IMLebanon

عاليه: «الأفوكادو» أمل مزارعي الجبل

avoca
انور عقل ضو

غالباً ما يلجأ المزارعون إلى تنويع زراعاتهم وهم متروكون لمصيرهم يواجهون مشكلات لا عدّ ولا حصر لها، من كلفة الإنتاج وصولاً إلى تسويقه، كما هي حال مزارعي التفاح في هذه الفترة وهم يدأبون لتصريف الانتاج وسط مخاوف من تلف كميات كبيرة منه.
ولأن المزارعين محكومون بالعمل في هذا القطاع فهم دائمو البحث عن زراعات بديلة، يخفقون أحيانا وينجحون في أحيان كثيرة.
فعلى سبيل المثال، لم تنجح زراعة أشجار «القشطة» في بعض المناطق، وتبين أن الطبيعة الجبلية غير ملائمة لتأمين نوعية جيدة ووفرة في الانتاج، فيما نجحت زراعة «الكيوي» وأصبحت على قائمة الروزنامة الزراعية في عاليه والمتن الأعلى. وقبل سنوات عدة نجحت أيضاً زراعة «الأفوكادو Avocado» وسط إقبال كبير على زراعتها، ولا سيما في المناطق التي يتراوح ارتفاعها بين 600 و1000 متر عن سطح البحر، وبدأ المزارعون بتسويقها على نطاق واسع وبأسعار منافسة للأفوكادو المستورد من الخارج، ولعل لهذا السبب تدنت أسعاره، حتى أننا ما عدنا نرى إلا نادرا الأفوكادو الأجنبي في المحال التجارية.
في المقابل، يجمع مزارعون التقتهم «السفير» على أن زراعة الأفوكادو تنمو بمعزلٍ عن الدعم الرسمي. ويؤكّد المزارعون أنّ الأفوكادو قادر على المنافسة ويمكن تصدير كميات كبيرة منه إلى الخارج لا سيما الدول العربية، إنما ذلك يبقى رهناً بالدعم الحكومي له، لا سيما وزارة الزراعة.
التغيّر المناخي
يقول رئيس «جمعية غدي» البيئية المسؤول عن المشتل الزراعي الخاص بالجمعية فادي غانم ان «ثمة عواملَ كثيرة دفعت المزارعين الى زراعة الأفوكادو «اهمها التغير المناخي الذي بات أمرا واقعا يتكيف معه المزارع». وقال: «صحيح أن مشتلنا الزراعي القائم على أرض تابعة للرهبانية الشويرية في بلدة بمكين – قضاء عاليه في إطار شراكة وتعاون مع مدرسة النهضة – دير الشير لا يتوخى الربح ويهدف إلى تشجيع زراعة الاشجار الحرجية اللبنانية المنشأ، إلا ان من بين أهدافنا أيضا رفد المزارعين ومساعدتهم لزراعة أنواع جديدة من الأشجار المثمرة، ومن بينها الأفوكادو»، مشيرا إلى أن «البيئة تفترض إيلاء قضايا التنمية اهتماما يوازي الاهتمام بقضايا التلوث والاعتداء على الاحراج والثروات الطبيعية».
ويلفت الانتباه إلى اننا «نؤمن للمزارعين الأغراس، لكننا نؤكد لهم على ضرورة اعتماد الأفوكادو كنوع إضافي من زراعاتهم وألا يتخلوا عن الزراعات التقليدية»، مشددا في الوقت نفسه على أهمية «تكييف الزراعة في لبنان مع التغير المناخي ولكن من دون المغامرة وبخطوات مدروسة».
إقبال كبير
المهندسة الزراعية جنان أبو سعيد (صاحبة مشتل زراعي في منطقة عاريا) توضح أن «هناك إقبالا كبيرا على شراء أغراس الأفوكادو بعدما انتشرت زراعتها منذ نحو عشر سنوات في منطقة عاليه الوسطى وفي المتن الأعلى، ولا سيما في قرى: عاريا، شويت، العبادية، رويسة البلوط، بعلشميه والهلالية، وهي قرى متوسطة الارتفاع (600 و800 متر)».
وتفيد بأن «كثيرين يزرعونها على ارتفاع 1000 متر، وهي تثمر بكثرة على هذا الارتفاع، الا في حال كان الطقس متطرفا لناحية البرودة». وتشير الى أن «التغير المناخي جعل من المناطق متوسطة الارتفاع مناطق مثالية لزراعة الأفوكادو، لأنه في السابق كان من الصعب أن تنتج بكميات كبيرة في مناطق جبلية».
وترى أبو سعيد أن «ما شجع المزارعين على زراعتها هو أن أمراضها قليلة، مقارنة مع الأشجار الجبلية المثمرة، فضلا عن أنها تنمو بسرعة وتبدأ الانتاج بعد ثلاث سنوات وبعد خمس سنوات تنتج الثمار بكميات كبيرة وهي تنمو لتصبح بحجم شجرة الجوز».
تسويق الإنتاج
يخبر المزارع إيلي ماضي قصّته مع هذه الزراعة، يقول: «زرعت في البداية شجرتين منذ 7 سنوات، والآن لدي 40 شجرة ومنذ سنتين أسوق الانتاج في بيروت وبعض أسواق عاليه والمتن الأعلى». ويضيف: «في البداية زرعت غرستين لمعرفة ما إذا كانتا ستنموان وتثمران وفوجئت بوفرة ثمارهما وحجمها ومذاقهما ما شجعني على المضي في التجربة وزراعة أغراس جديدة عاما بعد عام».
ويلفت المزارع سعيد ابو زين الدين الانتباه إلى أن «اعتمادنا على زراعة الافوكادو ساهم في جعل هذه الثمرة في متناول الجميع»، مذكّراً بأنه «قبل أن تتوسع زراعة الافوكادو الى المناطق المرتفعة كان سعر الكيلو يتجاوز الـ 10000 آلاف ليرة، فيما تدنت أسعاره الى 3 و 4 آلاف مؤخرا، حتى أنه كانت تباع كل ثمرة على حدة كما كان الحال مع (الكيوي)».
ويوضح طوني النوار أن «في مقدورنا التصدير إلى الخارج ولا سيما إلى الدول العربية، إذا ساعدتنا الدولة في مجال التوضيب وفق معايير معينة لان انتاجنا قادر على المنافسة»، ويرى أن «وعي المواطن بأهمية الافوكادو كقيمة غذائية وعلاجية ساهم أيضا في الاقبال على هذه الثمار».