عقدَت نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، بالتعاون مع البنك الدولي، مؤتمرها العلمي الدولي التاسع عشر بعنوان “تأثير التكامل في التدقيق على الأعمال” في فندق فينيسيا، برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ممثلاً بوزير المال علي حسن خليل، وبحضور حوالي 750 شخصية رسمية وعلمية ومالية واقتصادية.
صبح
ألقى الأمين العام للمؤتمر يوسف صبح كلمة، أشارَ فيها الى أنَّ “التكامل قوام بناء المجتمعات من أجل الإنسان الذي سخر له المال والأعمال والإقتصاد والخيرات”، لافتاً الى أنَّ “التكامل في التدقيق مفهوم ومنهجية، والمفهوم تطبيق، والتطبيق خطة وطريق توصل إلى تحقيق الهدف، والهدف يرمي إلى المساهمة في المحاسبة والرقابة والحفاظ على المال الخاص والعام، وهو حق الفرد والمؤسسة والمجتمع”.
وأضاف: “نحن في التدقيق نتحمل مسؤوليتنا، لكنَّ التدقيق يبقى ناقصاً قاصراً عن تحقيق أهدافه الكلية ما لم تكتمل حلقة عناصره بالتكامل بين مختلف الجهات الرقابية”، وتابعَ: “هذا نتيجة تطورات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات والمواصلات المتسارعة في مفاهيم وأساليب وأدوات الإنتاج والخدمات ونظم المعلومات والهياكل التنظيمية الجديدة وتعدد الشركات والأعمال العابرة للبلدان”.
ودعا “الأطراف المعنية بالمال والأعمال، بالإقتصاد الوطني أو الإقتصاد الخاص، خبراء في المحاسبة أم أصحاب قرار، في لبنان والعالم، الواعون لأهمية التكامل في التدقيق وتأثيره الإيجابي الهام على الأعمال، الى تحقيق تكامل فعلي لا شكلي في التدقيق بين مختلف الجهات المعنية بأعمال التدقيق”.
بوراوي
ثم عرضَ ممثل الإتحاد الدولي للمحاسبين جليل بوراوي في كلمته لنشاط ودور الاتحاد على الصعيد الدولي لجهة الرقابة وبرامج المراجعة وتدقيق الحاسبات.
قطيش
بعدَ ذلك، ألقت ممثلة البنك الدولي ريما قطيش كلمة حدّدت فيها “دور البنك على صعيد المشاريع المشتركة التي يقوم بها في لبنان وبرامج التعاون التي ينفذها مع الهيئات الاقتصادية والمالية”. وركزت على “أهمية الرقابة والتدقيق المحاسبي، وما يمكن للبنك الدولي تقديمه على مختلف الصعد”.
وقالت: ” النقابة تبذلُ جهوداً هائلة لدفع الإصلاحات المحاسبية في البلاد الى الأمام، بما تعكسها عدد من الإنجازات التي حصلت أخيراً، لا سيما في الأشهر الاخيرة”.
وأكّدت “أنَّ البنك الدولي على استعداد دائم للتعاون في نشاطات التنمية والتطوير التي تزيد التوعية والاطلاع على تطورات التقارير المالية للشركات في لبنان والمنطقة”. وقالت: “إنَّ أهدافنا الاستراتيجية في هذا المجال تؤكد:
– رفع مستوى الوعي في مجال التقارير المالية للشركات، وبالتالي دورها في زيادة الشفافية التي تمثل أساساً لتحديد جيوب الفقر، والحد من هذه الظاهرة وتحقيق الإزدهار المشترك، بالاضافة الى زيادة المساءلة وآثارها الايجابية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
-تعزيز الأطر القانونية والتشريعية والمؤسسات الحكومية الداعمة لتطوير التقارير المالية للشركات.
– تعزيز قدرات هيئات المحاسبة الوطنية والإقليمية.
-تعزيزالثقافة المحاسبية والمساهمة في بناء قدرات الجامعات والمؤسسات التعليمية في المنطقة في مجال التقارير المالية للشركات.
-تحسين تنوع المشاركة في التقارير المالية للشركات لتمكين المنطقة من مواجهة التحديات الرئيسية التي تواجهها في مجالات النمو،الوظائف، ايصال الصوت، المساواة والحوكمة.
