IMLebanon

انخفاض النفط يطلق موجة من القلق في سوق السندات

CrisisBrokersStock
تريسي ألووي

على شارع الطاقة، في منتصف الطريق بين بلدتي ميدلاند وأوديسا غربي تكساس، أضيف مركز لامع للفنون، بلغت تكلفته عدة ملايين من الدولارات، إلى مشهد الآبار النفطية التي تنتشر في الحقول المحيطة.

المركز الذي تم بناؤه بـ 20 مليون دولار من أموال تم التبرع بها و45 مليون دولار من التمويل الحكومي، هو نصب تذكاري فعلي للثروة التي تدفقت إلى مجموعة جديدة من البلدات المزدهرة في أنحاء الولايات المتحدة كافة، بفضل الزيادة في إنتاج النفط والغاز.

جزء كبير من طفرة الزيت الصخري يمكن تعقبها إلى وول ستريت، حيث أعوام من أسعار الفائدة المنخفضة شجعت شركات الطاقة لتغذية نموها عن طريق استغلال المستثمرين المتحمسين في أسواق السندات والقروض.

الآن مع تراجع سعر النفط الأمريكي من 102.90 دولارا للبرميل إلى سعر منخفض يبلغ 74.21 دولار خلال أكثر من ثلاثة أشهر بقليل، يتساءل كثير من الناس عما سيحدث لمثل هذه الشركات ومستثمري الائتمان الذين راهنوا عليها. والأكثر من ذلك، مصدر القلق هو أن الانكماش في السندات المتعلقة بالنفط يمكن أن يعمل على إثارة اضطراب أوسع في السوق بالنسبة للسندات والقروض.

يقول أوليج ميلينتيف، محلل الائتمان في دويتشه بانك: “ينبغي أن نشعر بالقلق. لقد انخفض النفط 25 في المائة في غضون ثلاثة أشهر ولا أحد كان يتوقع ذلك – لكنه حدث. ليست لدينا درجة عالية من الثقة لنقول إن هذا هو الحد الأدنى، فنحن لا نعرف”.

على بُعد 2000 ميل تقريبا من مكاتب ميليتيف في وول ستريت، لا تزال ذكريات تراجع النفط الذي حفز الكساد في الثمانينيات على مستوى الولاية تلوح في أفق أوديسا. المسؤولون هنا في المدينة هم بالفعل في حالة تأهب لتحوّل محتمل في دورة السلع.

يقول مايك جورج، رئيس غرفة تجارة أوديسا: “أعمالنا الخاصة بالنفط والغاز في غربي تكساس معتادة على الطبيعة الدورية للأعمال وبسبب ذلك التراجع الكبير في الآونة الأخيرة، تعلمنا درسا مهما هو عدم التوسع فوق طاقتنا. أما فيما يتعلق بقدرتها على الإقراض، أشعر أن المصارف والشركات كانت حكيمة للغاية خلال هذا المستوى العالي من النشاط في الآونة الأخيرة”.

لكن هناك آخرون غير متأكدين. ميلينتيف وبعض الزملاء في دويتشه بانك يشعرون بالقلق من أن ميل شركات النفط والغاز للاقتراض من أجل تمويل العمليات ترك القطاع عالقا برفع مالي عال وعرضة لخطر المزيد من الانخفاضات في أسعار النفط.

ويقول محللون إن انخفاض أسعار النفط إلى 60 دولارا للبرميل يمكن أن يتسبب في عجز شركات الطاقة التي بنت أعمالها على أسعار أقرب إلى 90 دولارا للبرميل عن سداد ديونها – الأمر الذي ربما “يدفع قطاع الطاقة الأمريكي بالكامل نحو العجز”.

وهذا قد يولد الموجة الأولى من عجز الشركات في أعقاب ستة أعوام سمحت خلالها أسعار الفائدة المنخفضة للغاية والأموال السهلة حتى الآن، بالحؤول دون وقوع عدد من انهيارات الشركات في الولايات المتحدة.

تماما كما حولت طفرة النفط الصخري المشهد في غربي تكساس – حيث كان من المرجح أن يرى الزوار حقولا مليئة بالأرانب المتنقلة بدلا من المضخات المائلة- كذلك كان لها تأثير كبير بشكل مماثل في تشكيل سوق الائتمان الأمريكية.

ووفقا لبيانات باركليز، تمثل سندات الطاقة الآن 15.7 في المائة من سوق السندات الخطرة، البالغة 1.3 تريليون دولار، مقارنة بمجرد 4.3 في المائة قبل عشرة أعوام.

ويقول ميلينتيف: “إنه القطاع الأكبر في سوقنا، لذلك من حيث التعريف يتطلب المزيد من الاهتمام إلى حد ما، خاصة في وقت تشهد فيه السلعة الأساسية تحركا كبيرا للغاية”.

وتقول وكالة “ستاندرد آند بورز آي كيو” إن هناك اتجاها مماثلا يلعب دورا في سوق القروض ذات الرفع المالي – حيث القطاع يمثل 4.6 في المائة من القروض المستحقة، مقارنة بـ 3.1 في المائة في عام 2004.

ديفيد ألترمان، من بنك كريدي سويس في أمريكا الشمالية، يقول عن الأشهر التي سبقت تراجع النفط: “تقريبا كان بإمكان أية شركة أمريكية ذات عائد مرتفع أن تجمع الأموال بمعدل معقول للغاية. في نهاية حزيران (يونيو) بدأت سوق الائتمان تتراجع قليلا وهذا حدث عندما بدأنا أول مرة نرى بعض الثغرات”.

ويقول إن مستثمري الائتمان يعرفون الآن الفرق بين مجموعات النفط ذات الجودة العالية والمنخفضة، لأن عائدات السندات – تتحرك عكسيا مع الأسعار – التي أصدرتها المجموعات منخفضة الجودة تظهر “ارتفاعا واضحا جدا”. وهناك سندات لبعض مجموعات النفط، مثل فينوكو القائمة في دينفر، يتم تداولها بمستويات منخفضة للغاية.

ويشعر مايكل كيمباليست، رئيس مجلس إدارة استراتيجية السوق والاستثمار في مجموعة استثمار الأصول التابعة لجيه بي مورجان، بالقلق من أن أسعار النفط المنخفضة قد تؤثر حتى في شركات الطاقة “ذات الدرجة الاستثمارية”.

ويقول إن شركات بتروباس، وبيتروتشاينا، وتوتال، وشل، وبريتش بتروليوم، كانت المقترض الأكبر في الأعوام الأخيرة، وأكثر قليلا من نصف شركات الطاقة العالمية المائة الكبرى كانت تولد أموالا تشغيلية أكثر مما تنفق على رأس المال.

وفي وول ستريت، المصرفيون المكلفون ببيع صفقات الطاقة إلى المستثمرين لا يزالون متفائلين في مواجهة انخفاض أسعار النفط. ويقول ألترمان، من بنك كريدي سويس: “لقد بعت صفقات عندما كان النفط 40 دولارا للبرميل فقط قبل ستة أعوام. وبينما لا يزال عند 70 دولارا اعتقد أنه بإمكاننا إنجاح الأمر”. ويضيف: “سيحتاج الناس إلى إجراء تعديلات على خطط أعمالهم التي كانت تستند على سعر 90 دولارا للبرميل، لكن هناك ما يكفي للقيام به”.

في أوديسا، جورج متفائل أيضا. يقول: “أنا لا أتوقع أن يكون هناك انهيار ضخم كما حدث سابقا في أوائل الثمانينيات”.