمفروض أنه أحد أفراد الجيل الذهبي، مولع بتذكيري أنه لم يحصل قط على قرض عقاري كان سعر فائدته أقل من 9 في المائة.

أو خذ الثمانينيات، عندما كان تحوّل المملكة المتحدة من اقتصاد تصنيع إلى اقتصاد خدمات يمر في لحظاته الأكثر إيلاماً. حاول والداي بيع منزله في شمال إنجلترا في أعقاب إضراب عمال المناجم، واستغرق الأمر 18 شهراً تقريباً للعثور على مشتر للبيت. وتراجع الجنيه إلى شبه تكافؤ مع الدولار، على الرغم من أن سعر الفائدة الأساسي كان بأرقام من خانتين خلال معظم العقد ووصل إلى ذروته عند 14.875 في المائة في أواخر عام 1989.

أنا تقريباً كبير بما فيه الكفاية لتذكر شتاء السخط في عام 1979، والتفكير أنه من المثير تماماً التجول في سوبر ماركت حاملا مشعلا، لكن ليس صدمات أسعار النفط في أوائل السبعينيات واضطرابات الاقتصاد والسوق التي تسببت فيها. لقد وصل تضخم أسعار التجزئة ذروته عند 26.9 في المائة في آب (أغسطس) 1975، في حين أن عام 1974 لا يزال أسوأ عام على الإطلاق لمستثمري الأسهم في المملكة المتحدة.

وأذكر بوضوح انهيار جدار برلين، لكن جيل أمي وأبي يتذكر بناءه في عام 1961، إلى جانب أزمة الصواريخ الكوبية في العام التالي. هذه كانت فعلاً تطورات جيوسياسية مخيفة! وهما يذكران تخفيض قيمة الجنيه بعد الحرب التي جعلت سعره يهبط من أكثر من أربعة دولارات إلى أقل من دولارين، والتقنين الذي استمر لفترة طويلة حتى الخمسينيات، والضباب الكثيف الأصفر في لندن الذي قتل أكثر من أربعة آلاف شخص في أسبوع.

لنعد إلى الأجيال التي قبل ذلك، في فترة ما بين الحربين العالميتين؛ المذابح والدمار كانا على نطاق لا يمكن تصوّره اليوم. أثناء تذكرنا الأموات هذا الأسبوع، يجدر بنا تذكير أنفسنا بالتكاليف المالية للحرب.

لقد تم إدخال ضريبة الدخل في عام 1799 للدفع من أجل تسديد تكاليف الحروب ضد نابليون. وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، تم إغلاق البورصة لمدة خمسة أشهر – وأسعار الأسهم لم تتحسن حتى عام 1918.

المدخرون الوطنيون ساهموا، على كره منهم، في سندات الحرب عام 1917، لكن النتيجة كانت أن سعر الفائدة على السندات تم تخفيضه من 5 إلى 3.5 في المائة عام 1932 (وهو إجراء يعتبر اليوم بالتأكيد نوعا من الإفلاس). في عام 2006 تم تسديد آخر دفعة من ديون الحرب العالمية الثانية التي اقترضتها بريطانيا من الولايات المتحدة.

لكن طوال تلك الفترة، حدثت تطورات هائلة في التكنولوجيا، وتحسينات مذهلة في مستويات المعيشة والعمر المتوقع. ومنذ عام 1899 كان معدل العوائد على الأسهم في المتوسط بحدود 5 في المائة في السنة بالمعدلات الحقيقية، مع إعادة استثمار أرباح الأسهم. بالتالي لا داعي للقلق فوق الحد بشأن الديون. تذكر أنها لا تزيد على كونها مالا.