سجلت أسعار الخام الأميركي ومزيج «برنت» هبوطاً حاداً أمس بعد اجتماع وزير النفط الإيراني بيغن زنغنة مع نظيره السعودي علي النعيمي في فيينا، قبل يوم على اجتماع «منظمة الدول المصدرة للنفط» (أوبك). وأشار زنغنة إلى أن اجتماعه بالنعيمي كان «ممتازاً» وإن مواقفهما أصبحت «شديدة التقارب»، لافتاً إلى وجود إجماع في «أوبك» على مراقبة السوق بكل حرص.
وبقيت المنظمة منقسمة قبل أحد أهم اجتماعاتها منذ سنين، مع استمرار رفض السعودية خفض إنتاج المنظمة، فيما دعت إيران إلى التصدي للفائض المتزايد للعرض في السوق النفطية.
وصرح وزير النفط الإيراني لدى وصوله إلى فيينا أن السوق النفطية تسجل فائضاً في التموين، مؤكداً أن الوضع سيتفاقم العام المقبل ويترتب على «أوبك» أن تعالج المسألة بمساعدة من الدول المنتجة غير الأعضاء في المنظمة. وقال «جميع الخبراء يعتقدون أن هناك فائضاً في العرض في السوق النفطية وأن الفائض سيزداد العام المقبل». وأضاف «علينا أن نتناقش ونقابل وجهات نظرنا ونتخذ قراراً لضبط السوق (…) للتعامل مع هذا الوضع يجب أن نحصل على مساهمة من الدول المنتجة من خارج أوبك،» وذلك غداة اجتماع بين وزيري فنزويلا والسعودية العضوين في المنظمة، ووزيري روسيا والمكسيك غير العضوين فيها. واتفقت الدول الأربع على الاجتماع مجدداً في شباط (فبراير). وأعلنت شركة «روسنفت» الروسية خفضاً رمزياً لإنتاجها يبلغ 25 الف برميل يومياً.
وأشار النعيمي أمس إلى انه سيدافع عن إبقاء إنتاج «أوبك» على حاله ما يقضي على الآمال بخفض السقف. ونقلت وكالة «داو جونز نيوزوايرز» عنه قوله «إن السوق ستستقر في نهاية المطاف». وعلّق المحلّلون في مصرف «كومرزبنك» بالقول «نظراً إلى هذه التصريحات لم يعد هناك الكثير من الفرص ليتقرر خفض للإنتاج أثناء اجتماع أوبك».
إلى ذلك، حذت الإمارات حذو السعودية إذ قال وزير النفط فيها سهيل بن محمد المزروعي «لا ينبغي للمنظمة أن تنزعج إذ إن الأسعار ستستقر قريباً،» كما صعّدت الإمارات الضغط على المنتجين المستقلين غير الأعضاء في «أوبك» للمساهمة في ضبط المعروض العالمي.
وقال المزروعي في حديث إلى وكالة «رويترز» «لن نصاب بالذعر فهذه ليست المرة الأولى وليست أزمة تستدعي انزعاجنا (…) لقد شهدنا مستويات أقل» للأسعار من قبل. وتابع «ستضبط السوق من تلقاء نفسها في نهاية المطاف» مضيفاً أن هبوط الأسعار لن يدوم طويلاً. وأوضح أن «أوبك» ستنظر في كل الخيارات قائلاً «لسنا مهتمين بالإصلاحات القصيرة الأجل لأننا نعلم أنها لن تدوم.» وأضاف «أرى أنه يجب ألا تتولى أوبك وحدها مهمة إصلاح هذه المشكلة، فأوبك لم تكن المسؤولة عن تخمة المعروض، التي نجمت عن طفرة إنتاج النفط غير التقليدي (…) أعتقد أنه ينبغي على الجميع لعب دور في إشاعة التوازن في السوق لا أوبك وحدها».
وأشار الوزير الإماراتي إلى أن «أوبك» لا تستهدف مستويات محددة للأسعار أياً كان القرار الذي ستتخذه اليوم. وقال «أعتقد أن السؤال عن السعر المناسب لم يعد سؤالاً يوجه لأوبك».
ومن ليبيا أفاد الناطق باسم الحكومة المعترف بها دولياً، محمد بزازة، بأن الحكومة التي تأخذ من شرق ليبيا مقراً سترسل وفداً إلى اجتماع «أوبك» في فيينا. وقال «الوفد شُكّل من ثلاثة أفراد لتمثيل ليبيا في الاجتماع». وفي وقت سابق قال وزير النفط في الحكومة الليبية المنافسة التي تسيطر على طرابلس، ماشاء الله الزوي، إنه يعتزم التوجه على رأس وفد لحضور الاجتماع، مؤكداً أن حكومته سترفض الالتزام بأي قرارات في ما يتعلق بالإنتاج إذا لم يسمح له بالمشاركة.
في الأسواق، واصل «برنت» خسائره منخفضاً 86 سنتاً إلى 77.47 دولار للبرميل وكذلك الخام الأميركي الذي نزل 74 سنتاً إلى 73.35 دولار للبرميل.
وأعلنت «دائرة شؤون النفط» في دبي أن الإمارة حددت فرق السعر الرسمي لشحنات نفط شباط (فبراير) مع العقود الآجلة للخام العماني بخصم قدره 1.80 دولار للبرميل.
إلى ذلك، أوضح وزير المال الروسي أنطون سيلوانوف، أن روسيا تتوقع أن يبلغ متوسط سعر النفط نحو 80 إلى 90 دولاراً للبرميل في المدى المتوسط وربما الطويل أيضاً. وتحتاج روسيا إلى سعر يبلغ 100 دولار للبرميل لضبط موازانتها. وأبلغ سيلوانوف البرلمان أن إيرادات الموازنة قد تتراجع أكثر من تريليون روبل (21.5 بليون دولار) في 2015 بسبب أسعار النفط الضعيفة والنمو الاقتصادي المنخفض.
وشكك وزير الطاقة، ألكسندر نوفاك، في أن تقرّر «أوبك» خفض حصص الإنتاج لدعم أسعار النفط. وأبلغ الوزير الصحافيين بأن شركات النفط الروسية ستنتج العام المقبل كمية النفط ذاتها تقريباً التي أنتجتها هذه السنة.
من جهة أخرى، أفاد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية بأن الولايات المتحدة تعكف على مراجعة التزامها القائم منذ 35 سنة تزويد إسرائيل بالنفط في حالات الطوارئ وذلك بعد أن حل أجل الاتفاق أول من أمس. وأشار المسؤول إلى أن واشنطن «تجري اتصالات وثيقة مع حكومة إسرائيل في شأن تمديد مذكرة التفاهم القائمة منذ فترة طويلة» بين البلدين بخصوص إمدادات النفط الطارئة.