Site icon IMLebanon

أوبك: اجتماع الخميس الأصعب منذ سنوات بضغط من تدهور الأسعار

opec
تعقد منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) الخميس في فيينا اهم اجتماع لها منذ سنوات، تحت ضغط تدهور اسعار البترول الذي يذكي الانقسامات داخل الكارتل بين مؤيدين لخفض الانتاج ومدافعين عن ابقائه بوضعه الراهن. وتضم (اوبك) اثني عشر بلدا تنتج نحو ثلث النفط الخام المستخرج في العالم وتسعى الى التأثير على اسعار الذهب الاسود من خلال تنسيق انتاجها.

وتهدف اوبك التي تأسست في 1960 وتتخذ مقرا لها في فيينا منذ العام 1965، رسميا الى «تنسيق وتوحيد السياسات النفطية بين الدول الاعضاء لضمان اسعار منصفة ومستقرة لمنتجي النفط وامدادا موثوقا ومنتظما وبـ(اسعار) معقولة للبلدان المستهلكة»، وسلاحها الرئيسي للتأثير على السوق النفطية هو سقف الانتاج، الذي يمكن تعديله نحو الارتفاع او الانخفاض تبعا لمعادلة العرض والطلب العالمي. ومنذ العام 1982 يتوزع هذا السقف الانتاجي بين مختلف اعضاء الكارتل النفطي ضمن منظومة حصص يتفاوت التقيد بها عموما.. لكن منذ نهاية 2011 تخلت اوبك عن منظومة الحصص الافرادية للدول مفضلة الاستناد الى الانضباط الذاتي لدولها من اجل التوصل الى احترام الهدف الجماعي.

ويحدد السقف الانتاجي الجماعي بـ30 مليون برميل يوميا منذ ثلاث سنوات، لكن اوبك تتجاوزها في الواقع مع انتاج يقدر بـ30,3 مليون برميل يوميا بحسب ما نقلت بعض المصادر عن المنظمة، و30,6 مليون برميل في اليوم بحسب وكالة الطاقة الدولية.

وتملك الدول المنتجة الرئيسية في اوبك خاصة اكبرها السعودية قدرات انتاجية غير مستغلة بامكانها استخدامها بسرعة لزيادة الامدادات خاصة في حال ازمات جيوسياسية، وتعتبر مصدرا آخر يؤثر كثيرا على اسعار الخام.

وتجتمع اوبك مبدئيا مرتين على الاقل في السنة. ومنذ 2007 يتولى وزير النفط الليبي السابق عبد الله سالم البدري منصب امينها العام الذي جدد له مرات عديدة في غياب الاجماع على خلف له.

وفيما كانت تبدو مستقرة منذ ثلاث سنوات حول مئة دولار للبرميل، رغم الاضطرابات الجيوسياسية، تدهورت اسعار الخام بشكل متواصل تقريبا منذ منتصف حزيران، تحت تأثير ازدهار استخراج النفط الصخري (الشيست) في الولايات المتحدة وايضا تباطؤ النمو العالمي.

وهكذا انخفض سعر برميل نفط البرنت في لندن، الذي يعتبر مرجعيا للسوق النفطية، الى 77,92 دولارا في 13 تشرين الثاني، اي بنسبة تراجع بلغت 32 في المئة في خلال خمسة اشهر.

واذا بقيت مستويات الانتاج المعد للاستهلاك مرتفعة (خاصة في فرنسا حيث تخفي الضرائب جزئيا التدهور)، سيكون اكبر تراجع مسجل في القطاع منذ ازمة 2008 عندما انهارت اسعار النفط بعد مستويات قياسية تاريخية قاربت 150 دولارا للبرميل.

وهذا ما يؤدي الى توتر المناقشات بين وزراء الدول الاثنتي عشرة الاعضاء في اوبك الذين سيلتقون في العاصمة النمساوية لاعادة النظر في سقف الانتاج الجماعي المجمد منذ ثلاث سنوات على 30 مليون برميل في اليوم، اي نحو ثلث النفط الخام المستخرج يوميا في العالم.

