Site icon IMLebanon

الأسواق المتنوعة تخصص رأس المال بصورة أكثر كفاءة وبدون فقاعات

STOCKS-USA

جون أوثرز

أجد لزاما علي أن أبدأ هذا المقال بإخلاء المسؤولية. أنا ذكر وأبيض. وليس في هذا مفاجأة لأحد. وليس السبب في ذلك هو أن صورتي تجعل نوعي وخلفيتي الإثنية واضحة للغاية. فالتمويل والمجالات المحيطة به، مثل الصحافة المالية، تظل ناديا للذكور البيض إلى درجة مذهلة.

هناك حجج وافرة تدل على أن هذا ليس من الإنصاف إلى جانب حجج أخرى ضد التدخل. لكن هذا النقاش المهم يتجاوز نطاق ما سأتحدث عنه اليوم. الفكرة هي أنه إذا أراد المستثمرون الحصول على نواتج أفضل، فسيكونون أفضل حالا لو أن تخصيص رأس المال يتم على أيدي فرق متنوعة. ولا يقتصر الموضوع على الذكور البيض. حين تهيمن أية خلفية عرقية على فريق أو سوق، يغلب عليها أن تتخذ قرارات أسوأ.

منذ فترة طويلة أثبت المختصون في علم النفس السلوكي أن الأسواق تميل إلى سلوك القطيع والتفكير الجماعي. ومن المنطقي أن الفريق المتجانس سيكون أكثر ميلا إلى الوقوع في هذه المشاكل. الآن تم إثبات مفعول هذه الظاهرة بصورة مذهلة في تجارب أكاديمية جرت في أماكن متباعدة مثل تكساس وسنغافورة.

أجرى فريق من الأكاديميين مجموعة من عمليات محاكاة التداول في المنطقتين. الأرقام المتوافرة للمتداولين مكَّنتهم من الحصول على فهم دقيق لكيفية قيامهم بتسعيرها. كان جميع المتداولين في السوق من المجموعة العرقية المهيمنة في تلك المنطقة، في حين كانت الأسواق الأخرى تتألف من مجموعات عرقية مختلفة. وكان في إمكان المتداولين أن يروا المتداولين الآخرين، أثناء عملية الفحص من أجل ضمان أن لديهم معرفة ومهارة مشابهة.

النتيجة التي تم التوصل إليها هي في سوق متنوعة، كان المتداولون يدققون سلوك المتداولين الآخرين أكثر من قبل، وكانوا أقل ميلا لافتراض أن الأسعار معقولة. وفي الأسواق المتجانسة يثق المتداولون بغيرهم.

وبحسب إيفان أبفلباوم، الأستاذ في معهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا، وأحد مؤلفي التقرير “لا يدور الموضوع حول أن التنوع يعزز الأداء، وإنما حول الكيفية التي يعمل بها التجانس على إفشال الأداء أو الإضرار به. الأمر يدور حول أن تجعل الناس البيض يقومون بعمل أفضل”.

كان تأثير هذه الظاهرة مذهلا. كانت دقة التسعير أعلى بنسبة 58 في المائة في الأسواق المتنوعة، وكانت هذه الفجوة متناسقة في تكساس وسنغافورة. وكانت الأسعار أدنى في الأسواق المتنوعة، وبدون فقاعات. وكان المتداولون يقعون في عدد أكبر من أخطاء التسعير حين يكونون محاطين بزملائهم من الخلفية العرقية نفسها. باختصار، التجانس جعلهم يفْرِطون في الثقة.

هذا الأمر مهم، لأن الإفراط في الثقة هو العامل الأساسي في تكوين الفقاعات. فهي تتشكل حين يتغلب الجشع على الخوف، وهو ما يؤدي إلى الإفراط في الثقة. ويؤدي هذا إلى مزيد من الجدال حول النوع، أي الفرق بين الرجل والمرأة. وتتصرف جماعات الرجال بصورة مختلفة وأكثر مسؤولية، حين تكون النساء بينهم. ومن المفترض أن تثمر إضافة النساء منفعة مشابهة من حيث التنوع.

لكن الصفات الأنثوية المحددة تجعل هذا الأمر أكثر أهمية. فالنساء أقل عرضة من الرجال بكثير للمعاناة من الإفراط في الثقة. ويغلب عليهن أن يكنَّ أكثر عزوفا عن المخاطر.

أجريت أبحاث في 16 بلدا، بقيادة سوزان دنكان، من مؤسسة ستيت ستريت، ووجدت أن هناك نوعا مرَضيا من الإفراط في الثقة، حيث ادعى 69 في المائة من المستثمرين أن هذا موجود لديهم بنسبة فوق المتوسط. ويغلب على الرجال أن يفسروا النجاحات بدلالة مهاراتهم الخاصة، وفي الوقت نفسه إلقاء اللوم على الآخرين أو على الأحداث الخارجية. وكان لدى النساء ميل معاكس تماما لذلك.

بالتالي ليس من قبيل المفاجأة أن كثيرا من الدراسات تبين تفوق أداء المستثمرات على أداء المستثمرين. وهذا يجعل الحضور النسائي الضئيل في إدارة الاستثمارات مشينا إلى حد كبير. ويتبين من تقرير لبنك باركليز أن صناديق التحوط التي تديرها النساء والأقليات حققت في السنوات الخمس المنتهية في آذار (مارس) 2011، عائدات بنسبة 82.4 في المائة، في حين أن الصناديق غير المتنوعة حققت عوائد أدنى بكثير، بنسبة 51 في المائة. وقد تم تحقيق ذلك بقدر أقل بكثير من التقلب، وبعمليات سحب أصغر بكثير في أزمة عام 2008. مع ذلك، من بين جميع صناديق التحوط، كانت نسبة الصناديق التي تديرها النساء أو الأقليات 3.3 في المائة فقط.

بصرف النظر عن الرأي الشخصي حول السياسة الاجتماعية، هناك حاجة ماسة إلى المزيد من التنوع في الأسواق. الفرق المتنوعة تحقق نتائج أفضل، والأسواق المتنوعة تخصص رأس المال بصورة أكثر كفاءة، وبدون فقاعات.

لا ينطوي هذا على أي نوع من الظلم للرجال البيض، دعونا نستخدم قياسا يحبذه زملائي من الرجال البيض، وهو القياس بلعبتي البيزبول والكريكيت. في اللعبتين، من المفيد أن يكون لديك لاعبون يستخدمون أيديهم اليمني وآخرون يستخدمون أيديهم اليسرى. إذا كان كل اللاعبين في حركة معينة من الذين يستخدمون يدهم اليمنى، فإن الفريق سيأتي بصاحب اليد اليسرى ويفضله على لاعب اليد اليمنى حتى ولو كان أفضل منه قليلا. وهذا أفضل من حيث النتائج المحتملة للفريق. حتى صاحب اليد اليمنى غير المحظوظ لا يستطيع الشكوى من أنه مظلوم بسبب ذلك.

تنطبق هذه الحجج نفسها على حقن التنوع العرقي والمزيد من النساء في الفرق الاستثمارية، خصوصا من حيث ضمان أن الفرق لا تقع ضحية للإفراط في الثقة الذي يشتهر به الذكور. سينتفع الجميع من صناعة استثمارية أقل خضوعا لهيمنة الرجال البيض.