اشارت الاوساط لصحيفة «الراي» الكويتية الى ان فتح ملفات الفساد داخل الدولة ومؤسساتها ووزاراتها لا يبدو وارداً مع حكومة تحمل مواصفات رئيس الجمهورية بالوكالة في مرحلة الفراغ الرئاسي المرشح لان يطول كثيراً. وكانت خلافات متفاقمة حول ملفات حيوية اساسية، منها ملف التنقيب عن الغاز والنفط مثلاً، هددت بتقييد كامل للحكومة في وقت بدأت معارك وزارية – وزارية تنذر بافتضاح لعبة الصراع على المكاسب وانفجار آفة الفساد الرسمي على الغارب. غير ان النمط الهادئ لرئيس الحكومة تمام سلام في احتواء الصدمات وكذلك حسابات القوى السياسية في منع سقوط التجربة الحكومية الحالية حال دون هذا الاحتمال فيما بدأت الحاجة تتصاعد الى صدمة ما في ما يعني أزمات الناس الاجتماعية المتفاقمة.
وتدرج تلك الاوساط الحملة الغذائية في الإطار الذي يمنح الحكومة هامشاً واسعاً من التنفس ويمدها بقدرة اضافية على الاستمرار مسقطاً عنها طابع حكومة تعمل بنصف انتاجيتها باعتراف رئيسها نفسه. وهو الامر الذي تلقفه فريق وزير الصحة وائل ابو فاعور (اي فريق الزعيم الدرزي وليد جنبلاط) وقطف ثماره اول الامر ليتحول لاحقاً سياسة حكومية عامة قد تكون مرشحة للاتساع نحو قطاعات اخرى.
ولا تخفي الاوساط عنها أن اتجاهات الحملات الوزارية الجارية تحت عناوين اجتماعية وصحية واقتصادية تبدو شديدة الحذر، اذ تركز على الجوانب المتعلقة بشؤون المواطن والتي تشغل الرأي العام فعلاً ولكنها ليست مرشحة ابداً للتوغل في مسالك من شأنها ان تفتح ملفات اكبر وأخطر داخل الهيكل الحكومي نظراً الى ما يمكن ان ينجم عنه من تعريض الحكومة للاهتزازات غير المحسوبة.
وتنطلق الاوساط السياسية من هذه الزاوية لتشدد على ان المشهد الطالع في لبنان ذاهب نحو تكريس ستاتيكو سياسي يستبعد ان يكون فيه تغييرات وشيكة. واذ تتركز الأنظار اليوم على مسعى اطلاق حوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» في وقت غير بعيد، فان الحذر الواسع حيال هذا المسعى لا يغيب عن ترقب القوى السياسية للمؤشرات الاولية لهذه الخطوة. وفي انتظار ما سوف يعلنه الرئيس سعد الحريري مساء غد في شأن هذا الحوار عبر مقابلة تلفزيونية من باريس، تقول الاوساط نفسها ان ثمة هامشاً ضيقاً جداً حتى الان في التعويل على هذا الحوار اذا ما قيست ظروفه بالحسابات الاقليمية التي تمنع في شكل واضح ترقب ادراج موضوع تورط «حزب الله» في الحرب السورية على جدول اعمال الحوار، وما لم يكن هذا الملف المتوهج على طاولة الحوار فأي جدوى منه؟ ثم ان الدفع نحو حصر الحوار بالأزمة الرئاسية بدأ يثير حساسيات واضحة لدى كثيرين من حلفاء «تيار المستقبل» و«حزب الله» في آن واحد لانه يعكس إيحاءات بالعمل على صفقة ثنائية ومحاولة فرضها على الاخرين. وحتى لو كان انطباعاً مماثلاً مبالغاً فيه، فان ثمة مؤشرات بدأت ترتسم وتحمل طابع الشك في نجاح المسعى الحواري.
وتعتقد الاوساط نفسها انه سيتعين على الجهات المعنية بمشروع الحوار ان تواجه هذه الشكوك المسبقة بنوع جديد من المعطيات، في حال وجدت، او ادراج الحوار المزمع عقده في اطار واقعي وشفاف لا تتضخم معه الرهانات عليه لئلا يتأثر الواقع الحكومي والسياسي لاحقاً بنتائجه في حال لم تؤد الى نتائج خارقة.