فهذا التدهور يؤثر كثيرا على عائدات الميزانية في الدول الاعضاء، ويضغط البعض علنا على الكارتل للتحرك من خلال خفض الانتاج على امل استقرار اسعار الخام او حتى رفعها. وذلك بدءا من فنزويلا التي تواجه وضعا ماليا هشا وتعتمد بالتالي بشكل كبير على العائدات النفطية. ففي خطاب متشائم تحدث الرئيس نيكولاس مادورو الاثنين عن عقد «اجتماع خاص للدول الاعضاء وغير الاعضاء في اوبك في وقت قريب جدا، بغية اتخاذ قرارات لصالح النفط واسعار النفط».

كذلك يقوم وزير النفط الايراني بيجان نمدار زنقانة بحملة لاتخاذ تدابير لوقف هذه الحركة. ولخص الوضع قائلا بعد لقاء مع وزير الخارجية الفنزويلي رافايل راميريز انه من الصعب العودة الى الاسعار السابقة، لكن ينبغي السعي الى تحسين الاسعار بقدر الامكان مع الاخذ بالحسبان الوضع الجديد في السوق».

ومن خارج اوبك اعلنت روسيا التي تعتبر من ابرز الدول المصدرة للنفط انها تعمل على امكانية خفض انتاجها.

لكن السعودية التي تعتبر اكبر عضو في اوبك وتؤمن لوحدها ثلث الانتاج ودعت في السنوات الاخيرة الى الابقاء على الوضع القائم، لم تبد اهتماما بهذا القلق.

حتى ان عددا من المراقبين يشكون بانها تشجع في الخفاء تدهور الاسعار من خلال خفض جزئي لاسعار تصدير انتاجه بغية اعاقة الانتاج الاميركي للذهب الاسود الذي يتطلب اسعارا اكثر ارتفاعا ليكون مربحا. ويرى اخرون في ذلك دليل «حرب على حصص الاسواق» يخوضها اعضاء اوبك في الكواليس.

وهي مناورات انكرها الوزير السعودي علي النعيمي الذي يحظى بنفوذ. فبعد اشهر من الصمت رفض مؤخرا نظرية «حرب الاسعار» النفطية واعتبر «ان الحديث عن حرب اسعار علامة على سوء فهم مقصود او غير ذلك، ولا اساس له من الواقع». واكد ان «السياسة النفطية للسعودية مستقرة منذ عقود ولا تتغير اليوم، وإن المملكة تفعل ما في وسعها مع المنتجين الآخرين لضمان استقرار الأسعار. وقال النعيمي مؤخرا «الحديث عن حرب أسعار علامة على سوء فهم مقصود أو غير ذلك، ولا أساس له من الواقع». لكنه لم يوضح بدقة الموقف الذي ستتبناه السعودية في فيينا.

وفي اطار هذه الظروف فان مناخ الغموض هو سيد الموقف قبل اجتماع الخميس. والمسألة تكمن في معرفة ما اذا كانت السعودية ستستجيب ام لا للدعوات الى خفض الحصة الانتاجية.

والتوقعات مفتوحة على كل الاتجاهات وان كان الابقاء على الوضع الراهن يبدو الاكثر ترجيحا. وقد توقع محمد سرور الصبان الذي كان مستشارا في وزارة البترول السعودية حتى العام 2013 تثبيت السقف الحالي، مع الاقرار بان هذا الاجتماع سيكون «الاصعب» منذ زمن طويل بالنسبة لاوبك.

وحتى ان خفضت اوبك حصتها الانتاجية «فمن غير المؤكد ان انتاجها سينخفض فعلا» نظرا الى عدم التقيد غالبا بالسقف المحدد، كما قال تيم بوغ من مكتب كابيتال ايكونوميكس.

ويرى المحللون في كومرزبنك «ان الحد الادنى من الاجماع الاكثر ترجيحا اثناء الاجتماع هو التزام (الاعضاء) باحترام افضل للسقف المحدد بـ30 مليون برميل في اليوم»