تبقى محاولات مصرف لبنان بتحفيز حركة التسليفات المدعومة للقطاعات، تستهدف موضوع تعويض النمو، ولو بمعدلات بسيطة عن طريق التسليف، نتيجة انعدام، أو تراجع، النشاط الاستثماري وحركة الاستثمارات الخارجية والعربية، التي كانت تساهم في تنشيط النمو خلال السنوات الماضية. ومع ذلك فإن القسم الأكبر من القروض تذهب باتجاه القطاع السكني (أكثر من 60 في المئة من القروض المدعومة من مصرف لبنان ذهبت كقروض سكنية، مقابل حوالي 15 أو 20 في المئة لقروض الطاقة والأمور الأخرى).
حسب الإحصاءات فإن عملية القروض من «المركزي» استهلكت خلال العام 2013 حوالي 2150 مليار ليرة، من أصل 2200 مليار ليرة، خصصها مصرف لبنان عن طريق المصارف لمختلف القطاعات، ذهبت بنسبتها الكبرى إلى القروض السكنية وتحديداً للمساكن المتوسطة والصغرى.
معروف أن مصرف لبنان يقدم هذه القروض بفائدة واحد في المئة على المصارف على أن تسلف للمؤسسات والأفراد بفائدة 5 أو 6 في المئة كحد أقصى، بعد احتساب كلفتها الإدارية ونسبة ربح مقبولة. وفي العام 2014 خصص مصرف لبنان حوالي 1200 مليار ليرة، وتم تحويل الرصيد الباقي عن العام 2013، فأصبح المبلغ حوالي 1600 مليار ليرة للعام 2014 تم تنفيذ قروضها، وبقي منها حوالي 300 مليار ليرة تدرس طلبات من المقترضين حالياً، يفترض أن تستهلك القيمة خلال ما تبقى من العام 2014 حسب تأكيدات الجهة المعنية في المصرف المركزي.
الكتلة الكبرى للسكن
المهم أن الكتلة الكبرى من القروض، تذهب إلى القطاع السكني والقروض السكنية، بنسبة 60 في المئة في العام 2014، وهي ستكون كذلك للعام 2015، حيث أعلن حاكم مصرف لبنان تخصيص مبلغ 1500 مليار ليرة للعام المقبل. وقد تخطى عدد القروض السكنية خلال العام الماضي 5 الآف قرض، وهو رقم قد يرتفع خلال العام 2015، هذا بالنسبة للقروض المدعومة.
بمعنى آخر أن مصرف لبنان قدّم خلال السنوات الثـــــلاث حتى العـــام 2015 حوالي 3 مليارات دولار لتحفيز النمو عن طريق التسليفات للقطاعات بهدف تحريك الاقتصاد، مع العلـــــم أن حوالي 20 في المئة فقـــــط من القـــــروض والتسليفات الأخــــرى تذهب إلى القطــــاعات الزراعية والصناعية وغيرها.
القروض المدعومة بالليرة
وطبيعي أن يكون البحث مركزاً على تحريك القطاعات والقروض، نتيجة تراجع المؤشرات والاستثمارات الخارجية. كذلك سيطر شبح نمو البطالة على لبنان كما في الدول العربية نتيجة تراجع نمو المؤسسات وفرص العمل.
وتفيد الإحصاءات أن القروض المدعومة الفوائد بالليرة، من قبل مصرف لبنان حتى نهاية أيلول 2014، بلغت ما مجموعه حوالي 8964.9 مليار ليرة، موزعة على حوالي 16445 مستفيداً من مؤسسات وقطاعات وأفراد موزعة على الشكل الآتي:
1- قروض القطاع الزراعي بلغ مجموعها حوالي 4607 قروض، قيمتها حوالي 967 مليار ليرة، منها حوالي 4297 قرضاً عن طريق مؤسسة كفالات قيمتها 537.5 مليار ليرة. ولم تلحظ أية قروض بنوع أو بطريقة «الليزينغ «أي الشراء عن طريق الإيجار.
2- بلغت قيمة القروض الصناعية حوالي 8868 قرضاً، قيمتها حوالي 5263.9 مليار ليرة. منها حوالي 5418 قرضاً عن طريق مؤسسة كفالات قيمتها حوالي 996 مليار ليرة. وبلغت قروض الليزينغ حوالي 369 قرضاً قيمتها 185.9 مليار ليرة.
3- القروض السياحية بلغت حوالي 2875 قرضاً قيمتها حوالي 2733.9 مليار ليرة. من هذه القروض حوالي 6 قروض عن طريق مؤسسة كفالات قيمتها حوالي 3.4 مليارات ليرة.
