ناظم الكاكئي
يرى خبراء اقتصاد أن هناك أبعادا اقتصادية هامة وراء الزيارة التي قام بها أمس رئيس الوزراء التركي داود أوغلو للعراق وإقليم كردستان، ولا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العراق عامة والإقليم خاصة، بسبب النفقات الكبيرة للحرب على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.
الدكتور ريبر فتاح أستاذ الاقتصاد في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة دهوك أوضح للجزيرة نت أن زيارة أوغلو للعراق ثم للإقليم كانت تستهدف مناقشة الجانب الأمني والعسكري في العراق عامة والإقليم خصوصا، لأن العمليات العسكرية التي تحدث بالعراق وتدهور العلاقات بين الإقليم وبغداد ألحقت أضرارا بالاقتصاد التركي أيضا، الذي كان يعتمد على العراق وعلى الإقليم بشكل كبير في تصريف منتجاته.
فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا 12 مليار دولار العام الماضي، 8 مليارات منها كانت مع حكومة إقليم كردستان، الذي يتواجد فيه حوالي 1500 شركة تركية ويعمل فيها حوالي ألف عامل تركي.
توازن
وبيّن فتاح أن كلا من تركيا والعراق وإقليم كردستان الآن بحاجة إلى عقد اتفاق بينهم لإعادة توازن الحركة الاقتصادية في المنطقة، مبينا أن العراق بحاجة إلى أن يزيد عائداته النفطية، لذلك فإنه مجبر على الاتفاق مع حكومة الإقليم التي تسيطر على حقول النفط المتواجدة في مدينة كركوك، كما أن الإقليم أيضا بحاجة إلى تحسين علاقاته مع بغداد كي يخرج من الأزمة المالية التي وقع فيها منذ أشهر، بسبب قطع الموازنة ورواتب الموظفين عنه.
وبإمكان تركيا أن تقوم بدور الوسيط بين الإقليم والعراق ومحاولة إيجاد حل للمشاكل العالقة، ولا سيما المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الطرفان.
وتركيا لن تقوم بهذا الدور من دون أن تستفيد، وفائدتها تكمن في فتح سوقها التجاري على مستوى العراق من جديد وتوسيع حجم التبادل التجاري بينها وبين العراق لتصل إلى 20 مليار دولار سنويا.
تنازلات
من جهته أشار الاقتصادي كاوة عبد العزيز رئيس جمعية حماية المستهلك في دهوك إلى أن الظروف الاقتصادية المتردية التي يمر بها إقليم كردستان تدفعه إلى تقديم بعض التنازلات كي يتخلص من المشاكل التي تلاحقه، خاصة مشكلة رواتب الموظفين وميزانية الإقليم، التي توقفت بغداد عن صرفها منذ شهور.
وقال للجزيرة نت إنه بإمكان تركيا أن تقوم بدور هام في حل هذه المشاكل، ولا سيما أن أنبوب نفط الإقليم الذي يعد الشريان الوحيد الذي يمد الإقليم بالحياة يمر عبر تركيا إلى العالم.
تركيا أيضا كما أشار أوغلو تطمح إلى رفع حجم تبادلها التجاري، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تنشيط الحركة التجارية بين العراق وتركيا من جهة وبين تركيا وإقليم كردستان من جهة ثانية.
صفقات
ويرى عبد العزيز أن هذه الزيارة تخفي وراءها صفقات عديدة تسعى تركيا من خلالها إلى تقوية موقفها في المنطقة من الناحية الاقتصادية.
فهي ترى أن العراق قد ضعف في مواجهاته المستمرة مع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية، الذي سيطر على مساحات شاسعة من أراضيه، لذلك تسعى تركيا لعقد صفقات سياسية لتحقيق مصالح اقتصادية لها، وستكون هذه الصفقات على حساب تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيكون قربانا لتحقيق مصالحها هذه المرة.
وأشار إلى أن هذا الاستنتاج يأتي من خلال التصريحات التي أدلى بها أوغلو في أربيل، والذي شدد على ضرورة تعزيز التعاون بين الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد التي من شأنها إعادة الحياة بالتدريج إلى طبيعتها السابقة، وزيادة كميات النفط العراقية عبر الأنابيب التي تمر بالأراضي التركية في المستقبل.