حذر اقتصاديون من ارتفاع الأسعار في مصر بنسبة 10%، وخاصة المواد الغذائية، جراء ارتفاع العملة الأميركية أمام الجنيه في الأيام الأخيرة، إذ بلغ سعر الصرف 7.70 جنيهات للدولار الواحد مقابل 7.35 جنيهات في الشهر الماضي.
وأعلن محافظ البنك المركزي هشام رامز أنه بصدد اتخاذ إجراءات للقضاء على السوق السوداء نهائيا خلال الفترة المقبلة، موضحا أن هذه الإجراءات “ستكون فنية وليست بوليسية” وأنها تهدف لعودة سوق الصرف لطبيعتها خلال فترة قصيرة، لكنه لم يفصح عن هذه الإجراءات.
وفي تصريح صحفي، أكد رامز أن ودائع البنوك المصرية زادت خلال الشهرين الماضيين بنحو 16 مليار جنيه (2.2 مليار دولار) مما يعكس توافر السيولة بالسوق، لافتا إلى أن نسبة كبيرة من هذه السيولة موجودة في القطاع غير الرسمي.
محاربة المضاربين
وخلال مشاركته في المؤتمر المصرفي السنوي لاتحاد المصارف العربية الذي انعقد في العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بلبنان، قال رامز إنه سيتدخل “في الوقت المناسب” وسيكبد المضاربين “خسائر كبيرة”.
ويقول سكرتير غرفة الصناعات الغذائية بالإسكندرية أحمد صقر إن ارتفاع أسعار الدولار ينذر بالخطر، وسيزيد سعر المنتجات الغذائية بـ10%.
وأوضح صقر -في تصريحات صحفية- أن الزيادة ستنعكس على معظم العمليات المتعلقة بالاستيراد كالجمارك، وتكاليف النقل والتشغيل “وهو ما سيؤثر سلباً على المستوردين ويحول دون تحقيقهم أي مكاسب، وربما يعرضهم لخسائر كبيرة”.
غير مبررة
وأشار الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب إلى أنه لا يرى سببا مقنعا لارتفاع سعر الدولار، والذي وصل إلى 5.1%.
ويضيف أن بعض الخبراء اعتبروا رد القاهرة الوديعة القطرية البالغة 2.5 مليار دولار، وانخفاض عوائد الصادرات إلى نحو 27 مليار دولار بعدما كانت ثلاثين مليارا، وزيادة قيمة الواردات لتبلغ 48 مليار هي الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع.
لكن عبد المطلب رد على هذا بالقول إن “هذه الأسباب رغم وجاهتها إلا أنها ليست جديدة، فلماذا تجلت آثارها الآن؟” مؤكدا أن هذه الزيادة “غير مبررة اقتصاديا، وسببها هو استغلال البعض الظروف الصعبة التي تمر بها مصر لتحقيق مكاسب شخصية”.
الآليات القانونية
وعما يمكن أن يتخذه المركزي من إجراءات لمواجهة هذا الوضع، ذكر الاقتصادي المصري أن البنك “لا يملك آليات قانونية واضحة لمواجهة ارتفاع أسعار الدولار في السوق الموازية (السوداء)”.
وأضاف “لا يوجد قانون يجرم حمل المواطن المصري للنقد الأجنبي، أو استخدامه كأداة للوفاء بمشترياته، وكل ما يملكه البنك المركزي هو فرض غرامات على شركات الصرافة والبنوك التي تخالف السعر المعلن، وهو أمر غاية في الصعوبة”.
وخلص عبد المطلب إلى أن هذا الارتفاع “سيرفع أسعار السلع كافة، بغض النظر عن كونها محلية أو مستوردة، فمصر تستورد أكثر من 50% من احتياجاتها الكلية، وستنعكس هذه الزيادة على المواطن”.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية أحمد شيحة قوله إن أكثر من 90% من الواردات المصرية تتم بشكل رئيسي بالدولار، ما يعني أن استقرار سعر صرف العملات سيرتكز على استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في مصر.
رأي مخالف
وفي المقابل، قلل الاقتصادي هشام إبراهيم من احتمال تأثر السلع الغذائية بارتفاع صرف الدولار بالسوق السوداء، معللا ذلك بتوفير المركزي لاحتياجات المستوردين وخاصة للسلع الغذائية. وأضاف في تصريح صحفي أن الأسعار قد تشهد ارتفاعا في حال لم يتمكن الجهاز المصرفي من توفير متطلبات المستوردين، خاصة مشتريات السلع الإستراتيجية.
يُشار إلى أن الاحتياطي النقدي المصري بلغ 16.9 مليار دولار بنهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع ملاحظة أن الاحتياطي المصري يعتمد على الودائع الخارجية وخاصة الخليجية منها.