IMLebanon

التسهيل الكمي على الأرجح لن يمنع الركود في منطقة اليورو

EuroDown2
جون بلندر

تراجعت العائدات في أسواق السندات السيادية في منطقة اليورو إلى مستويات بلغت درجة من الانخفاض جعلتها، في الواقع، توحي بالركود وبوادر انتقال الوضع الياباني إلى منطقة اليورو. في الوقت نفسه، العائدات على سندات الشركات في منطقة اليورو تبعت بشكل استعبادي انخفاضات عائدات السندات هذا العام، على الرغم من حقيقة أن الركود عادة ما ينطوي على زيادة خطر الائتمان، والمزيد من عجز الشركات، وانخفاض أسعار سندات الشركات، وارتفاع العائدات. كيف يمكن أن إعطاء تفسير منطقي لهذا التناقض الواضح؟

أحد التفسيرات قد يكون كما يلي: لأن كثيرا من مراقبي الأسواق يتوقعون أن يوسع البنك المركزي الأوروبي برنامجه لعمليات شراء السندات ليشمل سندات الشركات، أو حتى السندات السيادية، بالتالي يعتبر المستثمرون أن البنك المركزي الأوروبي على وشك أن يتحول إلى مشتري الملاذ الأخير بالنسبة للسندات المبالغ في تسعيرها. في تلك الحالة مخاطر الائتمان في قطاع الشركات لا تعود ذات صلة بالموضوع. قد نكون متحركين نحو عالم على غرار اليابان مؤلف من شركات شبه مفلسة تعتبر عاجزة عن السداد، لكنها تعيش على دعم دائم من البنك المركزي الأوروبي، وهو عام تنسى فيه المصارف انضباط مخاطر الائتمان. في هذا السيناريو، أسواق السندات السيادية والشركات تسير في تناغم. لكن من الممكن افتراض وجود قدر من التفكير المتطور في سلوك السوق على نحو يفوق الحد. هناك قصة أكثر ترجيحاً هي أن المستثمرين كانوا ببساطة يطاردون العائدات بغض النظر عن المخاطر، وإمكانية أن ينفذ البنك المركزي الأوروبي برنامج عمليات شراء سندات الشركات تأتي كمكافأة بمحض الصدفة. في أي حال، سيكون من غير الحكمة افتراض أن التوسع المقترح في الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي قد يعني بالضرورة الانتقال إلى برنامج تسهيل كمّي كامل على غرار برنامج الولايات المتحدة، أو أن بيان مجلس المحافظين “أنه متفق بالإجماع في التزامه باستخدام أدوات غير تقليدية إضافية ضمن صلاحياته” يعني تلقائياً عمليات شراء سندات الشركات.

في الواقع، مدى نجاح برامج عمليات شراء الأصول للبنك المركزي في المستقبل يبقى غير مؤكد. ومع أن ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، أشار إلى أنه قد يرغب في توسيع الميزانية العمومية بمقدار تريليون يورو، إلا أن أحدا لا يعرف بعد كيف سيتم تحقيق هذا الرقم. كذلك تبقى هناك أسئلة قانونية حول ما إذا كانت عمليات شراء سندات الشركات والسندات السيادية هي ضمن الصلاحيات. علينا ألا ننسى أن البنك المركزي الأوروبي هو على غرار البنك المركزي الألماني. وإذا شعر يينز فايدمان، رئيس البنك المركزي الألماني، أنه قادر على الاشتراك في البيان فيما يتعلق بعمليات شراء غير تقليدية إضافية، فلا بد أن يكون السبب في ذلك هو أنه لا يرغب، أو لا يتوقع أن تشتمل عمليات الشراء على أي شيء يمكن أن تكون له مضامين كبيرة محتملة في مجال المالية العامة – التي سأتحدث عنها بعد قليل.

بالقدر نفسه من الأهمية، برنامج التسهيل الكمي سيعمل بشكل مختلف في منطقة اليورو. في الولايات المتحدة تم تعزيز النمو من خلال تأثير الثروة الناتج عن الارتفاع في السندات والأسهم في آن معا. وفي منطقة اليورو تلعب أسواق السندات دوراً أصغر بكثير في الوساطة المالية. وإذا كان الارتفاع في أسواق الأسهم الأمريكية يرتبط بشكل وثيق مع التوسّع في الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي في ظل برنامج التسهيل الكمي، فإن مثل هذه العلاقة الواضحة لا توجد في أوروبا. معهد التمويل الدولي، وهو ناد للمصارف العالمية الرائدة، يشير إلى أن مؤشر يورو ستوكس خسر ما يقارب 20 في المائة، مع نمو الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي بنسبة 60 في المائة بين تموز (يوليو) 2011 ومنتصف عام 2012. ومنذ ذلك الحين ارتفع مؤشر البورصة 35 في المائة، في حين أن الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي تقلّصت بمقدار يزيد على تريليون يورو.

في الواقع منطقة اليورو لديها بالفعل تأثير ثروة، على أساس الامتداد من الولايات المتحدة: هناك علاقة وثيقة بين مؤشر يورو ستوكس ومؤشر ستاندرد آند بورز 500 أكثر مما هي مع البنك المركزي الأوروبي. إذن السؤال هو كيف من بين كل الاحتمالات يمكن لبرنامج التسهيل الكمي تحقيق التحفيز عندما تكون عائدات السندات منخفضة جداً والسندات قد ازدهرت في مواجهة اقتصاد منطقة اليورو الراكد، وكيف بالتحديد يمكن أن يعمل المزيد من تضخيم أسواق الأوراق المالية المستهدفة للبنك المركزي الأوروبي على تعزيز الإقراض؟

الاحتمال هو، كما يعتقد كثيرون في مجلس المحافظين في البنك المركزي الأوروبي، أن برنامج التسهيل الكمي ستكون له قوة محدودة وأنه لن يبقى الكثير في الخزانة النقدية. المفتاح لمعالجة نقص الطلب في منطقة اليورو يكمن في السياسة المالية العامة. بالطبع البنك المركزي الأوروبي بإمكانه أن يفعل شيئاً. فعمليات شراء الأصول شبيهة بالمالية العامة لدرجة أنها تعرّض دافعي الضرائب الأوروبيين إلى خطر خسارة رأس المال والعجز عن السداد. في مستويات العائدات المنخفضة تاريخياً اليوم، فإن الخسائر الرأسمالية تبدو بمثابة اليقين التام. هذا يعتبرا عنصرا أساسيا في الحجة الداعية إلى التشكك بشأن برنامج تسهيل كمي كامل. في النهاية، مشكلة منطقة اليورو سياسية. وحتى يتم دفع ألمانيا للنظر في سياسة أكثر توسعاً في المالية العامة، يبقى الركود أمرا لا مفر منه. إلا أن تحقيق ذلك قد يتطلب ركوداً، مع مستويات مرتفعة أكثر حتى من قبل في معدل البطالة في منطقة اليورو.