عبود
من جهته، ألقى نقيب خبراء المحاسبة المجازين في لبنان عبود كلمة قال خلالها إنَّ التحدي يكمن في أمور عدة: “أن يكون مؤتمراً علمياً يليق بنقابتنا من حيث المضمون والمحاور والمستوى المهني، فكان العنوان “تأثير التكامل في التدقيق على الأعمال، بأن يجمع كلّ الهيئات الرقابية المحلية، أن يكون طابعه دولياً لناحية مشاركة الهيئات المهنية الدولية، فكان التنظيم بالتعاون مع البنك الدولي ومشاركة محاضرين من هيئات مهنية دولية أهمها الإتحاد الدولي للمحاسبين (IFAC) والذي تنتمي إليه نقابتنا والـ ISAR، والـPIOB، والـIMA، والـACCACNCC وغيرها وهيئات عربية عالية الشأن في مضمارنا تتمثل في اتحاد المحاسبين والمراجعين العرب، والنقباء والوفود والزملاء الأشقاء من الدول العربية كمصر، ودولة قطر، والكويت، وتونس وسوريا والعراق والاردن وفلسطين”، مشيراً إلى أنَّ “إصرارنا على تنظيم هذا المؤتمر بمستوى يليق بنا كمهنيين لبنانيين لهو جزء من كل، جزء من برنامج مجلس النقابة وهو برنامج مهني وطني ذو رؤيا واضحة للنهوض بالنقابة وتطوير مستوى المهنة نظرا لدورها الهام في الإقتصاد الوطني لناحية الشفافية المالية والضريبية والتدقيق في البيانات المالية في القطاعين الخاص والعام ورفع مستوى التقارير والبيانات المالية”.
وأكد أن “الجهود المبذولة في سبيل إنجاح هذا البرنامج بدأت تثمر، إذ تحوّل البرنامج بحد ذاته إلى خارطة طريق نعمل في المجلس من خلالها متكاتفين ومتعاضدين مع الجمعية العمومية للوصول الى إنجاح محطاتها كافة، بحيث تحول البرنامج إلى ورش مهنية مشحونة بعوامل التجدد والتطوير وأهمها:
– تعزيز العلاقات المهنية مع هيئات دولية مهنية رائدة، وأقصد بذلك النتائج الايجابية لإتفاقات التعاون والشراكة المهنية التي تم توقيعها في بيروت خلال تموز من السنة الجارية بين النقابة من جهة، وهيئة المحاسبين المجازين القانونيين في بريطانيا ACCA)) وهيئة المحاسبين الاداريين (IMA) من جهة أخرى، والتي بموجبها بدأ التدريب التابع للنقابة والذي تجسد بتقديم برامج شهادات مهنية متطورة كـ”ديبلوم في معايير التقارير المالية الدوليةDIPIFR” وشهادة في معايير التدقيق، وشهادة في علوم المحاسبة الادارية
– وقد عقدت النقابة بسياق مشاركتنا في المؤتمر الدولي للمحاسبين في روما اجتماعاً مع رئيس هيئة المحاسبين المجازين القانونيين في بريطانيا ACCA إذ تم البحث في توسيع نطاق اتفاق التعاون في مجالات عدة، أهمها استعداد الهيئة لتقديم المساعدة المهنية لوزارة المال اللبنانية بخصوص إعداد حسابات الخزينة العامة بناء على قواعد المحاسبة الدولية للقطاع العامIPSAS والمطبقة في البلدان المتطورة، ولناحية تزويد لبنان، من خلال معهد التدريب التابع للنقابة ومعهد باسل فليحان المالي والإقتصادي التابع لوزارة المال، برامج تدريب مهنية متطورة وإعطاء المشاركين شهادات متخصصة.
– وبما أن عمل الخبير يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمختلف الهيئات المهنية في لبنان، أكان ذلك في القطاع العام أو في القطاع الخاص، بدأنا العمل على تعزيز هذا التعاون مع مختلف الهيئات الرقابية.
– بعدما إنتهينا من “إعداد دليل وملف التدقيق”، إذ سنبدأ بعقد دورات تدريب متخصصة لمدة سنة في بداية 2015 لأعضاء النقابة، أعلن باسم مجلس النقابة بدء تطبيق برنامج الرقابة النوعية ومراجعة النظير خلال الفصل الرابع من 2015 للتأكد من ضمان أهلية أعضاء النقابة المهنية وتنفيذهم أعمال التدقيق التي يقومون بها على أكمل وجه ووفقا للأنظمة والمعايير التي تتحكم ببرامج التدقيق والمراجعة المعتمدة عالمياً.
-أما على صعيد الحضور الدولي في مختلف الهيئات المهنية الدولية، فقد بدأنا نستعيد موقعنا على الخارطة الدولية المهنية وبصورة مشرقة، ومن أهمها حضورنا الفاعل في مؤتمر فريق الخبراء الحكومي الدولي العامل المعني بالمعايير الدولية للمحاسبة والإبلاغ في منظمة الامم المتحدة، الأونكتاد، من خلال تقديم ورقة عمل.
