عماد عبد الهادي
كشف محافظ البنك المركزي السوداني عبد الرحمن حسن عبد الرحمن عن تعثر عدد من البنوك السودانية بما يهدد بانهيارها, في وقت ربط فيه خبراء اقتصاديون بين تدهور أوضاعها والسياسات المالية غير المستقرة التي تعتمدها الحكومة ممثلة في البنك المركزي نفسه.
وأشاروا إلى ما أسموها التجاوزات الإجرائية لنافذين مع كافة المصارف المحلية، مشيرين إلى أن أكثر من 70% من التمويل البنكي يتمركز عند فئة قليلة من رجال -لا يتجاوز عددهم ثلاثمائة عنصر- مقربين من الحكومة.
وأكدوا عدم وجود تناسب بين التمويلات الممنوحة للولايات وفق أنشطتها الاقتصادية وسكانها، لافتين إلى أن نحو 75% من التمويل المصرفي لا يخرج عن ولاية الخرطوم.
وأعلن محافظ البنك في بيان له أمام نواب البرلمان الأسبوع الماضي -وهو نهج مستحدث يتيح لمحافظ المركزي المثول أمام البرلمان- أن سياسات الإصلاح الاقتصادي التي طبقت في سبتمبر/أيلول 2013 ساعدت على تقليل عجز الموازنة “لكنها أدت في المقابل إلى ارتفاع الأسعار وتضرر المواطنين”.
وكشف عن وجود أربعة من البنوك العاملة -من بين 37 بنكا- باتت على حافة الانهيار، مشيرا إلى انخفاض أرباح جميع البنوك العام الماضي بنسبة 1.2%.
سوق رأس المال
وقال عبد الرحمن إن السياسة العامة للمركزي تعمل على تطوير سوق رأس المال للمساعدة في تحقيق الأهداف القومية للاقتصاد الكلي، وإعادة التوازن الداخلي والخارجي للاقتصاد السوداني، وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
لكن مدير بنك الرواد حامد الأمين ربط بين الأزمة التي تعيشها البنوك السودانية وبين ضعف رؤوس أموالها، ومشاكل سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الحرة الأخرى، والحظر الاقتصادي الأميركي على البلاد، وضعف الإنتاج المحلي، بجانب ضعف دراسات جدوى المشاريع المقدمة للتمويل.
وأكد الأمين للجزيرة نت أن غالب النشاط التجاري والاستثماري يعمل خارج النظام المصرفي. كما أن كثيرا من الجهات الحكومية غير ملتزمة بسداد التمويل “مع أنها تركز العمل مع بنوك بعينها”.
ويعتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين عصام عبد الوهاب بوب أن ما أكده محافظ المركزي أمام البرلمان يدعم ما خلصت إليه الدراسات “أن الجهاز المصرفي بات يواجه الانهيار بعد تجفيفه”.
واستبعد -في حديث للجزيرة نت- أي أمل للإصلاح تحت السياسة الإدارية القائمة، معتبرا أن تقديم تقرير للبرلمان “بهذه الكيفية قصد منه التمويه لأجل دعم الجهاز المصرفي وزيادة الضرائب”.
سياسات مالية
ونبه الأكاديمي السوداني إلى أنه سبق لاتحاد عام أصحاب العمل الشكوى من عدم استقرار السياسات المالية للمركزي بما يعرض البنوك لخسائر مالية كبيرة, مشيرا إلى قرار سابق للمركزي حظر بموجبه على البنوك تمويل العقارات والسيارات.
ودعا بوب محافظ المركزي إلى بذل مزيد من المساعي لخفض التعثر إلى نسبة 6%, مع محاولات للحد من التضخم وخفضه إلى نسبة 20.9%. وقال أيضا إن تراكم ديون السودان الخارجية حرمه من الاستفادة من فرص التمويل الخارجي الميسر.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي التجاني الطيب أن مشكلة البنوك السودانية “تكمن في أن حجم البنوك أكبر مما يتطلبه الاقتصاد بالسودان الذي يعاني حالة ركود نادرة” مشيرا إلى أن تكلفة البنوك السودانية “أعلى منها في كافة البنوك العالمية”.
ويعتقد أن سوء الإدارة وعدم الرقابة على البنوك وتضارب المصالح “دفع البنوك للدخول في عمليات خارج إطار عملها”.
ويقول كذلك إن التدخل في السياسات البنكية الصحيحة “أربك ويربك كافة التعاملات الكبيرة للبنوك” مشيرا إلى توزيع موارد البنوك إلى قطاعات غير إنتاجية.