IMLebanon

عودة السيّاح إلى القاهرة تبشر بغد اقتصادي أفضل

Egypttourism
بورزو داراجاهي

عاد الزوار الأجانب إلى الظهور في المواقع الشهيرة في القاهرة، وهي عودة تؤكدها إحصاءات تُظهر أن صناعة السياحة في مصر، الدعامة الأساسية لاقتصادها المتعثر، شهدت انتعاشاً متواضعاً، يعد أحدث الدلائل على أن الصورة الاقتصادية الأوسع في البلاد يمكن أن تكون آخذة في التحسن.

وقفز عدد السياح القادمين إلى البلاد بنسبة 70 في المائة تقريبا في الربع الثالث من عام 2014، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وارتفع عدد القادمين في أيلول (سبتمبر) بنسبة 193 في المائة إلى 884 ألفا، مقارنة بـ 301 ألف في الشهر نفسه عام 2013.

كريستيان موهر، نائب رئيس عمليات فنادق هيلتون في مصر، التي تملك 18 عقارا في كل أنحاء البلاد، قال “إن القطاع بالكامل شهد انتعاشاً ملحوظاً في النصف الثاني من عام 2014، خاصة خلال مواسم العطلات في المنتجعات الشاطئية. والتوقعات لعام 2015 واعدة أيضاً”.

والسيّاح يعودون على الرغم من التوترات السياسية المستمرة وظهور إحدى الجماعات في العراق وبلاد الشام، المعروفة باسم داعش، وفي شبه جزيرة سيناء الشمالية. ورفعت بلدان أوروبية، منها إيطاليا وبلجيكا وألمانيا، التي تعتبر ثاني أكبر سوق للسياحة المصرية بعد روسيا، أو خففت تحذيرات خاصة بالسفر، وذلك بإعطاء الضوء الأخضر لشركات السياحة ووكلاء السفر للبدء في تسويق أرض الفراعنة.

وقال تيم بروك المقيم في المملكة المتحدة أثناء خروجه من المتحف المصري في القاهرة – مستودع الآثار المصرية الشهير على مستوى العالم – وسط حشد صغير من السياح من أمريكا الشمالية، وأوروبا، وآسيا: “لقد جئنا إلى هنا بسبب الطقس السيئ في المملكة المتحدة، واعتقدنا أن مصر ستكون هادئة الآن بلا كثير من السياح والحشود”.

وأضاف “لقد كانت الإقامة جيدة حتى الآن، نحن نشعر بالأمان. هناك الكثير من قوات الأمن في كل مكان”.

الجزء الأكبر من النمو في أعداد الزوار كان في القاهرة، مسرح الاضطرابات السياسية شبه المستمرة والاشتباكات في الشوارع منذ الانتفاضة في كانون الثاني (يناير) 2011 التي أسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك.

وقال هشام زعزوع، وزير السياحة، إن معدلات إشغال الفنادق في العاصمة ارتفعت من نسبة تراوح بين 10 و20 في المائة قبل عام إلى نحو 50 في المائة. وأضاف في مقابلة مع “فاينانشيال تايمز” “هناك عودة في قطاع السياحة. هناك تصوّر أن مصر تشرع في مسار مختلف وسيكون هناك اعتراف بأنها تدخل في فترة من الاستقرار”.

وذكرت شركة برايت سكاي للسياحة، المختصة في تنظيم الجولات في القاهرة، أنها تنظم نحو 300 إلى 400 جولة في العاصمة شهرياً، مقارنة بـ 150 جولة خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وقال مصطفى شعراوي، المرشد السياحي “الآن نحن نعود إلى الأرقام القديمة قبل الثورة”.

والمحللون يؤكدون هذا الاتجاه. محمد أبو باشا، خبير الاقتصاد في المجموعة المالية إي إف جي- هيرمس، بنك الاستثمار الرائد في مصر، قال “إننا لا نزال في مستوى أقل من عام 2010، لكن هذه هي الأرقام الأفضل على الإطلاق التي شهدناها منذ عام 2011”.

وأضاف “التطوّر والتحسّن المثير للاهتمام هو القاهرة. في معظم الأعوام الأربعة الماضية، كانت شرم الشيخ والغردقة [منتجع على البحر الأحمر] في وضع جيد نسبياً، لكن القاهرة كانت بوضع سيئ للغاية. هذه المرة التحسن بالفعل هو في القاهرة”.

وإذا كان في الإمكان استدامة التحسّن، فمن الممكن أن يولد القطاع 3.3 مليار دولار إضافي، أو 1.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، خلال العام المقبل، بحسب تقديرات شركة كابيتال إيكونوميكس الاستشارية التي يوجد مقرها في المملكة المتحدة. وذكرت الشركة في تقرير الأسبوع الماضي “سيعمل ارتفاع عدد السياح القادمين على توفير العملة الأجنبية، التي تشتد الحاجة إليها من أجل الاقتصاد”.

وسبق للأرقام السياحية أن انتعشت من قبل، عندما ارتفعت قليلاً بعد الانتخابات البرلمانية في أوائل عام 2012، ومرة أخرى في أوائل عام 2013 بعد انتخاب الرئيس السابق محمد مرسي.

لكن بعد توطيد السلطة من قِبل الرئيس عبد الفتاح السيسي في انتخابات أيار (مايو) الماضي، يرى كثير من المحللين والدبلوماسيين فترة من الاستقرار النسبي الذي فرضته قوات الأمن، بمساعدة شعور بالإنهاك من الاضطرابات السياسية.

ولا تزال عدة بلدان تحذر رعاياها من السفر إلى مصر، خصوصا في ضوء ارتفاع الهجمات من فروع القاعدة ضد قوات الأمن المصرية. لكن الحكومة تبذل أقصى ما في وسعها للتقليل من المخاطر على الزوار.

وقال زعزوع “يجب علينا إرسال الرسالة الصحيحة. هناك بعض العنف السياسي هنا وهناك، لكن المناطق السياحية تحت حماية دائمة”.