– يبقى تفعيل المجلس الأعلى للمحاسبة الذي تتمثل فيه وزارة المالية ووزارة الإقتصاد ومصرف لبنان ونقابتنا والهيئات الإقتصادية من أولوياتنا ومسؤولياتنا المشتركة مع وزارة المال بالأساس، بما فيه من مصلحة وطنية بكل ما يتعلق في الشأن المالي والمحاسبي والضرائبي من ناحية مشاركة ودور هذا المجلس في وضع وتحديث الأنظمة والقوانين (قانون التجارة، وقانون ضريبة الدخل وغيرها من المراسيم والقرارات ذي الصلة) لتتلائم مع تطور الإقتصاد الوطني ومتطلبات إعداد البيانات المالية وقواعد التدقيق وفقا للأصول المتبعة عالمياً، وإن لناحية تطوير نظامه ليتضمن نطاق عمله دوراً اشرافياً على أعمال التدقيق للمنشآت المدرجة في الأسواق المالية وتلك ذي منفعة عامة.
– ويبقى أن الهدف الأساسي هو تحديث قانون تنظيم المهنة بما يتلاءم مع متطلبات العصر المهنية والإقتصادية بما يتضمنه من تأمين للحصانة المهنية للخبير. هذا ويعود على مجلس النقابة حق تقدير التقصير او الإهمال او المخالفة بناء على رأي لجنة مهنية يتم تكليفها من قبله
كلمة الختام كانت للوزير خليل ممثلاً رئيس الحكومة، قال فيها: “… يسعدني أن أعبر عن إيمان عميق كجهة حكومية رسمية بضرورة التعامل والتكامل أيضاً بين القطاع العام والقطاع الخاص، وهو تكامل يكتسب أهمية خاصة إذا ما تطلعنا إلى حاجة قطاعنا العام، وبمسؤولية أقول أن مؤتمركم بمثل هذا التكامل والتفاعل الحقيقي مع النقابات المتصلة بعمل وزارة المال والوزارات المختلفة، إذ إننا أكثر من أي يوم مضى، نشعر بالحاجة إلى ممارسة تتسم بالشفافية والمسؤولية والحس العملي في مقاربة الملفات التي لها علاقة بإدارة المال العام والشأن المالي وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال رقابة مسؤولة قادرة على أن تحدد مكامن الخلل وتساعد على اطلاق الحلول والبرامج النافعة لها”.
وأضافَ: “نعم إن هذه العلاقة الوثيقة والمترابطة بين وزارة المال ونقابة المحاسبين المجازين والمراقبين وقطاع التدقيق هي علاقة تفرض علينا أن نبحث معاً عن كيفية رفع مستوى هذا العمل على مستوى الاختصاص بهدف تقديم وإصدار البيانات المالية الشفافة التي تعكس الواقع من أجل خلق بيئة ملائمة حقيقة لعالم الأعمال والاستثمار، وهذا أمر مهم للغاية حيث أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا إذا توجهنا ووفق سياستنا التي عبرنا عنها في المجالات المتصلة بهذا العمل، على تعزيز استقلالية الخبير في المحاسبة وتأمين حصانة مهنية وقانونية له بالشكل الذي يستطيع من خلاله أن يمارس هذه المسؤولية بقناعة والتزام مهني وصدق بعيدا من أي شكل من الضغوطات التي تحد من عمله وتجعله عملا غير قادر على أن يعكس الأمر الواقع ومواقع الخلل”.
وقال: “هناك أمر آخر وهو خلق آليات بعيدا من الشعار العام للتعاون بين هذه النقابة وبين المتخصصين في هذا المجال وأجهزة الرقابة الحكومية على مستوى لبنان، وعلى مستوى أي دولة من الدول، لأن مثل هذا التكامل بين أجهزة التدقيق الخاصة في المحاسبة وبين أجهزة الرقابة في الدولة هو أمر يدفع باتجاه تحصين وضع المالية العامة”.
وقال: “كوزارة للمال، نعترف أمامكم أن عجز الدولة جعلها غير قادرة خلال عشر سنوات على إقرار موازنة عامة للدولة، وبالتالي لا يصح أن نتحدث عن إدارة سليمة للوضع المالي من دون إقرار موازنة عامة للدولة نستطيع من خلالها رسم رؤية لسياستنا المالية والاقتصادية والتنموية تساهم في عملية ضبط الواردات والنفقات”.
وأكّد “اننا حريصون على أن نعلن أن الوزارة قد سعت جاهدة من أجل الحصول على بيانات مالية شفافة تعكس الواقع في إعادة تدوين حسابات الدولة ككل بدءا من العام 1997 حتى العام 2010، وهو عمل مضن كان لا بد منه بعد انقطاع وبعد تراكم الكثير من الثغرات التي أدت إلى عدم إنجاز الحسابات في وقتها، وطرح الكثير من علامات الاستفهام وأدخلت البلد في جدل سياسي طويل لا بد من الخروج منه للتأسيس لقواعد سليمة نستطيع معها أن نخرج من الدوامة التي نعيش”.