هذه القروض الإجمالية للقطاعات تشمل القروض المدعومة من قبل مصرف لبنان، خلال السنوات الأخيرة، والحوافز الاخيرة من القروض الفردية والسكنية التي شكلت القسم الأكبر من حوافز الـ 3 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
لبنان والتعامل مع مخاطر القروض المصرفية
تبقى إشارة إلى أن إجمالي القروض المصرفية للقطاعات الاقتصادية بلغت حتى الفصل الأخير من السنة 84 الف مليار ليرة، منها حوالي 14311.5 مليار ليرة بمتوسط قرض سكني قدره حوالي 144 مليون ليرة. وتشكل القروض السكنية وحدها حوالي ثلثي القروض الفردية من القطاع المصرفي، المدعومة وغير المدعومة، والبالغة حوالي 24.5 ألف مليار ليرة. بمعنى آخر أن القروض الفردية تشكل وحدها 29 في المئة من التسليفات، أكثر من 59 في المئة منها للقطاع السكني الصغير والمتوسط. هذا مع العلم أن القطاع المصرفي ومصرف لبنان يعملان على التقليل من المخاطر تلافياً للوقوع في الأزمة المالية، التي ظهرت في الخارج من خــــلال الشروط والضمانات المأخوذة على مجمل القروض. أما الديون المشكوك في تحصيلها في لبنان، فهي تقدر بحوالي 3.8 مليارات دولار، قياساً إلى التسليفات البالغة حوالي 50 مليار دولار للقطاع الخاص ومختلف النشاطات الفردية والسكنية في لبنان.
وفي آخر الإحصاءات، فإن نسبة التسليفات إلى الودائع تشكل 35.15 في المئة، والتسليفات بالدولار تشكيل 40.46 في المئة وباللبناني 24.9 في المئة. ومن الخطوات المنفذة في لبنان والمعمول بها:
ـ يفرض البنك المركزي احتياطياً على الودائع لأجل بنسبة 15 في المئة و25 في المئة للودائع تحت الطلب.
ـ هناك حوالي 35.39 في المئة من موجودات المصارف ودائع واحتياطات لدى مصرف لبنان.
ـ كذلك هناك 29.3 في المئة تسليفات للقطاع الخاص موزعة على حوالي 140 قطاعاً اقتصادياً وعلى حوالي 700 ألف مستند.
ـ أهمية الأمر تكمن في مراقبة التركز أو التمركز المعتمدة من قبل المصرف والمصرف المركزي:
ـ ممنوع لمجموعة مصرفية أن تسلف أكثر من 20 في المئة من أموالها الخاصة.
ـ يمنع تمويل المشاريع العقارية بأكثر من 65 في المئة من قيمتها الحقيقية.
ـ القروض السكنية سقف تمويلها 75 في المئة من قيمة المسكن (بما يعني أن المقترض يحمل 25 في المئة من قيمة العقار.
ـ الســــيارات، يمنــــع التمويـــــل بأكثــــــر من 75 في المئة من قيمــــة السيارة.
ـ الاقتطاع يجب أن لا يتخطى 45 في المئة من الدخل العائلي.
وهذه الأمور تأتي لمنع تثقيل المديونية على العائلات. من خلال تزايد التسليفات السكنية وقروض الأفراد.
ـ الأساس هنا هو في مراقبة التمركز والتركّز بالتسليف تلافياً للمخاطر المالية التي وقعت بها دول أخرى وتسببت في الأزمة المالية.
ـ مع فرض سيولة على المصارف بالاحتياطات بتوفير 25 في المئة بالليرة و25 في المئة بالدولار لكي تمكن البنوك من مواجهة الضغوط في حال حصولها.
في المحصلة فإن تدابير مصرف لبنان بتسهيلات التسليف تهدف إلى محاولة تحقيق نمو اقتصادي بنسبة بين 1.5 و1.8 في المئة، في ظل تراجع مثلث النمو الاقتصادي المتمثل بالصادرات الصناعية والزراعية، التي تراجعت أكثر من 30 في المئة، وكذلك ضرب الاستثمارات التي انكفأت عن لبنان، نتيجة تدهور ظروف المنطقة. وكذلك ضرب القطاع السياحي وغياب السياح العرب، حيث تقوم السياحة حالياً على نشاط لبناني. بمعنى آخر يمنع تمويل أي مشروع بنسبة 100 في المئة من قيمته.