إستبعدت مصادر سياسية مطلعة التوصل إلى اتفاق بنتيجة الحوار المرتقب بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”- الفريقين الخصمين- لحل أزمة الاستحقاق الرئاسي. لافتة إلى أنه إذا كان “تيار المستقبل” ينظر إلى الحوار باعتباره ضرورة لتحييد لبنان عن حرائق المنطقة ومدخلاً لإنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ 25 مايو الماضي، فإن “حزب الله” يتوافق معه في نقطة تحييد لبنان عن أزمات المنطقة لكنه غير مستعد حتى الآن للتخلي عن دعم ترشيح حليفه النائب ميشال عون للرئاسة.
وأوضحت المصادر المطلعة لصحيفة “السياسة” الكويتية في هذا السياق أن “تيار المستقبل” تلقف بإيجابية الحديث المتزايد في الفترة الأخير من قبل مسؤولي “حزب الله” عن ضرورة الحوار لحماية الاستقرار الداخلي، وهو يسعى لإقناعه بأن استمرار الشغور الرئاسي دونه مخاطر كبيرة على الدولة ومؤسساتها، وإذا كان حريصاً على التهدئة الداخلية وإبعاد خطر تمدد أزمات المنطقة إلى لبنان فإن عليه تسهيل الانتخابات الرئاسية من خلال التخلي عن دعم عون والانتقال إلى مرحلة البحث عن مرشحين توافقيين للرئاسة.
وقللت المصادر نفسها من أهمية الأنباء عن قلق عون من إمكانية إنجاز صفقة على حسابه، جازمة بأن “الحزب” ليس في وارد التخلي عن ترشيحه باعتباره بات “خياراً إيرانياً”، وهو ما عكسه إعلان الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله شخصياً قبل أسابيع.
وأوضحت المصادر أن غايات “الحزب” من الحوار مختلفة عن غايات “تيار المستقبل”. فالأول يريد حصراً استمرار التهدئة على الساحة الداخلية وتحسين العلاقات مع “المستقبل” باعتباره تيار الاعتدال السني الأول في لبنان، أما الثاني فيسعى جدياً لإنهاء الفراغ الرئاسي في أسرع وقت ممكن لضمان انتظام عمل المؤسسات، باعتبار أن الدولة خياره الأول والأخير.
وأكدت المصادر أن الحوار مهدد بالفشل منذ بداياته إذا أصر “حزب الله” على نظريته القائلة بوجوب العودة إلى عون للحديث عن الاستحقاق الرئاسي، مشيرة إلى أن “المستقبل” سيصر على إبقاء الانتخابات الرئاسية بنداً أول على جدول الأعمال قبل الانتقال إلى غيره.
وإذ استبعدت أن يتطرق الحوار إلى انسحاب “حزب الله” من سوريا باعتبار المسألة باتت شأناً اقليمياً أكثر منها داخلياً لأن القرار إيراني في هذا الشأن، لم تبد المصادر كثيراً من التفاؤل بإمكانية إنقاذ الاستحقاق الرئاسي لأن إيران غير مستعدة للتنازل عن “الورقة اللبنانية” في ظل مفاوضاتها المستمرة مع الدول الكبرى حتى الصيف المقبل.
وقللت المصادر من أهمية تأكيد “حزب الله” أنه مستقل في قراراته الداخلية عن حليفيه الاقليميين-النظام السوري وإيران- مذكرة بتقديمه تنازلات مرات عدة بناء على معطيات اقليمية وتفاهمات تم التوصل إليها خارج الحدود، على غرار ما جرى الربيع الماضي عند تشكيل “حكومة المصلحة الوطنية” الحالية برئاسة تمام سلام حين تنازل عن الثلث المعطل)، وما جرى بعد أحداث 7 أيار 2008 عندما أفضت تسوية الدوحة إلى انتخاب الرئيس ميشال سليمان حين تنازل عن دعم وصول ميشال عون للرئاسة.
وأكدت المصادر المطلعة أن الحوار مع إيران “أجدى” من الحوار مع “حزب الله” في الشأن الرئاسي، باعتبار أن عون أصبح “رسمياً” وعملياً مرشح طهران ونظام دمشق ومن يدور في فلكهما من قوى سياسية لبنانية. وبالتالي فإن “حزب الله” وإن كان راغباً (وهو أمر مستبعد) بالتوصل إلى تسوية، فإنه عاجز عن السير برئيس توافقي.
ولفتت المصادر إلى أن توصل الحوار إلى حل لأزمة الفراغ الرئاسي رهن بـ”كلمة سر” من طهران، وأن أقصى ما يمكن أن ينتجه هو تهدئة الأوضاع الداخلية في ظل استمرار عمل الأجهزة الأمنية والعسكرية على محاصرة الخلايا الإرهابية النائمة وتفكيكها واعتقال أفرادها.
وبرأي المصادر، فإن الحوار بشكله الثنائي غير قادر على إنتاج حلول على المستوى الرئاسي لسبب داخلي جوهري أيضاً هو غياب المكون المسيحي عنه، وبالتالي فإن قدرته على التوصل إلى حل أو تسوية رهن بتوسيعه لاحقاً وانضمام الفرقاء المسيحيين الأساسيين إليه.
وبناء على ما تقدم، رجحت المصادر استمرار الفراغ الرئاسي أشهراً عدة على الأقل حتى الربيع المقبل وربما أيضاً حتى الصيف المقبل، ولم تستبعد أن يكسر الرقم القياسي الذي خلفه أول فراغ مع انقضاء ولاية الرئيس الأسبق أمين الجميل وهو 13 شهراً و13 يوماً، بين 23 أيلول 1988 و5 تشرين الثاني 1989، علماً أن آخر فراغ استمر ستة أشهر بين 24 تشرين الثاني 2007 و24 أيار 2008 بعد انتهاء ولاية الرئيس الأسبق اميل لحود.